الحلقة 23 انتهت قصتها بالفشل الذريع وارتطمت أحلامها بالواقع القاسي هذا البرهوش خرج عليها ووراها الوجه الأخر للأحلام اللي ما كانتش عارفاه ليلة طويلة محفورة في ثنايا ذاكرة البوجادية و كأنها نذير شؤم، لم تنم خلالها ظلت تطلب صديقها مرارا وتكرارا حتى اقترب الفجر، لا مجيب فقط "الشهيبة" هي من يرد بدلا عنه قائلة أن خط مخاطبكم مقفل المرجو اعادة الاتصال لاحقا. ضاع الوقت إذن، هدرت منه الكثير على شرفات الترقب، سرقته خديعة الأحلام، لم تكن تعلم أن الأحلام أيضا تتقن فن السرقة، كلشي شفار على هذا الحساب الناس، الأحلام والأيام و كل يسرق على طريقته، تسرق الأيام العمر، وتسرق الأحلام الأماني و تجعلها مستحيلة و يسرق الناس أي شيء و كل شيء. أي زمن رديء هذا؟ ماذا فعلت البوجادية لتلقى هذا المصير المفجع. أكل ذنبها أنها كانت ساذجة حين أحبت شابا عابثا سرقها و تركها حائرة دون أن يبالي، تلاعب بها و أعدم براءتها و تركها للآلام و الأحزان تملأ عينيها و الدموع منبهرة على خديها. غذر بها وبدأت تحس بالضياع و القسوة صارت تكره الزمن و الوقت لأن وظيفتهما الأساسية هي تحطيم أحلامها و هدم أمانيها. زلزلت صدمة الحب هاته كيانها، كانت صفعة عنيفة لم ترحم قلبها البريء وأحاسيسها المرهفة فالحب نار وناره تحتاج لقلب شديد شجاع يستطيع تجاوز الألم بينما قلب البوجادية يتقلب على الجمر و يعاني. هروب حبيبها كان أول تجربة لها مع القلق هي التي عهدت أن تواجه كل المشاكل و الانكسارات بالابتسام وقول الدنيا هانية. لكن هذه المرة الدنيا ليست هانية لأن القضية فيها "كونط مشطب". بدأت تشعر أن لا معنى للحياة، فقدت البهجة و التفاعل مع الحياة و فقدت معهما الأمان و الشعور بالطمأنينة أصبحت غير قادرة على تفسير كآبتها. صارت كمن يتلمس طريقه في كهف مظلم و بالعربية تاعرابت ما بقات فاهمة والو، أويلي واش بصح هرب؟ واش مات؟ واش تودر؟ فينو حبيبها فينو؟ كانت لا تكف عن التساءل و قول لماذا، ميمكنش، مستحيل، كيفاش و علاش...؟ خرجت كل هذه الكلمات من فمها متقطعة و خرجت معها أنفاسها لاهثة. فهي لا تزال لم تصدق واخا كلشي ولى باين. فهي تعرف أن قصص الحب تكون مليئة بالمنغصات و المتاعب والآلام و تعرف أن دنيا المحبين يكون فيها الهجر والخصام و تعرف أنها تكون حبلى بالمفاجآت وقد رأت ذلك في المسلسلات المكسيكية حيث تتعرض البطلة خلال 800 حلقة لكل المتاعب و المنغصات لكن النهاية تكون دوما سعيدة و زوينة، وهذا ما تتمناه هي أيضا لقصة حبهما أن يعود حبيبها باش يديروا شي نهاية فاعلة تاركة فليست هذه هي النهاية التي تتوق إليها. لكن المسكينة هزها الماء فقد صنعت من وهج أحلامها واحة استندت في ظلها من شمس الحياة الحارقة لكن هذا البرهوش خرج عليها ووراها الوجه الأخر ر للأحلام اللي ما كانتش عارفاه. مر الآن يومان على غبور صديقها و هي تنتظر، لم ترد أن تتسرع و تدهب لبيتهم و تسأل عنه فقد كانت تخاف منه و من غضبه فلا لازال لديها بصيص من الأمل أنه سيعود، فلربما هو غابر لأنه يحضر لها مفاجأة. كانت عند المساء حين كان الجميع يخلد للنوم تبقى هي جالسة تطل من الشرجم لعله يمر من هنا أو من هناك أو يبعث برسالة sms أو يتصل لكن دون جدوى. في اليوم الثالث عزمت على الذهاب لبيته باش تشوف آش واقع وتسول عليه، فكانت ردة فعل أخواته اللواتي خرجن مشمرات على أذرعهن و معولات على خزيت كافية لتفهم البوجادية كل شيء. إنه فعلا سرق مالها و هرب. وبما أنها لم تكن تعرف فنون المناتفة والمرايشة فقد كمدتها وسكتات وعادت والشمتة تكاد تقتلها. مرت من أمام البنك جلست والفقسة بعينيها تتأمل كونطها المفروغ، تذكرت أيضا مدحت و دولت اللذين ماتا قبل حتى أن يولدا، هي التي كانت قد أنجبتهم ذات حلم و دارت ليهم كاع حتى السبوع وأخذت الزرورة ديالهم لكن في الحلم فقط. انتهت إذن قصتها بالفشل وانهارت آمالها العراض وأحلامها الموغلة في الخيال و ارتطمت بالواقع القاسي. وأصبحت معها مادة للنميمة حيث تجري التعابير على ألسنة صديقاتها متنذرات حينا ومشفقات حينا آخر. تذكرت كلامهن حين كن ينبهنها أنه ميصلاحش ليها وتذكرت أيضا حين كانت ترد عليهن و هي تردد أغنية الداودي قائلة "عندي كليب واحد، تمنيت أنا نهديه للحبيب اللي كنبغيه وما يسولني حتى واحد"، هاهي الآن تردد باغيا ننساه و نحيدو من بالي فهل ستستطيع، هي التي ما زالت تأمل أن تلتقيه و تسمع أخباره. للتواصل مع الكاتبة : [email protected] [email protected]