الحلقة6 ناسجة الأحلام بين نجمة معلقة وحبة مطر تهوي صحاب الخارج معندهومش مع كثرة دخل خرج ديال النكافات و 7 اللبسات اليوم يوم اثنين، غدا يوم ثلاثاء، و بعد غد يوم أربعاء .... هكذا الأيام، تتوالى ليترك كل يوم مكانه لليوم الموالي، أحيانا تأتي الأيام بالجديد و أحيانا تبقى الأشياء على ما هو عليه، وفي كل يوم تتواجه البوجادية مع الواقع، تركض الأيام من بين يديها و تتناثر على شرفات الوقت، لكن عقلها لا يمل الانتظار و لا يخشى المواجهة، فهو ما يزال قادرا على نسج المزيد من الأحلام والتطلعات والانتظارات. ها هي ككل مرة تعود لأحلامها يفيض قلبها بها و تعده بمتعة اللقاء المأمول، تبعث ابتسامة مشعة من بين شفتيها و كأن الأشياء صارت ملأَ يديها، ففي هاته اللحظة تكون في أحسن حالاتها، تعيش خارج الزمان، تتخيل نفسها حينا نجمة معلقة في السماء، و حينا حبة مطر تسقط لتروي الكون، و حينا ضوء قمر ساطع ينير عتمة الليل. فهل ستتحقق أحلام هاته المسكينة أم أن مادِّيتنا الجائعة ستقضي عليها؟ التقيتها مرة صدفة، فسلَّمت علي بحرارة و دعتني بطريقتها البوجادية المعهودة قائلة : -مرحبا بك عندي في فرنسا. فما كان مني إلا أن قبلتها بحرارة و قلت لها مبروك و على سلامتك، و أضفت الحمد لله أن أحلامك و تطلعاتك لم تذهب سدى، ها هي فرنسا تلوح في الأفق، و ها هي جاتك. فردَّت علي البوجادية بجدية قائلة : الحمد لله و راني قربت ندير العرس و العمارية و داك الشي كلُّو. فقلت لها : إيوا هنية عليك ألالَّة، و شكون هاد سعيد الحظ اللي غيخطفك و يحرمنا منك. فردت البوجادية بنفس الجدية والحماس، وهنا تأكدت أن هاته المسكينة "مازالة غازايدة فيه"، حين أخبرتني أن أحد صديقاتها أخذتها عند إحدى الشوافات، وحين بسطت لها هاته الأخيرة الكارطة، أكدت لها أن رجلا مربوع القد وقمحي اللون قادم من بلاد بعيدة والآن شاد الطريق ليأتي ويتزوجها، فقد رأته هاته السيدة قاصدا عتبة بيتهم طالبا الحلال. تمالكت نفسي لكي لا أضحك في وجهها و أفسد عليها فرحتها المزعومة و سألتها : -ولكنك قلت لي في بداية حديثنا، مرحبا بك عندي في فرنسا، فهل رأت هذه الشوافة ديالكم راية فرنسا في الكارطا؟ فأجابت البوجادية و كلها ثقة و حماس، أن الشوافة قالت لها أن هذا الرجل قادم من بلاد بعيدة و لم تسمي البلد، و أنها هي من اختارت فرنسا، مضيفة أنها عندما فكرت جيدا وجدت أن هذه البلاد مَتْكون غافرنسا، لأنها أولا تحب هذا البلد و تحب اللغة الفرنسية وتريد هي أيضا أن تصبح ساكنة فيها وتتكلم لغتها مثلها مثل أولئك السيدات صاحبات معامل الطرز والخياطة التي تشتغل معهن، فهن لا يتكلمن مع بعضهن إلا بالفرنسية ويتفلعصن بها على البوجادية و صديقاتها ، لذا تريد أن تغيضهم وتفقسهم وتصبح هي أيضا ممن يتحدثها. ولم تنسى أن تخبرني أنها شرعت في تحضير كل ما سيلزمها للعرس لأن هذا الزوج (المفترض) الآتي من بلاد بعيدة حتما سيكون مستعجلا و سيطلب مني أن نتمم كل شيء بسرعة ليأخذني معه، لتضيف أنه و لربح الوقت ستنقص عليها بعض الأشياء قبل أن يأتي قائلة : -غدي نْحَيَّد عليَّ داك الشي الصعيب من دب مَشي حتَّى يجي وعاد نْبْدا نتفتف. ولأساعدها في هبالها و حتى لا تغضب مني إن أنا حاولت أن أوقضها، لم أقل لها وحتى يْجي بَعْدَا و عاد بْدَاي فهاذ الشي، اقترحت عليها إن هي احتاجت أي شبء أن لا تتردد في طلب ذلك مني فسأساعدها بكل فرح و ما عليها إلا أن تتصل بي في البيت. شكرتني بدورها قائلة : -لَهْلا يخطِّيك عارفة اللي كاين، و أضافت أنها عَتْدير داك الشي غاخفيف مؤكدة و بكل ثقة و على نيتها كالعادة أن صْحاب الخارج معندهمش مع كثرة دْخُل خْرُج ديال النكافات و 7 اللبسات، لكنها رغم ذلك ستلبس لبسة العمارية باش تْطْلع ليها لأن هي اللي عليها العمدة و تأخذ صورا و هي راكبة فيها لتحتفظ بها و تشهرها في وجه كل من سوف يشكك يوما أنها مشات بلا عرس، و كذلك لن تستغني على لبس لبسة الحلوة الكبيرة كما أسمتها، يعني « La robe blanche » ، و هنا اقترحت عليها بخبث أن تطلب من هذا الزوج أن يحضرها معه من هناك، لأن مثل هاته الفساتين موديلاتها هناك أحسن، و ذكَّرتها أن لا تنسى أن هاته الفساتين تكون مكشوفة من الكتفين و الظهر و قلت لها و أنت لا تلبسين العرى، فكيفاش غدي ديري؟ فردت قائلة أن صْحاب الخارج متفتحين و عزيز عليهم العرى، مضيفة في استحياء غَنْوَلِّي نلبسو فاش نمشي لفرنسا، و تركتها قبل أن أنفجر ضاحكة في وجهها. للتواصل مع الكاتبة : [email protected]