المرأة؛ ذلك الكائن الحساس الرقيق الشفاف الزجاجي السهل الانكسار. يخصص لها يوم من كل سنة ترفع فيه الشعارات، تكرم المرأة، يحتفل بها وبإنجازاتها السنوية، تهدى لها وردة ومجموعة هدايا، تكرم يوما لتنسى بعده أياما تثار ضجة حول المرأة، ويوم المرأة احتفالات والإعلام على قدم وساق، والسؤال المطروح هنا أي امرأة نحتفل بها؟ تلك التي تنام على الحرير وتتزين بالذهب. تلك التي تقوم في الصباح لن نقول الباكر لتجد وجبة الفطور جاهزة تتناول ما لذ وطاب، تلتقط مفاتيح سيارتها وتغادر الى العمل إلى مكتبها الراقي، تجلس، تأخذ جهاز التحكم لتشغل مكيف الجو قبل أن تفتح حاسوبها. وبعد دقائق معدودة تضع عطرها الفاخر، تقفل باب المكتب وتخرج قاصدة الحفل الكبير الذي سيقام على شرفها ليكرموا المرأة التي تعبت وشقت. تلقي كلمتها، تدردش، وبعد ساعات تغادر الحفل لتتناول فنجان قهوتها المسائية رفقة صديقاتها. تعود لبيتها، تتناول العشاء، وتسرد تفاصيل يومها الشاق. وفي نفس اليوم نجد في الجبال البعيدة وفي الكهوف المظلمة أنثى ضاعت معالم أنوثتها بين مشاق البيت والتربية والعمل خارج البيت. تستيقظ صباحا بل فجرا توقد النار وتضع قدر الماء عليه لنتساءل قليلا كيف تشعل النار؟ ومن أين تحصل على هذا الماء الذي تضعه في القدر؟ الجواب يعرفه الجميع فكما نعلم تخرج فجرا لتحظر الحطب وتجلب الماء من البئر أو الساقية، تعود بعد ساعات بحملها لتشعل النار وتضع الماء ليغلي، تحضر العجين، وتأخذ الحطب لتشعل نار الفرن، فتطهو الخبز، وتحضر الفطور في ساعات طوال، تستيقظ الأسرة، تتناول الفطور، وتخرج المرأة لتحلب البقرة لبيع الحليب أو لإرضاع الطفل الصغير، تنهي مهام البيت وتخرج إلى الحقل لتعمل وهي لا تعرف حتى ما هو اليوم وفي أي شهر، وقد تجهل حتى السنة. هذه هي المرأة العاملة. عندما نذكر المرأة فإننا نقصد تلك التي حملت ثقلا لن تقوى عليه الجبال، وهما لن تستوعبه البحار، فلم تشتك يوما ولم تتذمر، كل همها إرضاء أسرتها. وفي مسيرتها هذه بين الحطب والساقية تموت نساء في صمت كئيب، فحوامل تموت قبل أن تلد، ونساء يموت جنينها في بطنها وقد لا تلد بعده، تحارب الحر وتقاوم الثلوج وبين هذا وذاك تموت. فبأي امرأة نحتفل يا ترى؟