الحلقة الثانية : في خضم الاشتغال على أطروحة "التربية والتنمية في مغرب ما بعد الاستقلال حالة التعليم العالي الجامعي"1956 /1992(مساهمة في سوسيولوجيا التربية) لمؤلفها (الدكتور عبد السلام الفراعي) أستاذ علم الاجتماع بجامعة ظهر مهراز فاس كلية الآداب والعلوم الإنسانية. أثارت العلاقة بين التربية والتنمية جدلا ونقاشا ساخنين بين الأكاديميين والسوسيولوجيين الذين انقسموا إلى عدة فرق وتكتلات، كما أخدت القضية بعدا سياسيا وأثرت على طبيعة الرأي السياسي واتجاهات تطوره، خاصة عندما يكون المجتمع في حالة أزمة اقتصادية أو تحت ضغوطات سياسية تقشفية ترمي إلى الحد من الاستثمار في القطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة والسكن..... ونجد أب السوسيولوجيا المغربية "د محمد جسوس" يقول حسب صاحب الأطروحة في مسألة الجامعة ومطالب التنمية، حقيقة أن العصر يتطور ويتقدم في عدة مجالات مادية ومعنوية،ولحد الآن فان هذا التطور في المغرب يحافظ على بقاء السلطة أو الطبقة "السمينة"في مكانتها النظيفة البراقة،وذلك نتيجة لذكائها حيث تخترع لكل عصر ما يلائمه من أفكار وقناعات وإيديولوجيات تساير التطور الفكري للمجتمع،فبعدما كانت السلفية في المغرب تقنع أفراد المجتمع بكلمات متسترة تحت غطاء الدين لضمان استقرار الكراسي العليا فالسلطة اليوم تجاوزت فكر السلفية لتبحث في "قاع الخابية"عن مرادف جديد يلاءم ويسوف الطبقة المحرومة، ونتمنى ألا تكون كلمة تنمية عددا ومرادفا من تلك المرادفات السالفة. ويكشف "الدكتور الفراعي" هنا عن الحجاب الذي تتستر وراءه الأنظمة التعليمية ليقول في حقها: "التغيير الشامل المنشود يبقى مجرد خرافة أو حلم يصعب تحويله إلى واقع ملموس إذا لم تشمل التربية مختلف الفئات الاجتماعية والعمرية" ،بعيدا عن كل درجات النخبوية التي تكرسها الأنظمة التعليمية العربية المغربية التي ترفع شعار "التربية المستديمة"أو "التربية من المهد إلى اللحد"..... ومنه يتبين أن الجامعة لا تعدو أن تكون اسما بدون مسمى،وبالتالي فليس هناك ترابط بين نظم التعليم العالي ومطالب التنمية، فالنسق التعليمي في هذه الظروف لايرمي إلى خدمة الغرض التنموي الذي تنتظره مختلف الفئات الاجتماعية ولاسيما الفئة الشعبية العريضة. وهنا نطالب بتعليم ديمقراطي لكل الفئات المجتمعية من أجل مجتمع متعلم تتساوى وتتشارك كل فئاته في إنتاج المعرفة وبذلك تحقيق التنمية،هذه الأخيرة التي من المفروض أن تربطها علاقة زواج حتمي بالجامعة بعيد عن الطلاق الذي لا تعرفه إلا الدول العربية والمغاربية، لعدة أسباب من أهمها غربة المناهج التعليمية التعلمية عن تربتنا الخصبة. إذن فضرورة الجامعة كمسلمة لا تقبل النقاش والمساومة في المجتمع المعاصر، وزواج الجامعة والتنمية أمر حتمي خاصة في التعليم العالي المغربي.