أوضح عبد الهادي العلمي، أحد مؤسسي حزب التجمع الوطني للأحرار وعضو مكتبه التنفيذي، في استجوابه مع "مغرب اليوم" أنه سيقاضي حزب التجمع الوطني للأحرار في شخص رئيسه صلاح الدين مزوار، وأعضاء المكتب التنفيذي الذين وقعوا القرار الجائر القاضي بفصله من الحزب على خلفية ما ينشر في أسبوعيتي "مغرب اليوم" و"لوتون"، ونظرا لأهمية الحوار في هذه الظرفية،إرتأت (أخبار بلادي)أن تعيد نشره للقراء. - عرف حزب التجمع الوطني للأحرار مؤخرا سلسلة من الهزات بين الاستقالات الجماعية، وكذا قرارات الفصل في حق مناضلين حزبيين، هل الأمر يتعلق بصراعات أجنحة أم ماذا؟ أبدا، الأمر لا يتعلق بصراعات أجنحة ولا بتيارات، كل ما هنالك أن مجموعة من الأشخاص يعملون ما بجهدهم لإقصاء التجمعيين المؤسسين الحقيقيين لحزب الأحرار، من أجل الحفاظ على مصالحهم الخاصة، ويتعلق الأمر هنا بحرس قديم من أولئك الذين انقلبوا على أحمد عصمان ومصطفى المنصوري من بعده، وتمكنوا من تنصيب صلاح الدين مزوار رئيسا في مؤتمر استثنائي بمراكش وحولوا الحزب إلى ما يشبه ضيعة خاصة في ملكيتهم يقررون في أموره وفق أهوائهم مستغلين فقدان الرئيس للتجربة السياسية وكثرة انشغالاته بسبب إشرافه على وزارة كبيرة من طينة وزارة الاقتصاد والمالية، حيث حولوه وهو الرجل الكفء النزيه إلى "رهينة" في يدهم، فهم من يقررون في أمور الحزب، بدليل أنه عندما عين جعفر هيكل، مديرا للمقر الجديد بالرباط بهدف تدبير الشؤون الإدارية، تدبيرا حداثيا وعصريا احتجوا على الرئيس، وهددوه صباحا بعدم حضورهم لاجتماعات المكتب التنفيذي، فما كان إلا أن استجاب لطلبهم وحصل على استقالته في المساء، هذا مجرد مثال، لأن الحزب يعيش مشاكل كبيرة في مختلف الجهات والأقاليم في طنجة، كما في سلا، وفاس، ومكناس، وأكادير وأيضا الدارالبيضاء ومراكش وغيرها... لقد خابت آمال التجمعيين الذين اعتقدوا أن مجيء مزوار سيصلح من حال الحزب وسيتم تنظيمه وتسييره بشكل ديمقراطي، خاصة أنه قطع على نفسه وعودا كثيرة عند انتخابه بمراكش، إلا أننا فوجئنا أنه لم يبدأ، وبعد مرور أزيد من سنة، حتى في التفكير في تطبيق ما وعد به، حيث أصبح الحزب حزبا شبه افتراضي: لا مقرات جهوية ومحلية معروفة بعناوينها، ولا لوائح المنخرطين معروفة ولا حتى عددهم؟ هذا ناهيك عن الظروف التي تعقد فيها اجتماعات المكتب التنفيذي، فلم يحدث يوما أن فتح نقاش حقيقي ومستفيض في قضية معينة، وما يجري هو أن الرئيس يقدم عرضا حول نقط جدول الأعمال على الحاضرين تم تحضيره مسبقا من طرف مجموعة الحرس القديم، وتتم المصادقة على ما جاء فيه دون نقاش جدي، وهذا ما جعل حتى المقترحات التي قدمها الحزب حول مشروع الحكم الذاتي أو الجهوية أو الإصلاح الدستوري ضعيفة وهزيلة، بل إنها لم تأت بجديد إن لم نقل إنها كانت أقل بكثير مما أراده جلالة الملك محمد السادس الذي طالب باقتراحات جريئة لمواكبة خطواته القوية في إصلاح وتحديث المملكة ودمقرطتها وحل مشاكلها. - لماذا لزمتم الصمت طوال مدة تولي صلاح الدين مزوار مسؤولية رئاسة الحزب؟ لا، لم نسكت وإنما حاولنا لأزيد من سنة، الإصلاح من الداخل، لقد راسلنا الرئيس صلاح الدين مزوار أكثر من مرة ومن كل الجهات وعقدنا معه جلسات، نبهناه فيها إلى المسار الانحداري الذي يسير فيه الحزب بعد أن فقد رئاسة مجلس النواب والمستشارين وعددا كبيرا من المستشارين البرلمانيين والجماعيين، كما فقد الكثير من طاقاته ومناضليه الذين اختاروا الانزواء أو تجميد عضويتهم في فاس وطنجة والبيضاء ومراكش، وهذا ما فسح المجال لقلة ممن أسميتهم الحرس القديم للتحكم في قرارات الحزب وتعطيل أجهزته المقررة من المجلس الوطني، الذي لم يجتمع يوما وكذا اللجنة المركزية التي اجتمعت مرة واحدة بصيغة استثنائية وخصصت هذا الاجتماع لدراسة الخطاب الملكي لتاسع مارس. على كل لقد جعل هؤلاء الحزب يعيش حالة استثناء منذ انتخاب، السيد الرئيس خلال مؤتمر استثنائي، والاجتماع اليتيم للجنة المركزية تم استثنائيا أيضا، ولعلهم سيعقدون مؤتمرا آخر استثنائيا في يونيو المقبل، وهي النقطة التي أفاضت الكأس، فقد اتضح أن ما يشغل بال هؤلاء هو الحفاظ على مصالحهم، وأنهم لا يستحضرون المرحلة التاريخية التي يمر منها المغرب الذي يقدم على تغييرات جذرية مرتبطة بالإصلاحات الدستورية وما يتطلبه الاستفتاء المنتظر، لذا كان من المفروض أن ينتظروا الموعد العادي لعقد المؤتمر. - هل المؤتمر المرتقب هو ما أزعجكم؟ أبدا، أنا لا أمارس السياسة لأهداف انتخابية، وإنما أمارسها بالمعنى النبيل للكلمة والذي يرعى مصالح البلد أولا وقبل كل شيء، كما أن ما أثار احتجاجات العديد من التجمعيين، هي الطريقة التي يرغب أعضاء الحرس القديم أن ينظم بها المؤتمر، بدءا من تحديد عدد المؤتمرين ونسبة كل جهة وإقليم منهم، وقد فوجئنا بعدد المؤتمرين الذي منح لكل جهة، اعتمادا على ما أسمته اللجنة التحضيرية بنتائج الانتخابات، وهذا خطأ حيث كان من المفروض أن يعتمدوا على المساحة الترابية لكل جهة وإقليم، وعدد السكان ثم عدد المنتخبين الجماعيين والبرلمانيين في كل جهة، أما قولهم إنهم اعتمدوا على نتائج الانتخابات كما قلت سالفا، فالغرض منه واضح وهو تنظيم مؤتمر على المقاس، مطبوخ وفق أهواء مجموعة، كل ما يهمها هو إعادة تثبيت أقدامها في الأجهزة التي ستنبثق عن المؤتمر. - هل هذا الصراع هو الذي دفعهم لاتخاذ قرار الفصل في حقك، أم بسبب ما أسماه بلاغ المكتب التنفيذي للحزب هجمة شرسة على رموزه وكذا الإضرار بمصالحه؟ فيما يخص هذا القرار فقد أصابته خروقات شكلية وجوهرية، ففي ما يخص الجانب الأول، وكما أوضحت في البيان الذي أصدرته، أن القرار يتعلق بطرد قيادي حزبي من مؤسسي حزب التجمع الوطني للأحرار، ولقد علمت به من خلال الجرائد، أي أنه لم يتصل بي أحد لمعرفة وجهة نظري كما ينص على ذلك القانون الأساسي للحزب، هذا من جهة، ومن جهة ثانية والذي أثار استغرابي، ربط قرار خطير كذاك بسبب مقالا ت نشرت في مجلتين لا تربطني بهما علاقة مباشرة سوى كوني أحد المساهمين في الشركة الناشرة لهما، وهذا لا يمنحني الحق في التدخل في خطهما التحريري. أما عن الخروقات الجوهرية فهي متعلقة بالظروف التي اتخذ فيها هذا القرار، وكذلك من اتخذه، فالقانون الأساسي للحزب واضح ولا يعطي لشلة من أعضاء المكتب التنفيذي الحق في اتخاذ القرارات التي تمكنهم من الحفاظ على مصالحهم الشخصية بطرد كل من يعبر عن رأي يخالف رأيهم . وللتذكير فقط، فالقانون الأساسي للحزب واضح، ومن يجب أن يتخذ قرار الطرد هو لجنة التأديب وليست جماعة من المكتب التنفيذي، كما يجب أن تكون مداولات هذه اللجنة المكونة من سبعة أعضاء سرية وقراراتها معللة قانونيا ومتخذة بأغلبية أعضائها، ثم وهذا هو الأهم، أن قانون الحزب ينص على أنه لا يجوز إصدار قرار تأديبي من طرف رئيس الحزب إلا بعد إشعار المعني بالأمر والاستماع إليه وإلى أوجه دفاعه. - أعلنت في بيان للصحافة أنك ستقاضي قيادة حزب الأحرار، في حين يتحدث البعض عن انشقاق حزبي وتأسيسك لحزب جديد؟ بالفعل لقد كلفت مجموعة من المحامين برفع دعوى قضائية ضد حزب التجمع الوطني للأحرار في شخص رئيسه صلاح الدين مزوار وأعضاء المكتب التنفيذي، الذين وقعوا على قرار الطرد أمام المحكمة الإدارية لأني أعتبر القرار إياه مبيتا وجائرا، ويمس شخصي ونضالي منذ أكثر من ثلاثين سنة ومواقفي الوفية لروح التجمع الوطني للأحرار منذ تأسيسه سنة 1978، وإلى حدود الساعة ما زلت أنتظر أن يتراجع من اتخذ ذلك القرار التعسفي عن غيه. أما عن تأسيس حزب جديد فسيكون الحل الأخير بالنسبة لي ولعدد من المناضلين في العديد من الجهات، لأن هدفنا ليس التقسيم أو الانشقاق، وإنما حاولنا بكل الطرق السياسية الوصول إلى حل للإشكاليات القائمة، كما أننا لا نطالب بشيء غير إعمال الديمقراطية الداخلية والقطع مع أساليب الماضي في التسيير وتدشين مرحلة جديدة تواكب الإصلاحات التي ما فتئ ملك البلاد يطالب بها للوصول إلى دولة الحق والقانون. وإذا لم يجد طلبي أذانا صاغية، سأسعى إلى تأسيس حزب جديد بمعية مناضلين تجمعيين وغير تجمعيين منفتح على شباب المغرب وقدراته، وذلك بعد أن يكون المغرب قد نظم استفتاءه المنتظر.