أخيرا ظهرت العروسة بعد أن طال انتظار العالم لها، وخصوصاً أهل سوريا في الداخل والخارج ظناً منهم أن الأمور ستتغير، وأن الدماء التي سقطت على مذبح الحرية سيقدم مرتكبيها للقصاص، وأن المشردين سيعودون إلى وطنهم بعد عشرات السنين من الحرمان. ظهرت العروسة لتكشف لنا عن الوجه السابق الدميم، رغم كل عمليات التجميل التي استمرت أياماً، في محاولة خلق وجه جديد بدلاً من الوجه السابق، ولكن هيهات فقد فاجأنا ظهورها بوجه أكثر دمامة وقبحاً من سابقه، وخيب الآمال، حتى أنه لم يترك مجالاً لأحد أن يدافع عن هذا النظام وأنه لا أمل في محاولة إصلاحه بداية ومن ثم دفعه للإصلاح بعدها، بل وضع الكثير أعينهم تقززاً لدى رؤية وجه العروسة الدميم. ظهرت العروسة وكل عيون هؤلاء شاخصة متمنية أن يثبت هذا النظام أن ما كانوا يروجون له من سنوات ممثلاً ببشار الأسد مختلفاً عن القيادة السابقة أيام أبيه المجرم حافظ، ولكنها ظهرت لتؤكد خيبة أملهم فالكلام الذي نطق به بشار قضى على كل آمل، عندما صرح بأنه على معرفة ودراية بكل ما يجري على ارض سوريا، وان من حوله يدفعون إلى الإصلاح، وكذلك إلى الإجرام وان الدماء التي سالت كانت بمعرفته مباشرة، وانه لن يحاسب أحداً على ما ارتكب لان أهل درعا الذين وصفهم بالشجاعة غير مسئولين عن قتلاهم، ولقد عفا عنهم هذه المرة!! وبعد أن كانوا يؤكدون أن تغييرات جذرية ستحدث في سوريا، جاء كلام فرعون سوريا ككلام فرعون مصر من قبله إذ قال: أن أهل درعا الذين قتلوا وسفكت دمائهم كلهم مجرمون وأن الشريف منهم هو الذي سيقوم بواد إرادة الشعب المطالب بالحرية، وليدعوا بعدها ما شاءوا فإن هؤلاء يريدون تبديل الدين وأن يظهروا في الأرض الفساد، وأن الصواب أنني لا أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد، يقول: " ولا يمكن لشخص أن يكون من موقعه يدافع عن الوطن وبنفس الوقت يتآمر على الوطن أو يضر بالوطن، هذا الكلام الصحيح وهو المعقول.. وبالتالي أهل درعا لا يحملون أية مسؤولية فيما حصل ولكنهم يحملون معنا المسؤولية في واد الفتنة..!! " رافضاً أن يضع أي جدول من أجل إجراء ما يعد به الشعب السوري من إصلاح طيلة سنوات حكمه الإحدى عشر، بل أكد أن هذه الأمور التي أعلن عنها بثينة شعبان، قد أقرت منذ عام 2005م ولكنها لم تنفذ، وان جرة الشباب السوري لم ترضخه لأي إعلان جديد!! وإنما منع تنفيذها الفساد المستشري في البلد!! ونسي هذا المستبد الذي كان حديثه عن مؤامرة خارجية تتعرض لها سوريا، نسي بأن الشعب الذي خرج تأسيا بإخوته في تونس ومصر؛ هم أبناءٌ وآباءٌ وأخوةٌ للملايين الذين يعيشون مشردين خارج بلدهم ويُمنعون من العودة إلى الوطن، نسي أن هؤلاء خرجوا يطالبون بإلغاء قانون الطوارئ لعل محاولتهم تلك أن تنجح في الضغط على الدولة من أجل العمل على بعض التغييرات التي من شأنها أن تعيد هؤلاء المشردين إلى بلدهم، بالإضافة إلى الآلاف من الأسرى الموجودون في زنازين السجون واختطاف عشرات الشبان في الأحداث الأخيرة والذين لا يعرف عنهم أهلهم شيئاً. ظن هذا النظام المستبد بأن متابعته لأنفاس الناس زفرة زفرة وشهقة شهقة بأنها ستخيفهم، وظن بأن قبضته ستمنع الناس من أن ينتفضوا عليه، ولكن بمجرد أن خرج الأطفال الصغار يكتبون على جدران بيوتات سوريا بأن يرحل بشار عنهم تزلزلت أركان هذا النظام الهش، وتمزقت رموزه وديست تحت الأقدام. إذ كان يتوقع هذا المجرم بأن الشعب السوري الأبي سيسكت عن كل هذه الجرائم، وأن جرائمه ستمحى من ذاكرة هذا الشعب الذي يُسجن أهله، ويُشرد عشرات الآلاف منهم في شرق الأرض وغربها، وكان آخر شيء يتوقع حدوثه أن تكون قيامته اقتربت، وأن هذا الشعب السوري الذي ينتفض اليوم إنما يجدد الحرية التي فقدها الناس خلال أربعين سنة، فالشعب يطالب بإلغاء قانون الطوارئ وعودة المشردين إلى بلادهم، وإخراج كل المعتقلين السياسيين داخل هذا البلد المنتهكة كرامته على مدى أربعة عقود من الزمن. ولكن هذا النظام السادر في غيه أعلن أن مسالة الطعام تمثل ما نسبته 99% من الإصلاحات التي يطالب بها شعبه، وان ما اخرج شعبه هو الجوع!! وأن قانون الطوارئ والمعتقلين لا أهمية له، ولهذا لم يتحدث عنه مطلقاً فكرامة الإنسان السوري لا تستحق أي حديث، وإطعام طفل وتجهيز الحليب له أهم بكثير من كل هذه الكرامات المنتهكة، وهنا يعترف بأنه قد أجاع شعبه بينما هو وأسرته ومن حولهم يسرقون الدولة، حتى عجز عن توفير غذاء لرضيع!! ظن هذا النظام بأن الناس بلا عقول حتى يصدقوا ما جرى على أرض سوريا وخصوصاً في اللاذقية إذ أكد كل شهود العيان بأن هذه العصابات المسلحة إنما هي عناصر أمنية بملابس مدنية تقوم بهذه الأعمال من أجل تشويه هذه الحركة، وإلصاق حركتهم بمؤامرة من الخارج، كما حدث في تونس ومصر، وقد أكد هيثم المانع أن كل الأعمال التخريبية التي حدثت في درعا إنما هي من أفعال رجال الأمن والمخابرات، ولكن الأسد كان مصراً على أن يظهر بمظهر الإنسان المستخف بالعقول، وان القنوات الفضائية تنجم بالغيب وتنشر الأخبار حتى قبل حدوثها، عندما تحدث: " وحتى نحن في الدولة لم نكن نعرف حقيقة ما جرى مثل كل الناس، لم نفهم ما الذي حصل حتى بدأت عمليات التخريب للمنشات وقد ظهرت الأمور، ما العلاقة بين الإصلاح والتخريب!! ما العلاقة بين الإصلاح والقتل!! حتى لدرجة انه في بعض الفضائيات لكي يعني يقولوا دائما يفكروا بالمؤامرة، لا يوجد نظرية مؤامرة يوجد مؤامرة في العالم في بعض الفضائيات أعلنوا عن تخريب أماكن محددة عامة قبل تخريبها بساعة كاملة، كيف عرفوا يعني هل هي قراءة للمستقبل!؟ حصلت أكثر من مرة عندها بادت الأمور تظهر، كان من الصعب علينا في البداية مكافحة هذا الموضوع لأن الناس ستخلط بين مكافحتنا للفتنة وبين مكافحتنا للإصلاح، نحن مع الإصلاح نحن مع الحاجات هذا واجب الدولة، ولكن نحن لا يمكن أن نكون مع الفتنة، عندما كشف الشعب السوري بوعيه الشعبي والوطني ما الذي يحصل أصبحت الأمور سهلة، وكان الرد لاحقاً أتى من قبل المواطنين أكثر مما أتى من قبل الدولة كما لاحظتم الدولة انكفأت وتركت جواب للمواطنين وهذا ما حقق المعالجة السليمة والسالمة والأمينة والوطنية وأعادت الوحدة الوطنية بشكل سريع إلى سوريا" فإذا كان هذا النظام السوري يعترض في كل لحظة عن شهود العيان، ويتبرم من الانترنت الذي كشف كل جرائمهم وفضح مؤامرتهم، بعد أن كانوا يرتكبون كل الجرائم بالخفاء قبل 2005م، وهذا ما أزعجهم وأخافهم لأن الشباب هذه المرة أكثر مراساً وتدرباً وسرعة لنقل الأحداث بالرغم من التعتيم الشديد من قبل النظام المستبد، فليفتحوا الأبواب لكل الصحفيين والمراسلين، وبعدها ستختفي كل شهود العيان، وستظهر حقيقة الألاعيب للناس وبيان مرتكبيها أياً كان، كما كشفت وسائل الإعلام فضيحة خيول مبارك وجماله!! وظن النظام بأنه سيخدع الناس بان هؤلاء الذين خرجوا البارحة في مظاهرات تأييد للنظام المجرم، بالنهم خرجوا بإرادتهم، ولكن وكالة رويتر أكدت أن النظام قام بإعطاء عطلة لطلبة المدارس وإعطاء ساعتين لموظفي الدولة ليشاركوا في هذه المظاهرات والتي أخرجوا فيها قسراً، وهم يعرفون بأنهم إذا لم يشاركوا في هذه المظاهرات، فإنهم سيقادون إلى السجون كما اقتيد اليوم خمسة محامون إلى مكان مجهول لوقوفهم إلى جانب المظاهرات السلمية، هؤلاء الجبناء المغلوب على أمرهم والذين استعبدهم الفرعون في بلدهم، سيكونون أول الناس رجوعاً إلى ضمائرهم بعد أن تميل الكفة بمن يستعبدهم. وظن النظام السوري بأن خدعته في ادعائه أنه نظام صمود وممانعة، ستنطلي على الشعوب الإسلامية ونحن لا نرى إلا الشعارات، والقتل يستحر بالشعب فقط ، بالرغم من ترويج بعض من الأغنام الذين يملئون الإعلام اليوم، ولا حديث لهم إلا أن لسوريا وضع خاص، وأنها الدولة التي تقف بوجه الصهاينة وترعى حركات المقاومة، فيقول الأسد متهماً الشباب الباحث عن الحرية والكرامة: " فإذا ما نراه هو مرحلة من المراحل التي لا نعرفها هل هي مرحلة أولى هل هي مراحل متقدمة، ولكن نحن يهمنا شيء وحيد المرحلة الأخيرة هي أن تُضعف سوريا هي أن تفتت سوريا هي أن تسقط وتزال آخر عقبة من وجه المخطط الإسرائيلي، هذا ما يهمنا كيف تسير المخططات لا يهمنا نحن نتحدث بهذه التفاصيل لأنهم سيتابعوا وسيعيدوا الكرة بشكل آخر، وكل تجربة تبنى على ما سبقها، إذا فشلوا فسوف يطوروا من هذه التجربة، وإذا نجحنا علينا أن ننطلق من هذه التجربة". ولكنهم ما دروا أن الأحداث لهم بالمرصاد لتكشف أكاذيبهم وأن لا عدو لهم إلا الشعب السوري، فمن الصحف الصهيونية التي تنقل منها قناة "الإخبارية السورية" ليل نهار عندما يتعلق الأمر بتخوفها من سوريا، جاءها الموت؛ حيث نشرت "صحيفة هأرتس الصهيونية" تقريراً حمل عنوان: " الأسد ملك إسرائيل" وأشار إلى حالة من القلق تنتاب الأوساط الصهيونية من احتمال سقوط نظام بشار الأسد بدمشق، وأن الكثيرين في تل أبيب يصلون من قلوبهم للرب بأن يحفظ سلامة النظام السوري الذي لم يحارب إسرائيل منذ عام 1973م رغم "شعاراته" المستمرة وعدائه "الظاهر"لها. وأضاف التقرير: " إنه بالرغم من تصريحات الأسد الأب والابن المعادية لإسرائيل، إلا أن هذه التصريحات لم تكن إلا "شعارات" خالية من المضمون، وتم استخدامها لهدف واحد فقط كشهادة ضمان وصمام أمان ضد أي مطلب شعبي" وهو نفس ما أكد عليه "ايلي نيسان" مراسل الشؤون البرلمانية في التلفزيون الإسرائيلي، لقناة "البي بي سي" بأنهم خائفون من رحيل النظام في سوريا. وبهذا يكون النظام السوري الذي لا زالت مكنات الإعلام تضخم دوره في التمثيل فقط، يثبت بأنه صديق ودود للصهاينة وأن الراحل حافظ الأسد بائع الجولان بجدارة، وأن الشعب سيبقى العدو الأول لهذا النظام، وأنه لن يقدم لهم خيراً ولن يفتح بوجههم أي حرية، وفي خطاب الأسد اليوم يؤكد هذا الواقع ويًقطع الطريق أمام الأبواق الكاذبة، التي كانت تعلن بأن هذا النظام سيعلن فتح الحريات أمام شعبه ولكنه لم يأتي بجديد ولم يستمع لصيحات شعبه التي تطالبه بأن يرعوي عن ظلمه، والأمر اليوم بيد شباب سوريا الذين سيثبتون للعالم أجمع بأن الشعب السوري لم تعد تخدعه شعارات الزيف التي ترفعها تلك الحكومة التي يصلي الصهاينة من أجلها كي لا ترحل، وأن مطالبه القادم لن تكون أقل من رحيل هذا النظام. وصدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما أخبرنا بأنه سيأتي علينا زمان يًصدّق في الكاذب ويُكذّب فيه الصادق، ويُؤتمن فيه الخائن ويُخون فيه الأمين، ومهما حاولت هذه الفراعنة وأنعامها والأضل من أنعامها أن تُعمل على قلب الحقائق فإن الحق ظهر ولو كره كل شياطين الكون وأعوانهم، والعاقبة للمتقين.