لا يزال الزعيم الليبي معمر القذافي متمسكا بالحكم الاحد رغم تصاعد ضغط الشارع والعقوبات الدولية التي فرضها عليه مجلس الامن والدعوات الغربية الى استقالته، فيما تسعى المعارضة لتشكيل حكومة انتقالية في شرق ليبيا. وفي اليوم الثالث عشر من انتفاضة غير مسبوقة لا ترد اي بوادر من القذافي توحي بانه قد يتخلى عن السلطة التي يمسك بزمامها منذ نحو 42 عاما. واعلن نجله سيف الاسلام الذي لطالما اعتبر خلفا مرجحا له، متحدثا مساء السبت ان "ثلاثة ارباع البلاد تعيش في حالة ممتازة". لكنه اقر بضرورة اجراء اصلاحات وقال انه كان يدعو اليها قبل وقوع الاحداث، معتبرا ان المستفيدين من الاضطرابات هم "الموجودون في اوروبا واميركا والخليج" في اشارة الى المعارضين الليبيين في الخارج بشكل خاص. وفي نيويورك تبنى مجلس الامن الدولي باجماع اعضائه ال15 السبت قرارا يقضي بفرض عقوبات قاسية على الزعيم الليبي معمر القذافي وعائلته ومقربين من نظامه. لكن ليس هناك ما يشير الى ان اجراءات تجميد ارصدة القذافي وابنائه وابنته ومقربين من النظام في الخارج ومنعهم من السفر وحظر مبيعات الاسلحة الى ليبيا ستكون كافية لارغام الزعيم الليبي على التخلي عن سياسة القمع التي يمارسها ضد المتظاهرين. واعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما ان القذافي "فقد الشرعية للحكم وعليه ان يرحل الان". وحذرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون من ان القمع الذي يمارسه نظام القذافي ضد الانتفاضة سيكون له "عواقب" لكن بدون ان تدعو الى رحيل القذافي خلافا للولايات المتحدة وفرنسا. كذلك اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مكالمة هاتفية مع نظيره الليبي موسى كوسا ان بلاده تدين الاستخدام "غير المقبول" للعنف ضد مدنيين في ليبيا، حسبما افادت وزارة الخارجية الروسية الاحد. وباتت المعارضة المسلحة تسيطر على شرق البلاد، فيما الوضع اكثر غموضا في المدن القريبة من طرابلس او المحيطة بها. وفي بنغازي ثاني مدن ليبيا على مسافة الف كلم شرق العاصمة والتي انطلقت منها الحركة الاحتجاجية، تنظم المعارضة صفوفها وتنتظر ان "تتحرر" طرابلس بدورها. واعلن وزير العدل السابق عبد الجليل الذي استقال من مهامه في 21 شباط/فبراير احتجاجا على استخدام العنف ضد المتظاهرين، عن مساع لتشكيل مجلس وطني برئاسته لتولي شؤون البلاد لمدة ثلاثة اشهر تحضيرا للانتخابات. وقال ان "الحكومة المقترحة ستضم شخصيات مدنية وعسكرية موثوقا بها وستسير شؤون كل المناطق المحررة لثلاثة اشهر، تتوج بانتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة، يختار الشعب بموجبها نوابه ورئيسه ديمقراطيا وفق العلاقات الدولية والمواثيق". وفي طرابلس لا يتنقل في الشوارع سوى مسلحين موالين للقذافي في سيارات رباعية الدفع، فيما السكان لا يخرجون من منازلهم سوى لشراء الخبز او البنزين الخاضعين للتقنين. وقال احد سكان طرابلس في اتصال هاتفي اجرته معه فرانس برس "ارسلت السلطات خلال الليل رسالتين قصيرتين عبر الهاتف الى سكان طرابلس تدعوهم للتوجه الى المصرف لتلقي 500 دينار (حوالى 406 دولارات). واضاف "قالوا ان نجلب معنا اخراج قيد عائلي. يحاولون شراء الناس"، مشيرا الى ان الاتصال بشبكة الانترنت ما زال مبلبلا. وقال ان الدبابات منتشرة على طول الشوارع المؤدية الى طرابلس وتسيطر على كل منافذ العاصمة. وفي شرق طرابلس قال احد السكان من انصار المعارضة في اتصال هاتفي ان القوات الموالية للقذافي قامت بانزال "مرتزقة" من مروحيات في مصراتة على مسافة 150 كلم من العاصمة ففتحوا النار السبت على مبنى الاذاعة محلية وعلى متظاهرين كانوا يشاركون في تشييع اشخاص قتلوا خلال الايام الماضية. ووصف سيف الاسلام القذافي في المقابلة اتهامات المعارضة للنظام الليبي بارسال مرتزقة افارقة لمحاربتهم بانها "نكتة". ولا يزال من الصعب تقدير عدد القتلى في ليبيا وقد تحدث الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن الف قتيل. وكان معمر القذافي اعلن مساء الجمعة في اول ظهور علني له امام حشد من مئات المؤيدين في وسط طرابلس "سنقاتل وننتصر" محذرا "سنفتح كافة مخازن السلاح لتسليح الشعب". ووسط الفوضى المخيمة، تواصلت عمليات اجلاء الرعايا الاجانب في ظروف صعبة وقد غادر عشرات الالاف ليبيا برا وبحرا وعبر الحدود التونسية والمصرية. واعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة الاحد ان "حوالى مئة الف شخص" معظمهم عمال مهاجرون من المصريين والتونسيين بصورة خاصة فروا من ليبيا الى الدول المجاورة خلال هذا الاسبوع هربا من اعمال العنف الجارية في هذا البلد. وكان الهلال الاحمر اعلن في وقت سابق عن "ازمة انسانية" وطلب المساعدة من الخارج معلنا لجوء اكثر من عشرة الاف شخص غالبيتهم من المصريين من ليبيا الى تونس من خلال معبر راس الجدير. وصرح منجي سليم رئيس اللجنة الاقليمية للهلال الاحمر في بن قردان اول مدينة بعد الحدود "انها ازمة انسانية، لقد تخطينا قدرة الاستقبال والناس ينامون في الخارج. اوجه نداء ملحا من اجل ان يساعد العالم على حل هذه المشكلة. على العالم باسره ان ينشط لمساعدة مصر على اعادة رعاياها". واخلى عناصر الجمارك الليبية المركز الحدودي الرئيسي بين ليبيا وتونس في رأس الجدير فيما لا يزال عسكريون وشرطيون موالون للقذافي موجودين فيه، كما افاد مسؤولون محليون وكالة فرانس برس. وعلقت الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا عمل سفاراتها لتعذر ضمان سلامة دبلوماسييها.