فبعد أن أصبحت حديث الخاص والعام، واكتست سمعة طفقت شهرتها آفاق المدينة، قررت المصالح الأمنية بالمدينة،التي عرفت تغييرا على مستوى هرم إدارتها، كسر جدارالصمت ،وتفعيل منطق "العين الحمرة" في حق هكذا نوع من التجارة. تم رفع راية التحدي، واستنفرت العديد من العناصر الأمنية للإنخراط في حملة واسعة، أراد القيمون عليها أن تعم مختلف المناطق والأحياء بالمدينة الحمراء،وأن تكون حربا شعواء لا تبقي ولاتدر على مجمل المحلات المتخصصة في ترويج الشيشا وكذا بعض مقاهي القمار،التي حولها أصحابها إلى نوادي خاصة.
نجحت الحملة المذكورة في اقتحام بعض الفضاءات التي ظلت عصية على المراقبة والمحاسبة، بالنظر لتمكن أصحابها من نسج علاقات عنكبوتية وتواطؤات،مع الجهات المفوض لها الإشراف على هذه المواقع.
مع انطلاقتها كشفت الحملة عن بعض الحقائق الصادمة،التي تؤشر في بعض تفاصيلها عن طبيعة التواطؤات التي حولت هذه المواقع والمحلات إلى قلاع حصينة، تدر على اصحابها أرباحا خيالية بعيدا عن اية مراقبة أو محاسبة.
فعلى مستوى حي المسيرة بمنطقة دوار العسكر، قادت ذيول الحملة الى احدى المقاهي التي كانت مثار احتجاجات السكان، وادت الى مواجهات كادت تخرج الامور عن السيطرة، قبل تدخل السلطات المحلية والامنية، ومصادرة كمية من النرجيلات، مع سحب رخصة "المقهى" التي اعتمدها اصحاب المحل للتغطية عن أنشطتهم الحقيقية .
بطريقة غير مفهومة عاد اصحاب المحل لفتح ابوابهم في وجوه "قبيلة المدمنين" من رجال وفتيات، مع استعمال طابق تحت ارضي كنادي قمار خاص بعيدا عن اعين المتطفلين، فيما تم تسخير ثلاث كلاب ضخمة لحماية الموقع، حيث انتهت الحملة المفاجئة إلى مصادرة 8 آلات قمار "رياشات" ومجموعة من النارجيلات، بالإضافة إلى توقيف ثلاثة مستخدمين وإحالتهم على القضاء.
امتدت الحملة إلى مجموعة من المقاهي والمحلات المتخصصة في هذا النوع من التجارة، بمناطق مختلفة، همت المنطقة السياحية جيليز،الداوديات، سيدي يوسف بن علي ومنطقة دوار العسكر،فتمت مصادرة مئات النارجيلات، وتوقيف عشرات الزبناء والفتيات وإحالتهم على الشرطة القضائية.
استشعر اصحاب المحلات الأخرى خطورة الوضع، فقرروا الإنحناء تحت ضغط العاصفة، ومن تمة إغلاق محلاتهم في انتظار انحسار موجة الحملة المفاجئة، التي كان القيمون عليها يعطون الإنطباع بأن زمن المحاباة والتواطؤات قد ولى، وان عهدا جديدا حل محله عنوانه الاساس"اللي فرط، يكرط".
حكمة الأشقاء بأرض الكنانة"ياخسارة ، الحلو ما بيكملش"،كانت في انتظار أصحاب الحال، حين بلوغ حملتهم بعض المحلات المتخصصة في هكذا نوع من التجارة، وكذا بعض قاعات الالعاب التي تفتح ابوابها في وجه القاصرين لساعات متأخرة من الليل، فوجدوا انفسهم في مواجهة قوة قاهرة، لاقدر لهم على مجابهتها، بالنظر لقوة ارتباطات اصحابها، وقربهم من هذه الجهة او تلك ذات النفوذ الذي يتجاوز اسوار مراكش، ويمتد إلى جهات مركزية نافذة، ما جعل الحملة المومأ اليها تقف عاجزة عن تخطي بوابات هذه المحلات، ويستشعر القيمون
عليها مغبة "التطاول"على فضاءاتها، وبالتالي قنعوا من الغنيمة بالإياب، ولسان حالهم يردد "فوق طاقتك ،لا تلام".
واقع أثار امتعاض وحنق العديد من أصحاب المحلات المماثلة ،الذي استنكروا سياسة"الكيل بمكيالين" واعتبروا الحملة قد اقتصرت على "الحويط القصيور"،وبالتالي التنديد بهذه الطريقة في التعامل، والجهر بقول"اللهم ان هذا منكر" ، خصوصا وان بعض المتخصصين في هذا النوع من التجارة، قد لجؤوزا الى استناب محلات جوار مساجدو مؤسسات تعليمية، مع فتح ابوابهم في وجه الصغار والكباردون رادع او وازع.
فوضى القطاع امتدت كذلك، إلى تحويل بعض الفضاءات إلى أوكار للقمار والميسر خارج القوانين المنظمة للمجال، وأصبح الراي العام المحلي يتناقل أخبار شخصية معروفة بالمدينة، تزود العديد من المقاهي والمحلات بآلات القمار الخاصة"الرياشات" مع توفير الحماية لأصحابها مقابل اقتسام الأرباح، فيما الجهات الأمنية تقف موقف العاجز،وهي تتابع هذه السلوكات دون ان تملك لنفسها لا حول ولاقوة في مواجهة سطوة ونفوذ لوبي هذه التجارة، الذي يجاهر بتجارته ويواجه الحملات الموسمية بشعار"الى وصلتي منخرك،عضو".