تحول مسجد الكتبية التاريخي، ليلة أول أمس الثلاثاء، إلى محج وقبلة للعديد من المصلين، جاءوا من مختلف أحياء المدينة الحمراء ونواحيها، وجلب صوت المقرئ وديع شاكر، آلاف المصلين الذين تجشموا عناء السفر، حيث قدموا من مدن الدارالبيضاء والرباط والمدن المجاورة، لإحياء ليلة ختم القرآن الكريم، في مسجد يعد من أكبر مساجد المملكة، بعد مسجد الحسن الثاني، الذي شهد بدوره توافد المصلين بالآلاف لختم القرآن خلف الإمام الظاهرة عمر القزابري. كانت ليلة الثلاثاء استثنائية بكل المقاييس، حيث توحدت فيها الجسد بالروح، إذ لاتسمع إلا صوتا يخرج من جوف المقرئ وديع شاكر كأنه آث من السماء إلى الأرض، صوت هدأ من روع النفوس وقرب مسافة الخشوع والتعبد بينها وبين خالقها، في جو رباني وأجواء روحانية. وتناول العديد من المواطنين الفطور في المسجد من أجل الظفر بمكان وراء الإمام وديع خلال ختمه للقرآن الكريم، ولم يتمكن عدد من الوافدين من إيجاد مكان ليضطروا إلى الصلاة في الشوارع القريبة من المسجد. وتدفقت أمواج بشرية من مختلف الأحياء في اتجاه مسجد الكتبية، دقائق بعد تناول وجبة الإفطار، وعجزت الشوارع والأزقة المؤدية إلى موقع المسجد عن استيعاب السيارات والدراجات النارية. وكان الحضور الأمني لافتا خلال ليلة الختم، في محيط المسجد، حيث انتشر رجال الأمن في النقط الإستراتيجية، وهي المداخل والشوارع المحيطة، من أجل ضمان سلاسة عملية المرور وضبط الأمن من أي انزلاقات أمنية يمكن أن تقع بالموازاة مع الصلاة. وأكد مصدر أمني، أن ولاية أمن مراكش وبمناسبة ليلة ختم القرآن دفعت بعناصر أمنية إضافية من أجل المساهمة في حفظ الأمن وتسهيل مغاردة المصلين بشكل سلس بعد انتهاء الصلاة، والحرص على تنظيم العملية وضمان أمن المصلين وممتلكاتهم مقارنة مع باقي أيام رمضان. وحسب معطيات حصلت عليها "كش24″، فإن عدد المصلين الذين أحيوا الليلة، تجاوز 80 ألف مصل، تفرقوا على القاعة الكبرى للمسجد وكل الساحات والفضاءات المجاورة، في الوقت الذي عرفت تعبئة في صفوف رجال الأمن والوقاية المدنية. وكانت الاستعدادات الأمنية والتنظيمية، في مستوى تطلعات المصلين الذين يفضلون إحياء ليلة ختم القرآن الكريم، خلف مقرئ يتمتع بصوت شجي ومؤثر ورخيم. وخلف دعاء الختم أثرا كبيرا في نفوس المصلين فتعالت الأصوات وأجهش البعض بالبكاء، ودخل عدد من المصلين في جو من الخشوع، وفي لحظات بكاء واستغفار، ودعاء مسترسل أتناء قراءة وديع شاكر دعاء ختم القرآن الكريم، وسجلت مجموعة من حالات إغماء، وصلت إلى 50 حالة في صفوف النساء و20 حالة في صفوف الرجال، ليتم نقلهن إلى فضاء خاص بالقرب من مسجد الكتبية لتلقي الإسعافات الأولية. وقال بعض المصلين إن المشهد خلال هذه الليلة شبيه بأجواء الحج لكثرة الوافدين من كل الفئات، مؤكدين أن تحمل أعباء التنقل إلى مسجد الكتبية القريب من ساحة جامع الفناء، قصد احياء ليلة ختم القرآن الكريم بهذه المعلمة، يعتبر شيء هين بالنظر إلى الراحة النفسية والخشوع الذي يحس به المصلي خلف المقرئ وديع شاكر. وأضافوا في لقاء مع "كش24″، أن شهر رمضان المبارك، يعد من المواسم الإيمانية السنوية التي تعزز الدور الروحاني لبيوت الله لاسيما في الليالي العشر الأخيرة منه حيث يزداد الاقبال على تأدية صلاة التهجد وليلة ختم القران الكريم، حرصا على مشاركة جموع المسلمين في هذه العبادة الفضيلة.