مع ارتفاع منسوب الجريمة الى مستويات تنذر بتفاقم الوضع الى ما هو اسوء داخل المجتمع المغربي، اصبح من الملح اعتماد استراتيجية جديدة للتصدي للظاهرة الاجرامية من خلال تقليص فرص حدوثها و اعادة بناء ترسانة قانونية تضمن ردع المجرمين على المستوى المتوسط و البعيد. و يُجمع المحللون ورجال قانون على ان تفاقم ظاهرة الاكتظاظ التي تشهدها المؤسسات السجنية في المغرب، أدت بدورها الى تنامي الظاهرة الاجرامية داخل المؤسسات السجنية حتى اصبحت تفرخ عدد كبير من المجرمين، ما يفسر حالة العود بين ذوي السوابق العدلية ما قزم دور هذه المؤسسات في توجيه المجرمين، في اطار اعادة الاصلاح و ادماج هذه الفئة من الجديد داخل المجتمع المغربي. لذلك تسعى وزارة العدل إلى إدراج نمط جديد من العقوبات البديلة للعقوبة السالبة للحرية، التخفيف من إشكالية اكتظاظ المؤسسات العقابية التي آثارت سلبا على وضع السجون في المملكة، للقضاء على اشكالية العقوبات الحبسية القصير المدى التي كانت سببا رئيسيا في جنوح عدد كبير ممن المجرمين، بسبب اندماج في وسط سلبي لمدة قصيرة دون ان يستهدفهم البرنامج التأهيلي الذي يعتمد على استراتيجية بعيدة الامد قد تفوق المدة المقرر للسجين، كما ان التقليل من النفقات التي تتحملها السجون وترشيدها تدخل ضمن الاهداف من اقرار هذا النوع من العقوبات التي نصت عليه مسودة مجموعة القانون الجنائي ويرى رجال القانون أنّ التنصيص على هذا النوع من العقوبات التي نصّ عليها القانون الجنائي والذي ينتظر مصادقة الحكومة عليه، مبادرة قانونية ذات اهمية بالغة، إذ تبقى من بين الحلول الناجعة للحدّ من الاكتظاظ في السجون المغربية من جهة، و تؤدّي حتماً إلى التصدي للظاهرة الاجرامية من جهة اخرى. وأفردت مسودة مشروع القانون الجنائي حيزا للعقوبات البديلة الى جانب العقوبات الأصلية، والتي يمكن للقاضي الحكم بها كبديل للعقوبة السالبة الحرية. وعرفت المسودة العقوبات البديلة بأنها العقوبات التي يحكم بها في حالة غير العود، كبديل لعقوبات السالبة للحرية، في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها سنتين حبسا.
وتحول العقوبة البديلة دون تنفيذ العقوبة السالبة للحرية على المحكوم عليه، في حال تنفيذه للالتزامات المفروضة عليه بمقتضاها.
وتشمل العقوبات البديلة ثلاثة أصناف، حددتها المسودة في العمل من أجل المنفعة العامة، والغرامة اليومية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية. و ختاما لا يكمن الجزم بنجاح تجربة العقوبات البديلة بالمغرب، لكن اذا كانت المقاربة القانونية تعتمد على بلورة مقاصد العقوبة في شقها التأديبي و التأهيلي، فمن ممكن ان تحقق التجربة النتائج المرجوة منها ولو على المستوى البعيد، بالاخص فيما يتعلق بتقليص حجم الظواهر الإجرامية وخصوصًا حالات العود.