أثارت كرة القدم النسائية شغفا كبيرا في المغرب بعدما بلغ المنتخب الوطني نهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات، رغم خسارته اللقب لحساب منتخب جنوب إفريقيا في المباراة 2-1، والتي تابعها جمهور غفير السبت بالرباط. ورغم خسارة النهائي، كانت هذه البطولة تاريخية للبلد المضيف إذ يصل الى هذه المرحلة لأول مرة في تاريخه، ليصبح أول منتخب عربي للسيدات يتأهل الى نهائيات كأس العالم المقررة بنسختها المقبلة عام 2023 في أستراليا ونيوزيلندا، بمجرد وصوله الى نصف النهائي. وأفرز النهائي بطلاً جديداً للقارة بعدما سيطرت نيجيريا على اللقب في 11 نسخة من أصل 13، لكنها خرجت في نصف النهائي على يد المغرب بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي. وباتت جنوب إفريقيا ثالثة بطلة للقارة السمراء منذ انطلاق البطولة عام 1991، الى جانب نيجيريا وغينيا الاستوائية التي فازت باللقب مرتين عامي 2008 2012. وفي بلد تحظى فيه كرة القدم عموماً بشعبية عارمة، كانت للسيدات هذه المرة حصتهن من الشغف الكروي في ظل تألق المنتخب الوطني ودخوله التاريخ بوصفه أول منتخب عربي للسيدات يصل إلى نهائي بطولة قارية وأول منتخب عربي يضمن مشاركته في نهائيات كأس العالم التي تقام نسختها المقبلة عام 2023 في أستراليا ونيوزيلندا. ورغم الهزيمة، أثنت الجماهير المغربية على أداء اللاعبات "اللواتي خضن مباراة قتالية رغم قوة الخصم، لقد تأهلن لكأس العالم لأول مرة في التاريخ وهذا شرف كبير"، وفق ما قال أحد المشجعين لوكالة فرانس برس. وأضافت مشجعة شابة عند مغادرة الملعب "ربحنا فريقا رائعا رغم الهزيمة"، مواسية رفيقتها التي أبكتها الهزيمة، فيما أكد مشجع آخر جاء من مدينة مراكش الشعور نفسه، قائلا "كنا نأمل تحقيق نتيجة إيجابية لكن لا بأس". وبعد لحظات من صافرة النهاية، هنأ الملك محمد السادس في برقية أعضاء المنتخب بتأهلهم للنهائي ولكأس العالم، قائلا "تَتبّعنا ببالغ السرور والاعتزاز مسيرتكم المتألقة". واعتبرت عميدة المنتخب غزلان شباك في تصريحات قبل النهائي أن مسار الفريق خلال البطولة "جعلنا ننجح في تغيير نظرة الجمهور الواسع حول كرة القدم النسائية، نتمنى أن نكتب التاريخ من خلال الظفر باللقب". وأكدت "الامتنان" للحماس الاستثنائي الذي أظهره الجمهور إزاء المنتخب، قائلة "الناس رأت كيف نلعب ونتقاتل لأجل بلدنا، سنواصل على هذا المنوال حتى النهاية". أثارت سيدات المغرب المفاجأة بوصولهن إلى المباراة النهائية للبطولة بعدما أقصين منتخب نيجريا حامل اللقب وأبرز المرشحين للاحتفاظ به، بركلات الترجيح 5-4 بعد التعادل 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي. وحظيت تلك المباراة بمتابعة قياسية لأكثر من 45 ألف متفرج، بينما تابع النهائي الذي أقيم بملعب مولاي عبد الله أكثر من خمسين ألفا، ما يعد رقما قياسيا بالنسبة إلى كأس أمم إفريقيا للسيدات. ولم تبخل الجماهير في مواقع التواصل الاجتماعي طيلة البطولة في الثناء على "فريق كبير جديد يرى النور في إفريقيا"، مشيدة "بإنجاز تاريخي". وقال سائق سيارة أجرة بالرباط يدعى طارق "أسروا قلوب المغاربة الذين لم يروا منتخبهم في نهائي بطولة كبرى منذ عقود"، وقد اصطحب ابنته لمتابعة إحدى مباريات لبؤات الأطلس. قبل هذه البطولة، لم يكن المنتخب وكرة القدم النسائية عموما يثيران الاهتمام في المغرب. وتذكر المتخصصة في اللعبة فاطمة برتالي لوكالة فرانس بأن "لا أحد كان يعرف أولئك اللاعبات قبل عام ونصف" وتضيف "ما أنجزنه خلال هذه البطولة هو ثمرة عمل عميق". ووضع الاتحاد المغربي لكرة القدم برنامج عمل جديدا يطمح إلى تطوير الكرة النسائية ويهدف إلى جعل البطولة المحلية احترافية، وقام بتسريع برامج التأطير لتكوين 90 ألف لاعبة و10 آلاف مدرب في أفق العام 2024. وتوضح برتالي أن كرة القدم النسائية "كانت تواجه صعوبات لتحقيق الإقلاع، لكنها تلقت حافزا قويا يأتي أيضا بفضل إرادة ملكية". وتسجل بارتياح تواري الأحكام الاجتماعية والثقافية السلبية في بلد "لا يقبل فيه جزء من المجتمع وجود امرأة فوق أرضية ملعب لكرة القدم". لكن التحديات المطروحة أمام "لبؤات الأطلس" لا تزال كبيرة، حيث يحتللن المرتبة 77 فقط في تصنيف الاتحاد الدولي "فيفا"، كما يلزمهن تخطي عقبة منتخب جنوب إفريقيا (58 عالميا) للتربع على عرش القارة السمراء. في المقابل تمكنت سيدات جنوب إفريقيا "منذ مدة طويلة من احتلال مكانة هامة في البلد، حيث يحظين بالإعجاب. بينما لا يزال الرعاة بعيدين عن مواكبة هذا التطور"، كما تقول الصحافية الرياضية في قناة "اس أي بي سي" العامة في جنوب إفريقيا مازولا موليفي. لكن الأمور "بدأت تتغير بفضل التطور السريع للمنتخبات الإفريقية" وفق ما أضافت. أكثر من ذلك، تأمل مدربة منتخب "بانيانا بانيانا" ديزيريه إيليس في رؤية "فريق إفريقي يفوز يوما ما بكأس العالم للسيدات قبل أن يحقق ذلك منتخب للرجال، اعتبارا للموهبة العالية" التي تتمتع بها اللاعبات الإفريقيات.