أثارت كرة القدم النسائية شغفا كبيرا في المغرب بعدما بلغ المنتخب الوطني نهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات، حيث سيلتقي، مساء السبت، على أرضه وبين جماهيره بالرباط بنظيره الجنوب إفريقي. وفي بلد تحظى فيه كرة القدم عموماً بشعبية عارمة، كانت للسيدات هذه المرة حصتهن من الشغف الكروي في ظل تألق المنتخب الوطني ودخوله التاريخ كأول منتخب عربي للسيدات يصل نهائي بطولة قارية، وأول منتخب عربي يضمن مشاركته في نهائيات كأس العالم، التي ستقام نسختها المقبلة عام 2023 بأستراليا ونيوزيلندا. وترى عميدة "لبؤات الأطلس" غزلان شباك أن مسار الفريق خلال البطولة "جعلنا ننجح في تغيير نظرة الجمهور الواسع حول كرة القدم النسائية. نتمنى أن نكتب التاريخ من خلال الظفر باللقب". وأكدت على "الامتنان" للحماس الاستثنائي الذي أظهره الجمهور إزاء المنتخب، قائلة: "الناس رأوا كيف نلعب ونتقاتل لأجل بلدنا، وسنواصل على هذا المنوال حتى النهاية". وتأمل لاعبة نادي الجيش الملكي أن تكون ضمن أول منتخب مغربي يفوز باللقب القاري، تماماً كما كان والدها العربي الشباك واحداً من "أسود الأطلس" الذين حققوا اللقب الوحيد حتى الآن للمغرب في كأس أمم إفريقيا للذكور عام 1976. وخلقت سيدات المغرب المفاجأة بوصولهن إلى المباراة النهائية للبطولة بعدما أقصين في دور النصف منتخب نيجريا، حامل اللقب وأبرز المرشحين للاحتفاظ به، بالركلات الترجيحية 5-4 بعد التعادل بينهما ب1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي. وحظيت تلك المباراة بمتابعة أكثر من 45 ألف متفرج في مركب مولاي عبد الله بالرباط، مما يعد رقما قياسيا بالنسبة لكأس أمم إفريقيا للسيدات. رغبة قوية ويقول المدرب الفرنسي للمنتخب المغربي رينالد بيدروس: "فزنا بمباريات كان فيها أداؤنا ناجحا ومتناغما، وأظهرنا رغبة قوية في الفوز. وقد رأت الجماهير ذلك وأدركت أن هذا الفريق رائع". وطيلة البطولة لم تبخل الجماهير في مواقع التواصل الاجتماعي بالثناء على "فريق كبير جديد يرى النور في إفريقيا"، مشيدة "بإنجاز تاريخي". وقبل هذه البطولة لم يكن المنتخب وكرة القدم النسائية عموما يثيران الاهتمام في المغرب، وتذكر المتخصصة في اللعبة فاطمة برتالي لوكالة "فرانس برس" بأن "لا أحد كان يعرف أولئك اللاعبات قبل عام ونصف". وتضيف "ما أنجزنه خلال هذه البطولة هو ثمرة عمل عميق". وبرتالي هي مسؤولة مشاريع سابقا في رابطة كرة القدم النسائية التي تم إحداثها عام 2019. ووضع الاتحاد المغربي لكرة القدم برنامج عمل جديدا يطمح إلى تطوير الكرة النسائية ويهدف إلى جعل البطولة المحلية احترافية، وقام بتسريع برامج التأطير لتكوين 90 ألف لاعبة و10 آلاف مدرب في أفق 2024. وتوضح برتالي أن كرة القدم النسائية "كانت تواجه صعوبات لتحقيق الإقلاع، لكنها تلقت حافزا قويا يأتي أيضا بفضل إرادة ملكية". وتسجل بارتياح تواري الأحكام الاجتماعية والثقافية السلبية في بلد "لا يقبل فيه جزء من المجتمع وجود امرأة فوق أرضية ملعب لكرة القدم". تحديات كبيرة لكن التحديات المطروحة أمام "لبؤات الأطلس" لا تزال كبيرة، حيث يحتللن الرتبة 77 في تصنيف الاتحاد الدولي (فيفا)، كما يلزمهن تخطي عقبة منتخب جنوب إفريقيا (58 عالميا) للتربع على عرش القارة السمراء. في المقابل تمكنت سيدات جنوب إفريقيا "منذ مدة طويلة من احتلال مكانة هامة في البلد، حيث يحظين بالإعجاب، بينما لا يزال الرعاة بعيدين عن مواكبة هذا التطور"، كما تقول الصحافية الرياضية في قناة "إس أي بي سي" العامة في جنوب إفريقيا مازولا موليفي. لكن الأمور "بدأت تتغير بفضل التطور السريع للمنتخبات الإفريقية"، وفق ما أضافت. أكثر من ذلك تأمل مدربة منتخب "بانيانا بانيانا" ديزيريه إيليس رؤية "فريق إفريقي يفوز يوما ما بكأس العالم للسيدات قبل أن يحقق ذلك منتخب للرجال، اعتبارا للموهبة العالية"، التي تتمتع بها اللاعبات الإفريقيات. وفي المغرب يبدو الوصول إلى نهائي أمم إفريقيا "إنجازا عظيما، سواء فزن باللقب أم لا"، كما يقول سائق سيارة أجرة بالرباط يدعى طارق، جاء رفقة ابنته لمتابعة إحدى مباريات المنتخب. ويضيف "لقد أسروا قلوب المغاربة الذين لم يروا منتخبهم في نهائي بطولة كبرى منذ عقود".