على بعد تسعة أسابيع من المؤتمر الوزاري الحادي عشر للمنظمة العالمية للتجارة، الذي سينعقد في بوينس آيرس بالأرجنتين، ما بين 10 و13 ديسمبر المقبل، انعقدت بمراكش على مدى يومين، أشغال الاجتماع الوزاري غير الرسمي للمنظمة العالمية للتجارة، بمشاركة 30 وزيراً للتجارة، ومنسقي المجموعات التفاوضية ورؤساء هيئات المفاوضات، في حضور روبيرتو أزيفيدو المدير العام للمنظمة العالمية للتجارة، وسوزانا ملكورا رئيسة المؤتمر الحادي عشر. وهدف الاجتماع، الذي اختتم أمس، إلى «إضفاء زخم سياسي من أجل توجيه مسار المفاوضات حول النتائج المحتملة»، في إطار الأشغال التحضيرية للمؤتمر الوزاري الحادي عشر المقبل، حيث شكل «فرصة لمواصلة المباحثات حول المواضيع قيد التفاوض، بغية تحقيق تقارب بين مواقف الدول الأعضاء والتوصل إلى نتائج ملموسة ومتوازنة خلال مؤتمر بيونس آيرس، تأخذ بعين الاعتبار احتياجات جميع أعضاء المنظمة». ويشكل التطور المتواضع الذي عرفه مستوى التجارة، خلال السنوات الأخيرة، مقترنا بالارتفاع غير المسبوق في التدابير المقيدة للتجارة، في بعض البلدان، تحديات كبيرة بالنسبة للنظام التجاري متعدد الأطراف. وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجهها المفاوضات التجارية متعددة الأطراف بين الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للتجارة، فقد أسفرت هذه المفاوضات عن إبرام اتفاقيتين تاريخيتين، هما اتفاقية تسيير التجارة والبروتوكول المتعلق بتعديل اتفاق المنظمة العالمية للتجارة بشأن الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية، والذي سيمنح للبلدان النامية قاعدة قانونية تمكنها من الحصول على الأدوية بأسعار معقولة. وينظر لهذين النجاحين المهمين كدليل على أن الإرادة السياسية القوية للبلدان تساهم بشكل كبير في دعم مساعي المنظمة العالمية للتجارة لبلوغ نتائج ملموسة لإقامة نظام تجاري متعدد الأطراف متسم بالفعالية والشمولية. وتوزعت أشغال اجتماع مراكش 4 جلسات مغلقة، تناولت: «ماذا يمكن تحقيقه فعلاً خلال المؤتمر الوزاري الحادي عشر؟»، و«ما هي إمكانيات التوافق؟»، و«ملاحظات بصدد الخلاصات والمسار الذي يتعين اتباعه إلى جنيف». ودعت مداخلات المشاركين في جلسة الافتتاح إلى «تجاوز الخلافات، لتحقيق تقارب في مواقف الدول الأعضاء»، بشكل يمكن من الوصول إلى «نتائج ملموسة ومتوازنة»، خلال مؤتمر بوينس آيرس. وفي الوقت الذي ركزت فيه كلمة روبيرتو أزيفيدو، المدير العام للمنظمة العالمية للتجارة، على الحاجة إلى «تجاوز التباين الحاصل في وجهات النظر، بين الأعضاء، بشكل يسمح بتحقيق توافق بخصوص عدد من النقاط موضوع الخلاف»، اعتبرت سوزانا ملكورا، رئيسة المؤتمر الحادي عشر، أن تنظيم المؤتمر المقبل للمنظمة ببيونس آيرس «يترجم التزام الأرجنتين من أجل عالم مندمج ومترابط، حيث تشكل التجارة عنصراً أساسياً لتحقيق النمو والتنمية»، معبرة عن أملها في تجاوز التباين وخلق التوافق. ودعا مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، في جلسة الافتتاح، إلى استثمار اجتماع مراكش لتحديد الأولويات، معبراً عن ثقته في قدرة الأعضاء على الوصول إلى صيغ متفق عليها، تحضيراً لاجتماع بوينس آيرس، مؤكداً تشبث البلدان الأعضاء للمنظمة العالمية للتجارة ب«إرساء نظام تجاري متعدد الأطراف عادل ومنصف، يستند إلى قواعد شفافة ومبادئ أساسية تشكل نموذجاً لسياستهم التجارية». وحث الوزير المغربي المشاركين وكل الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للتجارة على التحلي بالحرص الشديد وإبداء الوضوح اللازم، مع العمل بشكل مشترك لإعطاء زخم سياسي وتوجهات واضحة للمفاوضات في سبيل نتائج ملموسة خلال المؤتمر الحادي عشر ببيونس آيرس. وبعد أن توسع في الحديث عن مواضيع الفلاحة والصيد البحري والرقمي والتجارة الإلكترونية والاستثمار، لفت الوزير المغربي الانتباه إلى «التحديات الكبرى والهامة التي يعرفها العالم»، مشيراً إلى «المسؤولية التاريخية»، التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار، من جهة أن «الأمر يتعلق بالمستقبل وبالأجيال القادمة»، الشيء الذي يبرر السعي إلى «تقليص الفوارق في مجال التنمية». وأوضح العلمي، في تصريح صحافي، على هامش أشغال الاجتماع، أن المناقشات تتطلب الوصول إلى حلول مشتركة، تهم الجميع، مقراً بأن الموضوع معقد وصعب، وله رهانات عالمية كبرى، مشيراً إلى أن اجتماع مراكش هو لتقريب وجهات النظر، مع أن المبتغى ليس سهلاً، من جهة أن الجميع ليس على الرأي نفسه.