أثار قرار المغرب إغلاق مجاله الجوي في وجه حركة الطيران الدولية، لدرء خطر تسلل متحور فيروس كورونا "أوميكرون"، مخاوف لدى العاملين في القطاع السياحي من انعكاسات قد تكون وخيمة على نشاطهم. وكان مهنيو قطاع السياحة في المغرب يراهنون بشكل كبير على عطلة نهاية السنة وأعياد الميلاد، لاستقطاب السياح الأجانب وتعويض جزء من الخسائر التي تكبدوها على مدار السنتين المنصرمتين، جراء تبعات جائحة فيروس كورونا. وأعلن المغرب، الأحد، تعليق جميع الرحلات الجوية الدولية لمدة أسبوعيين، لمواجهة المتحور الجديد لفيروس كورونا الذي أطلق عليه اسم "أوميكرون"، وحفاظا على المكتسبات التي حققها في مكافحة الجائحة. وقد سجل القطاع السياحي في المملكة انتعاشا نسبيا منتصف هذا العام، مع تقدم حملة التطعيم ضد الوباء، وتخفيف الإجراءات الاحترازية. وحسب أرقام رسمية، فقد حققت عائدات السياحة في الفترة ما بين يونيو وسبتمبر الماضيين، ارتفاعا بلغ حوالي 16 مليار درهم (1.73 مليار دولار) وهو ما يمثل زيادة تفوق 202 في المائة على أساس سنوي. وبالرغم من هذا الرقم المشجع والتحسن المقدر بحوالي ثلاث مرات مقارنة بسنة 2020، إلا أنه يبقى منخفضا بنسبة 40.2 بالمائة، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019. وتعتبر السياحة مصدرا مهما للعملة الصعبة في المغرب، ومن بين القطاعات الأبرز التي تكبدت خسائر قدرت بمليارات الدولارات، بفعل تداعيات الوباء. يؤكد العديد من العاملين في قطاع السياحة بأن عدد كبير من الحجوزات الأجنبية تم إلغاءها مباشرة بعد إعلان السلطات المغربية تعليق الرحلات الجوية بسبب السلالة الجديدة من فيروس كورونا "أوميكرون"، وحظر دخول المسافرين من جميع أنحاء العالم إلى المملكة، مما شكل بالنسبة إليهم ضربة موجعة وغير متوقعة. يقول خالد بنعزوز رئيس جمعية وكالات الأسفار بجهة الدارالبيضاء (أكبر جهات المغرب)، بأن أول التداعيات الناجمة عن إغلاق الحدود الجوية لمنع انتشار متحور "أوميكرون" في المملكة، تجلت بالخصوص في إلغاء العديد من حجوزات الوفود السياحية، التي كانت مبرمجة نهاية السنة. ويضيف بنعزوز: "فترة نهاية السنة الميلادية، تعد فرصة لإنعاش النشاط السياحي، غير أن الوضع الحالي قد يعيد الأمور إلى المربع صفر". وفي الوقت الذي ثمن فيه بنعزوز الجهود التي تبدلها المملكة لمنع تسلل المتحور الجديد إلى ترابها، وحماية صحة المواطنين، عبر اتخاذ الإجراءات الإحترازية اللازمة، دعا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عملية لمواكبة المقاولات السياحية بغية تدبير هذه الأزمة، وحماية مصالح مهنيي هذا القطاع الحيوي. ويشدد الفاعل في المجال السياحي، على أن القطاع، ما فتئ يعيش منذ سنتين على وقع أزمة حادة، في ظل تعافي "هش" ووضعية وبائية غير مستقرة عبر العالم. ويسود توجس كبير بين الفاعلين السياحيين في المغرب، من إمكانية تشديد التدابير الاحترازية ومنع التنقل بين المدن في حال ظهور المتحور "أوميكرون" في الأيام المقبلة، مما قد ينعكس سلبا على نشاط السياحة الداخلية. ويعتقد خالد بنعزوز، أنه في حال عودة المغرب إلى تشديد في الإجراءات الإحترازية، إذا ما تطور الوضع الوبائي، فإن ذلك سيتسبب في أزمة حادة في قطاع السياحة. ويضيف المتحدث أن فرض قيود جديدة على التنقل الداخلي، سينعكس على نشاط السياحة الداخلية، التي تساهم عائداتها في التخفيف نسبيا من وطأة الأزمة، والحفاظ على جزء من مناصب الشغل. ويشير بنعزرز، إلى ضرورة اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة من أجل تجنب تدهور الوضع الوبائي في بلدنا، لاسيما بعد التقدم الهام الذي أحرزه المغرب في حملة التلقيح ضد الفيروس. وتلقى أزيد من 22 مليون شخص جرعتي اللقاح المضاد للفيروس كورونا المستجد، فيما استفاد أكثر من مليون شخص من الجرعة الثالثة من التطعيم، حسب آخر حصيلة رسمية. إلى جانب كل هذه المخاوف، يتوقع العديد من القائمين على القطاع السياحي، تضرر المقاولات السياحية بسبب الاجراءات التي قد تواكب الوضع الجديد المترتب عن المتحور "أوميكرون" مثلما قد تتضرر العديد من المهن والحرف المرتبطة بهذا القطاع، وهو ما قد يؤدي إلى فقدان مناصب الشغل لاسيما في أبرز المدن السياحية مثل مراكش وأكادير. ويشدد الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن، محمد الذهبي، على أن إلغاء السياح لحجوزاتهم خلال هذه الفترة، من شأنه التأثير بشكل مباشر وملموس على عدد من الأنشطة المرتبطة بالقطاع السياحي. ويضيف الذهبي أن الإجراءات الاحترازية التي قد تواكب الوضع الوبائي المرتبط بالمتحور الجديد قد يوجه ضربة موجعة لعدد من الحرفين والعاملين في مجالات تعتمد بشكل كبير على السياحة. من جانبه أكد الكاتب العام للفدرالية المغربية للنقل السياحي، محمد بامنصور، أن قطاعات عديدة تدخل في الصناعة السياحية، بات يصعب عليها في الوقت الحالي تحمل تبعات أزمة جديدة مرتبطة بفيروس كورونا. وشدد بامنصور على أن المطاعم والفنادق والنقل السياحي وغيرها، لازالت تصارع من أجل تجاوز الآثار الناجمة عن الإغلاق الشامل الذي فرضته السلطات خلال فترات محددة، بسبب انتشار فيروس كورونا، والتي تكبدت على إثرها خسائر فادحة. ويعتبر المتحدث، بأنه من السابق لأوانه الحديث عن تعافي القطاع السياحي في ظل الوضع الوبائي غير المستقر في العالم، داعيا الحكومة إلى تقديم المزيد من الدعم لمهنيي القطاع، من أجل إنقاذ المقاولات السياحية من شبح الإفلاس.