عبر أغلب الفاعلين السياحيين عن استيائهم وتدمرهم، بعد أن كانوا يراهنون بشكل كبير على عطلة نهاية السنة وأعياد الميلاد، لاستقطاب السياح الأجانب وتعويض جزء من الخسائر التي تكبدوها على مدار السنتين المنصرمتين، جراء تبعات جائحة فيروس كورونا، وكلهم آمال في انتعاش تدريجي للقطاع السياحي إثر التدابير الحكومية الأخيرة والتنقلات والعودة التدريجية للحركية الاقتصادية والتجارية في البلاد، ونجاح عملية التلقيح. ومع ظهور المتحور الجديد لفيروس كورونا "أوميكرون"، الذي كان له أثر كبير في ارتفاع عدد المصابين بهذا الفيروس وانعكاسه على الدواليب الاقتصادية خصوصا بالقارة الأوروبية، تزايدت عدد الحجوزات الملغاة بشكل كبير بمختلف المؤسسات السياحية بمدينة مراكش، ما سيكون له انعكاسات اقتصادية واجتماعية قد تدخل القطاعات المرتبطة بالسياحة في أزمة قد تطول لأسابيع. ويؤكد العاملون بالقطاع السياحي في اتصال ب"الصحراء المغربية" أن عددا كبيرا من الحجوزات الأجنبية تم إلغاؤها مباشرة بعد إعلان السلطات المغربية تعليق الرحلات الجوية بسبب السلالة الجديدة من فيروس كورونا "أوميكرون"، وحظر دخول المسافرين من جميع أنحاء العالم إلى المملكة، مما شكل بالنسبة إليهم ضربة موجعة وغير متوقعة. وأشاروا إلى أن النسبة الأكبر من الحجوزات الملغاة مرتبطة في أغلبها بتأجيل عدد من المؤتمرات والتظاهرات التي كان مقررا أن تحتضنها مراكش خلال شهر دجنبر الجاري، في الوقت الذي تشير الأرقام المتوفرة إلى أن أزيد من 500 سائح ألغوا رحلاتهم الجوية خلال الأسبوع الماضي، التي كانت ستأخذهم إلى المدينة الحمراء. من جهة أخرى، يصر وكلاء الأسفار بجهة مراكش-آسفي، باعتبارهم حلقة أساسية في الحركة السياحية والفندقية، على عدم الاستسلام أمام التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي جائحة (كوفيد-19)، وظهور المتحور الجديد "أوميكرون"، ومواجهتها بحزمة من التفاؤل والأمل. وفي هذا الصدد، أوضح توفيق مديح رئيس الجمعية الجهوية لوكالات الأسفار بجهة مراكش-آسفي، أن أول التداعيات الناجمة عن إغلاق الحدود الجوية لمنع تفشي المتحور "أوميكرون" في المملكة، تجلت بالخصوص في إلغاء العديد من حجوزات الوفود السياحية، التي كانت مبرمجة نهاية السنة تزامنا مع احتفالات أعياد الميلاد، مشيرا إلى أن غياب الرؤية بخصوص توقيت الخروج من الأزمة تسبب في تغيير عدد من الأطر الكفؤة لمسارها المهني. وأضاف مديح في تصريح ل"الصحراء المغربية"، أن فترة نهاية السنة الميلادية، تعد فرصة لإنعاش النشاط السياحي، غير أن الوضع الحالي قد يعيد الأمور إلى الصفر. وفي الوقت الذي ثمن توفيق مديح الجهود التي تبذلها المملكة لمنع تسلل المتحور الجديد إلى التراب الوطني، وحماية صحة المواطنين، عبر اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة، دعا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عملية لمواكبة المقاولات السياحية بغية تدبير هذه الأزمة، وحماية مصالح مهنيي هذا القطاع الحيوي. ويشدد الفاعل في المجال السياحي، على أن القطاع، ما فتئ يعيش منذ سنتين على وقع أزمة حادة، في ظل تعافي "هش" ووضعية وبائية غير مستقرة عبر العالم، مشيرا إلى أن المطاعم والفنادق والنقل السياحي وغيرها، لازالت تصارع من أجل تجاوز الآثار السلبية الناجمة عن الإغلاق الشامل الذي فرضته السلطات خلال فترات محددة، بسبب انتشار فيروس كورونا، والتي تكبدت على إثرها خسائر فادحة. ويعتبر المتحدث، بأنه من السابق لأوانه الحديث عن تعافي حقيقي للقطاع السياحي في ظل الوضع الوبائي غير المستقر في العالم، داعيا الحكومة إلى تقديم المزيد من الدعم لمهنيي القطاع، من أجل إنقاذ المقاولات السياحية من شبح الإفلاس. وخلص إلى القول، "إننا سنواصل العمل على ربط علاقات مهنية قوية مع شركائنا على مستوى الأسواق الرئيسية المصدرة للسياح في انتظار استئناف الرحلات الجوية الدولية"، مؤكدا على أهمية التواصل الرقمي، والتحسيس من خلال حملات مستهدفة موجهة إلى استعادة الثقة في مهن منظمي الأسفار وتشجيع الاستهلاك المحلي للسوق التقليدي. وتعمل وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة على دعم المقاولة السياحية اعتبارا لدورها في إنعاش القطاع، حيث وضعت لهذا الغرض منصة رقمية لدعمها وتمكين المقاول من تكوين رقمي في مجالات متعددة من قبيل الابتكار والقدرة التجارية والصمود في وجه الأزمات، وهي آليات تواكب الوضع الحالي وتمكن المقاولة من التطوير الذاتي.