أكد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، يوم الثلاثاء بالرباط، أن الحكومة أوفت بكل التزاماتها الاجتماعية في إطار الاتفاق الثلاثي الموقع مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وذلك على الرغم من تداعيات الأزمة الصحية التي فرضتها جائحة كوفيد-19. وأوضح العثماني في معرض جوابه على سؤال محوري حول "الحوار الاجتماعي وتدابير احتواء التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا" خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس المستشارين، أن " الحكومة تحملت تكاليف الاتفاق، قولا وفعلا، رغم ظروف المالية العمومية بسبب تداعيات الجائحة "، منوها " بكل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، ليس فقط خلال جولات الحوار الاجتماعي، بل أيضا خلال المحطات التي عشناها طيلة هذه الولاية الحكومية، والتي تميزت بشراكة حقيقية جعلت من تحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين والمواطنات الهم الأساسي للجميع". وذكر بأن الحكومة عملت على تفعيل الالتزامات ذات الطابع المالي على مستوى القطاع العام، من خلال إصدار المراسيم التطبيقية المتعلقة بالزيادة في الأجور والتعويضات العائلية الخاصة بمختلف أجور الموظفين المشمولين بهذه الزيادة، مشيرا إلى أن هذه الالتزامات كلفت غلافا ماليا إجماليا قدره 14,25 مليار درهم في المراحل الأخيرة، تم تخصيص 5,3 مليار درهم منها سنة 2019، و6 مليار درهم إضافية برسم قانون مالية 2020، وحوالي 3 مليار درهم برسم قانون مالية 2021. ولفت العثماني إلى أن الحكومة حافظت، في نفس الوقت، على مستوى هام من الاستثمار العمومي، والتوظيف العمومي، والإنفاق العمومي في مجال القطاعات الاجتماعية، واستمرار دعم البرامج الاجتماعية، بالموازاة مع مواصلة الإصلاحات الكبرى، وإطلاق الورش الوطني المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية. وسجل أن " المغرب يعتبر من الدول القلائل التي حافظت على هذه الوتيرة في هذا الظرفية الناجمة عن جائحة كورونا. إذ قررنا التدبير المالي بأشكال أخرى ". وفي ما يتعلق بالقطاع الخاص، قال العثماني إن الاتفاق نص على الرفع من الحد الأدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات في القطاع الخاص بنسبة 10 في المائة على سنتين، والرفع من الحد الأدنى للأجور في القطاع الفلاحي بنسبة 10 في المائة على سنتين، وكذا الرفع من التعويضات العائلية ب 100 درهم عن كل طفل، في حدود ثلاثة أطفال، ابتداء من فاتح يوليوز 2019. من جهة أخرى، شدد العثماني على أن الحكومة حرصت منذ البداية على مأسسة الحوار الاجتماعي، حيث تضمن الاتفاق الثلاثي التزامات تخص مأسسة الحوار الاجتماعي على المستوى الوطني والترابي من خلال التنصيص على إحداث عدد من اللجان، خاصة اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة. وتبعا لذلك، يقول رئيس الحكومة، فقد استطاعت هذه اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة خلال سنة 2020 دراسة 119 نزاعا، تمت تسوية 43 منها، وفي المقابل فقد تمت إحالة 13 نزاع شغل جماعي على اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة خلال السنة ذاتها خصصت لها عشر اجتماعات، مشيرا إلى مواصلة الحوار في العديد من القضايا والملفات، خاصة في مجال التشريع والحريات النقابية، حيث بادرت الحكومة إلى الشروع في تنفيذ الالتزامات ذات الطابع التشريعي والتنظيمي، وأساسا إصدار المرسوم التطبيقي للمادة 16 من مدونة الشغل الذي ظل ينتظر منذ تاريخ إصدار مدونة الشغل في دجنبر 2003. وفي ما يخص إصلاح منظومة التقاعد، يقول العثماني، فقد تم الاتفاق على إدراج هذا الملف ضمن الحوار الاجتماعي، في أفق إطلاق مسلسل الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد من خلال اقتراح إرساء نظام بقطبين، العام والخاص، وفق ما ستسفر عنه نتائج الدراسة الجارية لإصلاح أنظمة التقاعد. كما استعرض رئيس الحكومة نتائج الحوارات القطاعية، من خلال تسوية عدد من الملفات والوضعيات العالقة، مبرزا أنه في إطار المقاربة التشاركية المعتمدة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا على مختلف القطاعات، تم فتح الحوار مع المهنيين بهدف اعتماد الإجراءات اللازمة لمواكبتهم لتدبير هذه الظرفية، فضلا عن مواصلة التشاور مع الفئات المعنية بتعميم التغطية الصحية. وخلص العثماني إلى أنه تم، في إطار مقاربة الإنصات والإنجاز ذاتها، التعامل مع المهنيين والهيآت المهنية والهيئات الاجتماعية والاقتصادية المتضررة من جائحة " كوفيد-19 "، لافتا إلى توصل مصالح رئاسة الحكومة، منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية خلال شهر مارس سنة 2020، بما يزيد عن 550 مراسلة أو مذكرة، تضم شكايات ومقترحات مختلفة.