صدر قبل صبيحة يومه الاثنين البيان الختامي للدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي. وفيما يلي نص البيان الختامي: البيان الختامي للدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية اجتمع بحمد الله وتوفيقه المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية في دورة استثنائية بدعوة من مكتبه يومي السبت والأحد 06 و 07 شعبان 1442 ه الموافق ل 20 و21 مارس 2021م بالمقر المركزي بالرباط والمقرات الجهوية والإقليمية، وبمشاركة أعضاء المجلس من مغاربة العالم عبر تقنية التناظر الرقمي في إطار الإجراءات الصحية الاحترازية، وذلك لتدارس المستجدات السياسية الأخيرة لاتخاذ المواقف المناسبة بشأنها، ولمناقشة الاستقالة التي تقدم بها الأخ الدكتور ادريس الازمي الإدريسي من مهمته كرئيس للمجلس الوطني والبت فيها. وفي بداية الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة، تناول الكلمة الأخ الدكتور عبد العلي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني، حيث ذكر بالسياق الذي تنعقد فيه هذه الدورة الاستثنائية والذي يتسم بمجموعة من المستجدات السياسية التي تستدعي المناقشة والتقييم، وأبرزها تعديل القاسم الانتخابي وما مثله من تأثير على مكتسبات بلادنا فيما يتعلق بالتوافق حول نمط الاقتراع بين الأحزاب السياسية الذي جرى به العمل منذ عقود، مؤكدا أن هذا التعديل يشكل مسا واضحا بالاختيار الديمقراطي كثابت دستوري وبمبادئ دستورية راسخة أخرى من قبيل الاقتراع الحر وإرادة الناخبين. كما أكد على أن حزب العدالة والتنمية واجه عبر تاريخه العديد من التحديات والصعوبات والمناورات ونجح بتوفيق من الله في الخروج منها منتصرا بفضل إعلائه للمصالح الوطنية العليا أولا وجعلها فوق كل الحسابات الضيقة، ثم بفضل احتكامه إلى قواعد الديمقراطية الداخلية وتدبيره لاختلافه بنضج ومسؤولية داخل المؤسسات وبفضل منهج الحزب القائم على حرية التعبير والاعتراف بالتنوع والاختلاف، وبفضل لحمته الداخلية التي تمثل عنصرا أساسيا من عناصر قوة الحزب في مسيرته الإصلاحية. وفي إطار تقريره السياسي، أكد الأخ الأمين العام الدكتور سعد الدين العثماني أن حزب العدالة والتنمية إطار حزبي حي ومسؤول يتفاعل أعضاؤه ومسؤولوه مع المتغيرات ويعبرون عن آرائهم بكل حرية ومسؤولية، وأن ما ميز حزبنا وسيميزه على الدوام هو اعتماد المدخل المؤسساتي للتعبير الحر والمسؤول عن مختلف الآراء والتوجهات تجسيدا للقاعدة المعتمدة داخل الحزب وهي "الرأي حر والقرار ملزم". كما توقف عند مواقف الحزب من تعديلات القوانين الانتخابية لاسيما ما يتعلق باعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين مع إلغاء العتبة منوها بالمرافعات السياسية والقانونية والإعلامية القوية لقيادة الحزب وخبرائه وفريقيه البرلمانيين، وهي التي ستبقى شاهدة على استقلالية قرارنا الحزبي ووثائق تاريخية نوعية في النقاش الدستوري ومرافعات من أجل الاختيار الديمقراطي. كما ركز من جهة أخرى على مجموعة من الرسائل ومن ضمنها حصيلة حزبنا الإيجابية المشرفة في التدبير الحكومي وعلى مستوى الجماعات الترابية والغرف المهنية مؤكدا أن هاجس حزب العدالة والتنمية في مواقفه سيظل هاجسا وطنيا ديمقراطيا وليس مصلحيا، وأن وظيفة الأحزاب لا تنحصر في الوظيفة الانتخابية، ولكن تتجاوزها بمقتضى الدستور إلى غيرها من الوظائف الأخرى إنتاجا فكريا وتأطيرا سياسيا وتكوينا منهجيا ونضالا ميدانيا إضافة إلى المساهمة في التدبير. وبخصوص القضية الفلسطينية، ذكر الأخ الأمين العام بالموقف المبدئي الثابت للحزب في دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وهو الموقف الذي تعزز من خلال إحداث وتشكيل الحزب للجنة دائمة لدعم الشعب الفلسطيني. بعد ذلك، تناول رئيس المجلس الوطني الأخ الدكتور إدريس الأزمي الإدريسي الكلمة لبسط حيثيات ودواعي تقديم طلب استقالته من رئاسة المجلس الوطني والتي سبق أن ضمنها في رسالته التي وجهها مباشرة لأعضاء المجلس، وهي الاستقالة التي رفضها المجلس بعد المناقشة والتداول بشبه الإجماع. وبناء على النقاش الحر والغني والمسؤول الذي طبع أشغال المجلس الوطني خلال اليومين بما يفوق 150 مداخلة من أعضاءه تم التأكيد على ما يلي: يجدد المجلس الوطني اعتزازه الكبير بما حققته وتحققه بلادنا تحت القيادة الحكيمة والرشيدة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، سياسيا وديبلوماسيا وميدانيا وتنمويا، في ملف قضيتنا الوطنية الأولى، ويؤكد على التعبئة الشاملة لحزب العدالة والتنمية في إطار الإجماع الوطني وراء جلالة الملك حفظه الله للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة في دائرة حدودها الحقة. وبهذه المناسبة يندد المجلس بقوة بالعمل الاستفزازي الذي أقدمت عليه السلطات الجزائرية لمنعها لمزارعين مغاربة من ولوج واستغلال أراضيهم الفلاحية بشمال وادي العرجة بإقليم فكيك بشرق المملكة ويدعو للتعامل معه بالحزم والحكمة اللازمين؛ يجدد المجلس اعتزازه بما حققته بلادنا في مجال تدبير جائحة كورونا ومعالجة تداعياتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية، وبالنجاح الكبير الذي تتميز به الحملة الوطنية للتلقيح، بفضل القيادة الاستباقية والحكيمة لجلالة الملك حفظه الله، وبفضل تعبئة الحكومة وكل المؤسسات والسلطات على المستوى المركزي والترابي، ويحيي في هذا السياق الأطر الطبية والتمريضية والإدارية ورجال ونساء القوات المسلحة الملكية والأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة والوقاية المدنية ورجال ونساء التعليم وعمال النظافة وكافة المؤسسات المنتخبة والسلطات المحلية، كما يحيي كل المواطنين والمواطنات الذين عبروا خلال هذه الجائحة عن منسوب عال من التضحية والتضامن والتآزر والتعاون؛ ينوه المجلس عاليا بالورش المجتمعي الهام الذي فتحته بلادنا بالمصادقة على القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية والذي يمثل خطوة نوعية ومتميزة في مسار تعزيز الكرامة والعدالة الاجتماعية من خلال تعميم التغطية الصحية والتعويضات العائلية والتعويض عن فقدان الشغل وتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد، ويدعو إلى التعبئة الجماعية من أجل إنجاح هذا المشروع المجتمعي الهام، لا سيما من خلال التسريع بإخراج السجل الاجتماعي الموحد؛ يجدد المجلس الوطني رفضه اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية على اعتبار أن هذا المقتضى يشكل مساسا بجوهر العملية الديمقراطية وإضرارا كبيرا بالاختيار الديمقراطي الذي ارتضته بلادنا ثابتا دستوريا ويسهم في تكريس العزوف عن المشاركة السياسية والانتخابية، ويضعف شرعية وصورة وفعالية ونجاعة المؤسسات المنتخبة ومكانة ودور الأحزاب السياسية والنخب ولا يوفر الثقة اللازمة لتنزيل النموذج التنموي الجديد المأمول. كما يؤكد المجلس رفضه لإلغاء العتبة الانتخابية لما سيترتب على ذلك من بلقنة للمجالس المنتخبة ويعرضها إلى صعوبة بناء تحالفات قوية ومنسجمة مما سيؤدي إلى تعطيل قضايا وحقوق المواطنين ومشاريع التنمية. كما يعبر عن أسفه لعدم التوافق حول تفعيل تمثيلية مغاربة العالم مشاركة وترشيحا وتصويتا؛ وفي هذا السياق يؤكد المجلس الوطني على أن رهان حزب العدالة والتنمية لم ولن يكون انتخابيا، ولكن جاءت مواقفه من الاستحقاقات المقبلة من منطلق حرصه أساسا على الحفاظ والدفاع على ثوابت الأمة، وعن المصالح العليا للوطن والمواطنين والمواطنات، وصيانة الاختيار الديمقراطي. وأمام هذه التراجعات التي تضرب في أسس الاختيار الديمقراطي لبلادنا، قرر المجلس الوطني مواصلة مناقشة الخيارات الممكنة بناء على ما يستجد من معطيات ومواصلة النضال والتدافع والترافع من أجل تكريس الإرادة الشعبية وتوطيد الاختيار الديمقراطي ببلادنا؛ يثمن المجلس ما سبق أن أكدت عليه الأمانة العامة للحزب بخصوص أهمية فتح نقاش عمومي وتوسيع الاستشارة المؤسساتية حول مشروع القانون المتعلق بتقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، ويؤكد المجلس الوطني تحفظه على مشروع القانون السالف الذكر ويدعو إلى ضرورة مواصلة وتسريع مجهودات تنمية أقاليم الشمال من خلال مقاربة تنموية شاملة ومندمجة تستحضر كافة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالمنطقة؛ يعبر المجلس عن اعتزازه بأداء رئيس المجلس الوطني، ويؤكد تمسكه باستمراره في مهامه ومواصلته للأدوار التي يضطلع بها، وينوه بتفاعله الإيجابي مع قرار المجلس الذي رفض استقالته؛ تقديرا من المجلس الوطني لأدوار قياداته التاريخية والمؤسسة، ومن منطلق حرصه على صيانة وحدة الحزب وتقوية لحمته الداخلية، يدعو المجلس الأخ الأستاذ عبد الإله ابن كيران، الذي يعتبر من رموز الحزب ومؤسسيه، إلى التراجع عن تجميد عضويته في الحزب والعودة للمساهمة بفعالية إلى جانب أعضاء الحزب في المسار والأدوار الإصلاحية للحزب؛ يقدر المجلس الوطني عاليا حرص المناضلين والمناضلات على وحدة وحيوية الحزب، كما يتفهم القلق الذي ينتاب بعضهم والذي يعكس بالأساس حرصهم على مكانة الحزب ودوره في الإصلاح، ويدعوهم للتسلح بالإيجابية والصبر لمواصلة النضال والتدافع والالتفاف حول قيادة ومؤسسات حزبهم لتعزيز صف الإصلاح وتوطيد تجربة الانتقال الديمقراطي ببلادنا، كما يرحب بالملتحقين الجدد بالحزب؛ ينوه المجلس بتعبئة وانضباط وانخراط كافة أعضائه ودرجة جاهزيتهم وبمستوى النقاش الحر والمسؤول الذي تميزت به أشغال هذه الدورة الاستثنائية، وهو ما يؤشر على حيوية وقوة الحزب وتميزه التنظيمي والسياسي ويؤكد بالمناسبة على مكانة المجلس الوطني باعتباره أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني مع ضرورة الالتزام بقراراته وتوصياته صونا لدور ومكانة مؤسسات الحزب باعتبارها الفضاء الطبيعي للتداول وحسم الاختلاف والقرار استنادا إلى قوانينه وأنظمته؛ ينوه المجلس بأداء الحزب على مستوى التدبير الحكومي والذي تؤشر عليه الحصيلة الحكومية المشرفة، كما ينوه بأداء فريقيه بالبرلمان وحصيلة منتخبيه بالجماعات الترابية والغرف المهنية على الرغم من حملات التبخيس والتشويش التي تستهدف العمل الحكومي والبرلماني وعمل الجماعات الترابية؛ يؤكد المجلس دعمه القوي لمنتخبي الحزب وبالخصوص أولئك الذين يتعرضون لمتابعات لا تخفى خلفياتها ونحن في مرحلة الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة؛ ويدعو المجلس قيادة الحزب لمواصلة تعبئة كل الإمكانيات القانونية والسياسية للدفاع بقوة عن منتخبي الحزب أمام الاستهداف المغرض الذي يتعرضون له؛ يعبر المجلس الوطني عن رفضه لبعض التراجعات في مجال الحقوق والحريات المكفولة دستوريا ومن ضمنها المس بحرية التعبير والحق في التظاهر والاحتجاج السلمي، وذلك من منطلق حرصه على مواصلة تعزيز المسار الديمقراطي ببلادنا ومكانتها ومكتسباتها في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات. ويذكر المجلس في هذا الإطار بما سبق أن أكد عليه في دورته العادية الأخيرة من ضرورة العمل على بث نفس سياسي وحقوقي وتوفير شروط انفراج من خلال إيجاد الصيغة المناسبة لإطلاق سراح المحكومين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية والصحافيين المعتقلين، باستحضار روح الإنصاف والمصالحة، والمبادرات الملكية الكريمة التي تُعمل حق العفو، والتي شملت بعضا منهم خلال المرحلة الأخيرة؛ يؤكد المجلس على مواقف الحزب الثابتة والداعمة للحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ولكفاحه من أجل نيل حقوقه كاملة غير منقوصة وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وينوه بهذه المناسبة بقرار الحزب إحداث وتشكيل لجنة مركزية دائمة لدعم القضية الفلسطينية واليقظة اللازمة من مخاطر الاختراق التطبيعي، مجددا تحذيره من مخاطر الاختراق التطبيعي على النسيج السياسي والثقافي والتربوي والاجتماعي والاقتصادي ببلادنا. وحرر بالرباط: الأحد 07 شعبان 1442 ه الموافق ل 21 مارس 2021م. ادريس الازمي الادريسي رئيس المجلس الوطني