أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن موضوع محاربة الفساد يمثل بالنسبة للنيابة العامة مهمة رئيسية باعتبارها الجهة المسؤولة عن تنفيذ السياسة الجنائية. واستعرض عبد النباوي، خلال الجسلة الأولى من أشغال المنتدى العربي حول "الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الفساد، مقاربة تشاركية شاملة ومندمجة ومحفزة على انخراط أوسع وضامنة لتأثير أكبر"، الدور الذي يضطلع به قضاة النيابة العامة في عملية مكافحة الفساد. وأبرز خلال هذا المنتدى الذي يندرج في إطار الدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، أن استقلالية القضاء تعد عاملا حاسما في هذه العملية، مشيرا إلى أن دستور 2011 جعل من القضاء سلطة مستقلة من سلطات الدولة، وأنه تم تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية الجديد سنة 2012 كمجلس مستقل يسير الشأن القضائي، ويضمن استقلال القضاة في ممارسة مهامهم. وأشار، خلال هذه الجلسة التي تمحورت حول "التنسيق والتكامل المؤسساتي أساس لإنجاح السياسات الوطنية في مجال مكافحة الفساد"، إلى إحداث أقسام قضائية على مستوى أربع محاكم استئناف متخصصة في الجرائم المالية، فضلا عن إطلاق الخط الهاتفي المباشر للتبليغ عن الرشوة ومساهمته النوعية في ضبط حالات الفساد. ومن جهتها، اعتبرت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، أن الفساد في حقيقته ليس فقط انتهاكا لحقوق الانسان بل إنكار حتى لفكرة حقوق الإنسان من أساسها. وشددت على أن معركة مكافحة الفساد شكلت جزءا لا يتجزء من معركة النضال من أجل تحقيق تنمية مستدامة وشاملة قوامها العدالة الاجتماعية والمساواة وتعزيز البناء الديمقراطي واحترام معايير حقوق الإنسان. وسجلت أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يقترح المساهمة في جهود مكافحة الفساد انطلاقا من المدخل التشريعي، لا سيما عبر التعاون مع البرلمان من أجل العمل على تجويد النصوص القانونية وانسجامها مع مبادئ حقوق الإنسان، والعمل على مواكبة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وإشراك اللجان الجهوية لحقوق الإنسان في مواجهة ثقافة التطبيع مع الفساد كجزء من عملها في مجال الحماية والنهوض والوقاية. ومن جانبه، أكد رئيس هيئة مكافحة الفساد بالمملكة العربية السعودية، مازن بن ابراهيم الكهموس، أن بلاده بلورت استراتيجية وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد على أساس تشاركي بين كافة مكونات المجتمع. وأبرز إدراك المملكة العربية السعودية لأهمية وضع استراتيجيات وطنية لمكافحة الفساد في كافة الدول مشددا على أهمية القيادة المؤسسية الموحدة لمحاربة الفساد في ضمان التجانس والتقائية السياسات العمومية الرامية إلى محاربة هذه الآفة. أما رئيس هيئة مكافحة الفساد في فلسطين، أحمد براك بن حمد، فسجل أن آثار الفساد لا تطال القطاع العام فحسب، بل تمتد لتطال كافة القطاعات بالمجتمع، بما فيها القطاع الخاص والمجتمع المدني. وشدد على ضرورة وضع وتطبيق سياسات وإجراءات فعالة لمكافحة الفساد والوقاية منه انطلاقا من الممارسات العملية في هذا المجال، مضيفا أن الهيئة اعتمدت استراتيجيتين في هذا المجال خلال الفترة 2012-2019، وشرعت في إعداد النسخة الثالثة للفترة 2020-2022، بشراكة مع كافة المتدخلين. وبدوره، استعرض المفتش العام بجمهورية السودان، عثمان محمد يونس إدريس، الجهود التي تقوم بها بلاده في مجال مكافحة الفساد، مبرزا دور الاتفاقية العربية في التنسيق وتبادل التجارب والخبرات بين الدول الأطراف. واعتبر أن الفساد يعد انتهاكا لمبدأ النزاهة والشفافية، وينعكس على اقتصاد الدولة وعلى أمنها السياسي وسلمها الاجتماعي، مضيفا أن مكافحة الفساد تتطلب مراجعة التشريعات الوطنية باستمرار وإحكامها وسد الثغرات التي تطهر عند التطبيق. يذكر أن الدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، تنظم يومي 07 و 08 يناير الجاري بشراكة بين جامعة الدول العربية والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.