أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي، اليوم الاثنين بالرباط، أ، واجب العدالة هو التصدي للفساد ومحاربته بالآليات القانونية، مضيفا أت أن التكوين المستمر يعد خيارا استراتيجيا ينبغي إعطاؤه الأولوية في السياسات القضائية، من أجل التمكين من مواكبة المستجدات القانونية والواقعية. وقال رئيس النيابة العامة، في كلمة بمناسبة افتتاح دورات تكوينية متخصصة في الجرائم المالية، يحتضنها المعهد العالي للقضاء، إن واجب العدالة، المسطر لها بمقتضى الدستور والقانون وتوجيهات جلالة الملك، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، هو التصدي للفساد ومحاربته بالآليات القانونية، وعليها أن تطور مهارات القضاة وباقي مكونات العدالة للقيام بهذه المهمة"، مشيرا إلى أن هذه "المهمة مستمرة في الزمان حتى يتم التغلب على الفساد، وتعم مظاهر دولة الحق والقانون والمؤسسات التي رسمها جلالة الملك ووجه أعضاء النيابة العامة إلى العمل في إطارها إلى جانب باقي سلطات الدولة". وأكد عبد النباوي، في كلمة موجهة لقضاة النيابة العامة بالأقسام المختصة بالجرائم المالية بمحاكم الاستئناف بالرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس، وضباط الشرطة القضائية المكلفين بالبحث في الجرائم المالية، بأن دورهم في محاربة الفساد ليس ضرورة اجتماعية وقانونية فقط، ولكنه تنفيذ لمقتضى دستوري، ولحق من حقوق الإنسان التي تجمع عليها الإنسانية، كما تبنته الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، لما له من تأثير على تمتع المواطن والإنسان بالحقوق الأخرى المخولة له شرعاً وقانوناً. كما أكد رئيس النيابة العامة، على ضرورة تقيد السادة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية باحترام قرينة البراءة، والمساطر القانونية المشروعة، مشيرا إلى أن البحث في الجرائم وإثباتها لا يمكن أن يتم عن طريق خرق قواعد المحاكمة العادلة، وعدم مراعاة الضمانات القانونية للمتهمين والضحايا والشهود على حد سواء. وأشار عبد النباوي إلى أن قيام السادة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية بواجبهم في التصدي لجرائم الفساد وحماية المال العام أو الخاص، لا يجب أن يتأثر بالنقاشات المجتمعية التي تتم في الفضاءات العامة، ومن بينها الفضاء الأزرق، إلاّ عن طريق التحري القانوني، والبحث عن الحجج والإثباتات المشروعة. فقرينة البراءة، يقول محمد عبد النباوي، تفترض أن كل مشتبه فيه أو متهم يعتبر بريئا إلى أن تسقط براءته عن طريق إثبات التهمة بالوسائل المشروعة، في محاكمة عادلة منصفة ومحايدة، لا تؤثر فيها العواطف ولا الرغبات، ولا النوازع الشخصية. إنّها مهمة صعبة، ولكنها جوهر العدالة التي نحن جميعاً مؤتمنون عليها خلال قيامنا بمهامنا. وأكد رئيس النيابة العامة، أن "التكوين المستمر، هو خيار استراتيجي ينبغي التمسك به، وإعطاؤه الأولوية في السياسات القضائية، من أجل تمكينكم من مواكبة المستجدات القانونية والواقعية، التي أصبحت وثيرة سيرها مقلقة بالنسبة لآليات العدالة الجنائية على الخصوص. وتتطلب منكم الحرص واليقظة المستمرين للإلمام العميق بكل هذه المتغيرات، وإتقان التعامل معها ومواجهتها والتصدي لها". يشار إلى أن برنامج التكوين، الذي أعطى انطلاقته رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي، يمتد على أربع دورات (فبراير، ومارس، وأبريل ويونيو). وسيساهم في تأطير هذه الدورات مكونون متمرسون من النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة المالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية ووحدة معالجة المعلومات المالية وبنك المغرب والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها والخزينة العامة والمختبر العمومي للتجارب والدراسات. ويندرج تنظيم هذه الدورات التكوينية في إطار دعم التخصص والرفع من قدرات قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية في مجال مكافحة جرائم الفساد المالي، باعتبار مكافحة هذا النوع من الإجرام من أولويات السياسة الجنائية التي تنفذها النيابة العامة. ولكون هذه الجرائم تتميز بالتعقيد وتتطلب إلمام قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية بالجوانب المالية والمحاسبية والتقنية للجريمة المالية.