دعت رئاسة النيابة العامة الى التصدي بحزم وجدية وصرامة للفساد والرشوة ، وقال محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، في أول دورية يصدرها مع بداية العام الجديد، وجهها إلى كل المحامي العام الأول لدى محكمة النقض، والوكلاء العامون للملك لدى محاكم الاستئناف، ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، إن الفساد يعتبر “آفة تهدد مختلف مخططات التنمية، وتقوض سيادة القانون وتضعف ثقة المواطنين والمستثمرين في المنظومة القانونية والمؤسساتية الوطنية”. ودعا عبد النباوي أجهزة النيابة العامة بكل مستوياتها إلى الحرص على “إجراء تحريات حول ما يصل إلى علمكم من معلومات حول أفعال الفساد،وفتح أبحاث بواسطة الفرق الوطنية والجهوية للشرطة القضائية، بشأن ما تتوصلون به من شكاوى ووشايات وتقارير، كلما توفرت فيها معطيات كافية وجادة تسمح بفتح أبحاث بشأن إحدى جرائم الفساد المالي”. كما طالب بالتعجيل بإنجاز وإنهاء الأبحاث التي تجريها الشرطة القضائية، مع الاستعانة بالفرق الجهوية للشرطة القضائية لتخفيف الضغط على الفرقة الوطنية؛ والحرص على تفعيل المقتضيات القانونية التي تسمح بجمع الأدلة وكشف الجناة ولاسيما إجراءات حماية الشهود والمبلغين والخبراء والضحايا. و دعا عبد النباوي الأجهزة التابعة له إلى “التنسيق مع قضاة التحقيق، قصد تجهيز الملفات؛ ومع السادة الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية، قصد تجهيز الملفات الرائجة أمام المحاكم. وتقديم ملتمسات للمحكمة من أجل الحكم بعقوبات من شأنها تحقيق الردع العام والخاص”. وتكون منسجمة مع الأهمية التي توليها السياسة الجنائية لهذا النوع من الإجرام، الذي يستنكره الرأي العام الوطني والدولي. وذلك في باحترام تام لقرينة البراءة وحقوق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة. وحث النباوي أجهزة النيابة العامة بكل مستوياتها على “الحرص على ممارسة طرق الطعن في الحالات التي تستدعي ذلك، والسعي إلى التعجيل بتجهيز الملفات المطعون فيها، لإحالتها على الجهة القضائية المختصة في أجل معقول”. وزاد قائلا “وإذ أحثكم على التقيد بهذه التعليمات، أذكركم أن موضوع مكافحة الفساد يعتبر من المواضيع القارة في السياسة الجنائية، باعتباره مدخلا أساسيا من مداخل تخليق الحياة العامة وتحسين مناخ الأعمال. وليس موضوع حملة مؤقتة أو مجرد اهتمام ظرفي محصور في الزمان، لذلك يجب أن تستمر الجهود المبذولة بهذا الخصوص. مع تطوير أساليب العمل والاجتهاد في إيجاد حلول فعالة لتصريف هذا النوع من القضايا داخل آجال معقولة. طالبا منكم إشعاري بكل صعوبة قد تعترضكم بهذا الخصوص”. و في هذا الصدد ، قدم الأستاذ الجامعي و خبير القانون عبد الكبير الصوصي العلوي ، عدة ملاحظات حول دورية النيابة العامة بشأن الفساد. الصوصي العلوي قال أن الدورية هي الأولى في سنة 2020، و جاءت بعد تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي رصد عدة خروقات. كما ذكر أنه تم ختمها في آخر فقرة بكونها “تعليمات”، وهي تعليمات كتابية “قانونية” ملزمة لقضاة النيابة العامة تحت طائلة الجزاء التأديبي عن كل ترك او اغفال في حالة عدم التعاطي الإيجابي مع أي وشاية او شكاية مرتبطة بالموضوع. و أضاف أنه “قبل استقلال النيابة العامة لم يكن الموضوع محل دوريات بهذا الشكل، ومن هذه الناحية يحسب للسيد عبد النبوي تناوله للموضوع وجرأته التي يصفق لها، سيما التعليل المعتمد كسياسة جنائية والذي أساسه الدستور والاتفاقيات الدولية”. كما أشار إلى أن الدورية تأتي “بعد أخرى انتبهت للفساد والسمسرة بجوار المحاكم، ومن هذه الناحية – السيد عبد النباوي بنفسه كوكيل عام- عليه تفعيلها في مواجهة من لهم امتياز قضائى ويدخلون تحت اختصاصه كوكيل عام”. و أكد أن ” الكرة في ملعب المواطنين والموظفين الذين بلغ إلى علمهم شبهة (او رائحة) فساد، حيث عليهم التوجه لمكاتب السادة وكلاء الملك والسادة الوكلاء العامون، ولما لا السيد عبد النباوي مباشرة بمحكمة النقض وتبليغهم بما يتوفرون عليه من معطيات وشبهات، مع التماس تطبيق حماية الشهود والمبلغين”. و أضاف أن ” الدورية تكلمت عن أليات البحث والتحري الأخرى، بمعنى الاستعلام وجمع المعطيات، أي الاستخبار، وهذا مهم جدا في التصدي للفساد”.