قال عبد السلام أبو درار رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، إن «سياسة مكافحة الفساد لا يمكن أن تقتصر على تعزيز الآليات الزجرية والوقائية رغم أهميتها، بل ينبغي أن تدرج ضمن أولوياتها توظيف التربية والتوعية والتحسيس في خدمة ترسيخ قيم النزاهة والشفافية والمساءلة». وأوضح أبو درار في كلمة له خلال افتتاح اشغال الندوة الوطنية حول «حكامة قطاع التربية والتعليم» أمس الثلاثاء بالرباط، أن الاستراتيجية العامة لسياسة الوقاية من الرشوة التي اقترحتها الهيئة المركزية، تولي أهمية كبرى ومكانة متميزة لتوسيع دائرة التواصل والتحسيس بظاهرة الرشوة في أفق ضمان انخراط مختلف الشرائح الاجتماعية في برنامج مكافحة الفساد والتربية على قيم النزاهة، مشيرا أن الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ركزت على ضرورة استحضار البعد التربوي لسياسات الوقاية من الفساد ومكافحته حيث أوصت الدول الأطراف بوضع برامج تعليمية وتدريبية لتمكين الموظفين من الوفاء بمتطلبات الأداء السليم للوظائف العمومية وتوفر لهم التدريب المناسب من أجل إذكاء وعيهم بمخاطر الفساد الملازمة لأداء وظائفهم، وبتدعيم المشاركة النشيطة لمنظمات المجتمع المدني للقيام بأنشطة إعلامية وبرامج توعية تشمل المناهج المدرسية والجامعية وتسهم في إذكاء وعي المواطنين بجسامة مخاطر الفساد وفي عدم التسامح معه. وفي إطار الشراكة التي تجمع وزارة التربية الوطنية والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أكد عبد السلام أبو درار على ضرورة إطلاق برنامج وطني للتربية على النزاهة ومكافحة الفساد يهدف على غرار الأرضية المواطنة لنشر ثقافة حقوق الإنسان، إلى تجدير ثقافة النزاهة والحكامة الجيدة من خلال إعداد تصميم بيداغوجي يتأسس على تحليل الحاجيات ويتحرى استخدام جميع القنوات المتاحة وتنويع الخطاب حسب الفئات المستهدفة. كما دعا إلى ضرورة بناء الدعامات الأساسية للحكامة الجيدة لقطاع التربية والتعليم المؤسسة على الدراسة الميدانية التي ينبغي إنجازها لتشخيص ظاهرة الفساد بالقطاع وتقييم آليات الوقاية والمكافحة المعتمدة وتحديد خارطة مخاطر الفساد التي تسمح بإعداد استراتيجية محكمة وبرنامج عمل للوقاية من الفساد ومكافحته مع وضع معايير محددة لتتبع التنفيذ. من جانبه، أكد محمد الوفا وزير التربية الوطنية، على أهمية تلقين الناشئة مبادئ أساسية من قبيل احترام القانون والمواطنة وحقوق الإنسان والنزاهة والشفافية، مشيرا إلى أن ظاهرة الفساد والرشوة لها انعكاسات وخيمة على الاقتصاد الوطني. وذكر الوزير أن محاربة الرشوة والفساد تندرج في إطار الإصلاحات الكبرى التي اختار أن يضعها المغرب بشكل تدريجي، مشيرا إلى أن مكافحة الفساد، ليس لها بعدا زجريا فقط، بل لها أيضا بعد تربوي يؤسس لثقافة النزاهة لدى الأجيال الصاعدة، وأبرز في هذا الصدد المجهودات التي تقوم بها وزارة التربية الوطنية على مستوى المقررات المدرسية التي تقوم على التربية على حقوق الإنسان والمواطنة والتربية على تجنب أسباب الرشوة. وبدوره وقف أركان السبلاني مدير المشروع الإقليمي لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة التابع لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، على أهمية دعم وتعزيز دور التربية في النهوض بثقافة النزاهة. يشار إلى أن هذه الندوة الوطنية نظمتها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بتعاون مع وزارة التربية الوطنية وبدعم من البرنامج الجهوي للنزاهة ومكافحة الفساد بالبلدان العربية وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية.