يتوقع عدد من المتتبعين للشأن السياسي في مدينة مراكش المغربية أن يتواصل التنافس بين الأحزاب نفسها التي أكدت حضورها في آخر انتخابات تشريعية، خاصة "العدالة والتنمية" و"الاصالة والمعاصرة "، للظفر بحصة من المقاعد التسعة المخصصة لعمالة مراكش. وتتنافس، إلى جانب الأسماء التي اعتادت دخول غمار التنافس للظفر بمعقد في مجلس النواب، وجوه جديدة، محسوبة على عدد من الأحزاب، خاصة تحالف أحزاب اليسار الديمقراطي والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاستقلال والتقدم والاشتراكية، تتوفر على تكوين عال، كما راكمت تجارب مهنية مهمة، تشمل الطب والسياحة والمحاماة والإعلام والفن، يحدوها طموح إثبات الذات على المستوى السياسي، محلياً ووطنياً. ويبلغ عدد اللوائح المتنافسة، على المقاعد المخصصة لعمالة مراكش، 41 لائحة، تتوزعها ثلاث دوائر انتخابية، هي المدينة _ سيدي يوسف بن علي ب14 لائحة، وجليز _ النخيل ب13 لائحة، والمنارة ب14 لائحة. وتمثل هذه اللوائح 20 هيئة سياسية، تشمل أحزاب العدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والتجمع الوطني للأحرار، وتحالف العهد والتجديد، والإصلاح والتنمية، وجبهة القوى الديمقراطية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والحركة الشعبية، وتحالف أحزاب اليسار الديمقراطي، والديمقراطيون الجدد، والاتحاد المغربي الديمقراطي، والأمل، والتقدم والاشتراكية، وأحزاب اليسار الأخضر المغربي، والحركة الديمقراطية الاجتماعية، والبيئة والتنمية المستدامة، والنهضة والفضيلة، والاتحاد الدستوري، والمجتمع الديمقراطي. وخرج وكلاء اللوائح المتنافسة، خاصة في آخر أيام الحملة الانتخابية، التي تتواصل، في المغرب، منذ الساعة الأولى من يوم السبت 24 سبتمبر الماضي، حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً من اليوم السابق لتاريخ الاقتراع، في مسيرات طافت مختلف الأحياء التي يشملها التقطيع الانتخابي الخاص بالدوائر المحلية، لتأكيد الحضور وإقناع الناخبين بالتصويت لصالحهم. ولاحظ المتتبعون للشأن السياسي المحلي أن الحملة الانتخابية الجارية، على مستوى عمالة مراكش، فقدت بعض بريقها توهجها، مقارنة باستحقاقات سابقة، ولم تنل الاهتمام اللازم، إلا في أوقات متفرقة، شملت، بشكل خاص، المهرجانات الخطابية التي نشطها بعض أمناء الأحزاب. ويرى ادريس لكريني، أستاذ القانون العام في جامعة القاضي عياض في مراكش، أنه "بالنظر إلى طبيعة الأشخاص الذين تمت تزكيتهم، فإنه يصعب التكهن بمن سيحظى بالفوز"، مشيراً إلى أن "التنافس سيكون شديداً بين المترشحين، بحيث سيكون الفارق ضئيلاً بينهم، وخصوصاً بين مرشحي الأحزاب التقليدية، التي اعتادت حصد مقاعد لتمثيل ساكنة مراكش تحت قبة البرلمان". وتوقف لكريني عند مشاركة تحالف أحزاب اليسار الديمقراطي، فقال إن "عدداً من النخب العائمة رغم أنها مسجلة للتصويت، لم تكن تبالي، في وقت سابق، بالاستحقاقات الانتخابية أو أنها كانت تصوت بشكل عشوائي، يمكن أن تصوت لهذا التحالف الجديد، أخذاً في الاعتبار حداثة تجربة هذا المكون الحزبي وطبيعة الخطاب الذي انخرط فيه، والذي يبقى خطاباً متوازناً، كما أنه لم ينخرط في السب والقذف الذي ميز خطاب عدد من الأحزاب الأخرى، مفضلاً التركيز على قضايا اقتصادية واجتماعية". وبخصوص الفتور الذي قد يكون ميّز الحملة الانتخابية الجارية، قال لكريني "إن الأحزاب غيرت من طريقة تواصلها، بالتركيز على العلاقات المباشرة وشبكات التواصل الاجتماعي ومختلف التقنيات الجديدة، الشيء الذي يعني أنها فضلت الفعالية في التواصل على صخب الشوارع؛ كما أن عدداً من الأحزاب، التي لها تمثيلية في الجماعات الترابية، كالعدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري والتجمع الوطني للأحرار والاستقلال، قد انخرطت منذ مدة في عملية التواصل عبر الاحتكاك المباشر والمتواصل مع الناخبين. وهو ما يعني أن الفتور الذي قد نشهده على مستوى الشارع قد لا يعني، بالضرورة، فتوراً في التحرك لكسب أصوات الناخبين". ورغم أن الفوز بشرف تمثيل سكان المدينة الحمراء يتعلق بمجلس النواب، وليس التدبير المحلي، فإن رهان عدد من الأحزاب، خاصة العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، للفوز بأكبر عدد من المقاعد، تبقى له قيمة رمزية، يتأكد، من خلالها، الحضور ونيل القبول بين المراكشيين، ومن خلاله فوز مشروع حزبي ومجتمعي على آخر. وكانت آخر انتخابات تشريعية، قد عرفت تصدر لوائح العدالة والتنمية للنتائج بفارق كبير من الأصوات، متبوعة بلوائح الأصالة والمعاصرة، ثم الحركة الشعبية، الشيء الذي جسد صعوداً كاسحاً لحزب العدالة والتنمية، وانتكاسة لأحزاب الكتلة، بشكل خاص، ممثلة في الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، ولمرشحي أحزاب أخرى اعتادوا الفوز في الانتخابات السابقة، الشيء الذي جعل لتمثيل المدينة الحمراء، تحت قبة البرلمان، المعروفة بتوجهها السياحي وإشعاعها العالمي، طعماً يختلف كلياً عن الانتخابات السابقة، سواء خلال المرحلة التي هيمن فيها حزبا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاستقلال، أو تلك التي هيمن فيها حزب الاتحاد الدستوري. وبينما رأى عدد من المتتبعين للشأن المحلي أن التصويت بكثرة على حزب العدالة والتنمية، خلال آخر انتخابات تشريعية، جاء ك "انتقام" أو "إعادة نظر في عدد من الوجوه والأحزاب التي ارتبطت بالمسار السيئ الذي عرفته المدينة في السنوات الماضية"، تتزايد جرعات الترقب لمعرفة المآل الذي ستتخذه أصوات المراكشيين، خلال استحقاق 7 أكتوبر المقبل: هل بالتصويت للتغيير، وقلب الطاولة على حزب العدالة والتنمية، الذي يمثل المدينة، تحت قبة البرلمان، بأكبر عدد من المقاعد، كما يسيرها، على المستوى المحلي، من خلال رئاسة مجلسها الجماعي في شخص العربي بلقايد، أم أنه (الناخب المراكشي) سيختار مواصلة الطريق نفسها مع هذا الحزب الذي يرفع شعار "مواصلة الإصلاح"، فيعطيه الصدارة على مستوى التمثيلية تحت قبة البرلمان لولاية تشريعية أخرى، أم أنه سيكون للمراكشيين رأي آخر، يقلب به الطاولة على الجميع، ليصوت على وجوه جديدة، أملاً، ربما، في تغيير يشمل الوجوه، كما البرامج.