تم، أمس الاثنين بمراكش، إطلاق مرصد التعلم مدى الحياة، خلال حفل أقيم في كلية العلوم السملالية التابعة لجامعة القاضي عياض، بحضور ثلة من الجامعيين والباحثين والخبراء المغاربة وممثلي البلدان الإفريقية الأعضاء في مشروع "البحث الإجرائي لقياس تعلم المستفيدين من برامج محاربة الأمية". ويهدف إطلاق هذا المرصد إلى إرساء آلية وطنية للبحث والخبرة تجمع الشركاء المؤسساتيين والتقنيين المشاركين في عملية التعلم مدى الحياة. وتم ترسيخ هذا المشروع وفقا لمقاربة تقدمية تهدف إلى التقارب باتجاه كيان ذي توجه إفريقي يساهم في إحداث تآزر بين البلدان الأعضاء في مشروع "البحث الإجرائي لقياس تعلم المستفيدين من برامج محاربة الأمية". وهكذا، سيمكن المرصد من تأمين اليقظة الاستراتيجية وبحث العراقيل المتعلقة بالتعلم مدى الحياة، ويقدم مؤشرات حول تطور الجوانب المختلفة للتعلم وتعزيز التفكير وتبادل الخبرات والأنشطة المشتركة بشأن التعلم مدى الحياة وإطلاع صناع القرار على تطور وضعية التعلم مدى الحياة وتأثير الجهود المبذولة من طرف مختلف المتدخلين. وفي كلمة بهذه المناسبة، أكد رئيس جامعة القاضي عياض بمراكش، الحسن أحبيض، أنه بالرغم من أن الاهتمام بتعليم الكبار يعد "رهانا رئيسيا" في السياسات العمومية العالمية، إلا أنه يشهد اختلافا وفقا لمستوى التنمية في البلدان، مشيرا إلى أنه في البلدان المتقدمة ينسجم تعليم الكبار أكثر مع أهداف إعادة التكوين والتقدم المهني والتطور الشخصي. وأوضح أنه "في البلدان النامية أو التي تمر بمرحلة انتقالية، مثل بلداننا الإفريقية، يعتبر تعليم الكبار في المقام الأول بمثابة اختبار لمهارات القراءة والكتابة الأساسية اللازمة للعمل بشكل مستقل داخل المجتمع"، مضيفا أن هذا الهدف ضروري بالنظر إلى ارتفاع معدل الأمية بين السكان خارج سن التضامن الإلزامي (15 سنة فأكثر). من جانبه، نوه مدير معهد اليونسكو للتعلم مدى الحياة، ديفيد أتشوارينا، بإطلاق هذا المرصد، مؤكدا على أهمية هذه المبادرة التي تندرج في إطار تقليد قديم كما يتضح من مختلف الإجراءات التي أطلقتها المملكة، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لوضع الاستثمار في الرأسمال البشري وتطوير التربية والتكوين في صلب الأولويات. وأوضح أن هذه المبادرة تندرج، على المستوى الدولي، في إطار مواصلة الجهود المبذولة لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (ضمان ولوج الجميع إلى تعليم ذي جودة على أساس المساواة، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة)، مشيرا إلى أن هذه الرؤية طويلة الأمد تضم مختلف أنواع ومستويات التعلم والتعليم وكذا تلك التابعة لمعهد اليونسكو. واعتبر أن هذا المرصد يعكس "الالتزام السياسي القوي للمغرب" من أجل النهوض بالتعلم مدى الحياة، خاصة في مجال الحد التدريجي للأمية، كما يتضح من السياسات العامة الملموسة التي تم تنفيذها، وإنشاء الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، والتي تسعى إلى أن تشكل "أداة قيمة ومبتكرة"، و"نموذجا ملهما جدا" لخفض معدل الأمية في أجزاء أخرى من العالم. من جهته، أشاد رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، رضوان مرابط، بتنظيم هذا اللقاء في مراكش لإطلاق هذا المرصد، معربا عن سعادته الكبيرة لأن جامعته حصلت على امتياز كبير لتشكل مقرا لهذه الهيئة الجديدة. وبعدما ذكر بالإعداد، خلال سنة، لهذا المشروع الذي تحقق بفضل توحيد جهود العديد من الفاعلين، أوضح السيد مرابط أن سلسلة من اجتماعات العمل التي عقدت في المغرب والخارج مكنت مختلف الشركاء من مناقشة هذا المشروع والوصول به إلى مرحلة النضج تدريجيا. من جهتها، قالت المديرة الإقليمية لشمال إفريقيا بمعهد التعاون الدولي في الكونفدرالية الألمانية لتعليم الكبار، دنيا بن ميلود، إن المعهد يعمل منذ 50 سنة على مواكبة سياسات تعليم الكبار وتنفيذها، مضيفة أن هذا المعهد، الذي يتواجد في المغرب منذ 11 سنة، قام بتوفير وسائل مهمة للغاية لمساعدة المملكة على تعديل وإغناء أنظمة تعليم الكبار لضمان جودة التعليم والتكوين للجميع. وبعدما سجلت أن الكونفدرالية الألمانية لتعليم الكبار، تعمل في مجالات تعليم الكبار والتربية غير النظامية والتعلم مدى الحياة بالمملكة، دون إغفال التعليم النظامي، أوضحت السيدة بن ميلود أن المعهد يعمل بجد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك الهدف الرابع، من خلال ترسيخ "تربية شاملة ومندمجة". وجددت، بهذه المناسبة، التزام الكونفدرالية الألمانية لتعليم الكبار بمواكبة شركائها في المملكة ودعم التجربة الرائعة والجديدة للمرصد، مؤكدة مساهمتها القوية عبر أنشطة ميدانية يقودها شركاؤها في المجتمع المدني، لا سيما في مجال دعم الاستراتيجيات والسياسات الوطنية لمحاربة الأمية وتعليم الكبار ودعم جهود "البحث التعاوني" التي تشمل باحثين ومتعلمين ومكونين. وللحد من الجهل والأمية التي تعوق تطور أي أمة وضمان التعلم مدى الحياة لكل فرد، أكد رئيس لجنة الاستراتيجية والاستثمار بالوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، مولاي إسماعيل العلوي، على الحاجة إلى إرادة سياسية "ثابتة ومؤكدة"، من خلال مقتضيات تشريعية وتنظيمية ودعم مادي ومالي "مهم" من طرف جميع القوى الحية في البلاد. كما أبرز السيد العلوي أهمية تنفيذ النصوص التنظيمية وبناء جسر بين أنواع التعليم المختلفة (النظامية والأكاديمية وغير النظامية) لتمكين المواطنين من الاستفادة من تعليم معمم وتعلم مدى الحياة ذي جودة عالية ومطابق للمعايير الدولية. وبدوره، أعرب المدير العام للوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، عبد السميح محمود، عن سعادته الكبيرة بتنظيم هذا اللقاء بمراكش، والذي تخلله حدثان رئيسيان، هما إطلاق المرصد حول التعلم مدى الحياة، وورشة عمل حول المرحلة الثانية من مشروع "البحث الإجرائي لقياس تعلم المستفيدين من برامج محاربة الأمية (من ثالث إلى سادس دجنبر الجاري). من جهة أخرى، سلط السيد محمود الضوء على الشراكة المثمرة التي ينسجها المغرب مع إفريقيا، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لا سيما عبر الإجراءات التي تم اتخاذها في مجالي تعليم الكبار والتعلم مدى الحياة. وأكد السيد محمود أن المقاربة المغربية في هذا المجال ترتكز بشكل أساسي على تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الجامعات، مع الأخذ في الاعتبار تجاربهم وخبراتهم في مجال البحث العلمي والتكوين والتأطير، مضيفا أن الشراكة مع الوسط الجامعي شكلت "ميزة كبيرة" لإغناء وإنجاح هذه الخطوة. على صعيد آخر، تابع الحاضرون عروضا حول تقديم مشروع المرصد، ومفهوم التعلم مدى الحياة، وتحديد مجال تدخل المرصد وأنماط تنفيذ المشروع.