سلطت المداخلات خلال يوم دراسي اليوم الأربعاء بمجلس المستشارين، الضوء على مستجدات مشروع قانون المالية لسنة 2020، خاصة في شقه المتعلق بالإصلاح الضريبي في علاقة بتوصيات المناظرة الوطنية حول الجبايات المنعقدة بالصخيرات في ماي الماضي . وفي هذا الصدد، تطرق السيد محمد الرهج، الخبير الاقتصادي والأستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولة، خلال اللقاء الذي نظمته مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمجلس ، في مداخلته لمشروع قانون المالية 2020 في ضوء توصيات المناظرة الوطنية حول الجبايات حيث عبر عن مخاوفه من إفراغ هذه التوصيات من مضمونها. وبالنسبة للخبير الاقتصادي فإن النقاش حول موضوع الجبايات سيكون أفيد لو تم على أساس المقترحات التي سيأتي بها النموذج التنموي المرتقب. وذكر بأن الضريبة تعتبر، في الوقت نفسه، قرارا سياسيا لكونها تندرج في إطار سياسة الدولة للحصول على الموارد، وقرارا اقتصاديا يمكن من خلق الثروات عن طريق الاقتطاع الضريبي، وقرارا اجتماعيا بغية تحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية عن طريق الأداة الضريبية، مستعرضا مختلف التوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية حول الجبايات، والمتمثلة أساسا في الشمولية (الكل سواسية أمام الضريبة) والتصاعدية. وتطرق الخبير الاقتصادي أيضا إلى ضرورة إحداث مرصد للجبايات يضم نوابا برلمانيين وجميع المتدخلين المعنيين، لمناقشة التحديات المطروحة في مجال الضريبة، ويكون له رأي في التعديلات بهذا الشأن ضمن مشروع قانون المالية. من جهته، استعرض السيد ابراهيم الحطاب، الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، إضاءات حول المستجدات الضريبية في مشروع قانون المالية 2020، معتبرا أن العديد من التدابير المتضمنة فيه تعود لقوانين مالية سابقة ولا تمت في جزء كبير منها بصلة لتوصيات مناظرة الصخيرات حول الجبايات. وفي سياق مقارنته بين الإجراءات الجبائية المتعلقة بالشركات وتلك الخاصة بالأفراد في مشروع قانون المالية 2020 ، أشار الأستاذ الجامعي إلى أن كل ما يتعلق بتبسيط الإجراءات وتخفيف العبء الضريبي جاء في سياق الضريبة على الشركات، أما ما يتعلق بإلغاء وتقليص الامتيازات فإنه جاء في سياق الضريبة على الدخل (بالنسبة للأفراد). وفي كلمة باسم المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ذكر السيد عبد القادر العمري بالملاحظات التي تقدمت بها الكونفدرالية حول مشروع قانون المالية، معتبرا أن القانون يأتي كاستمرارية للقوانين السابقة، وبالتالي "غاب عنه الإبداع والأجوبة العملية على القضايا الاقتصادية والاجتماعية المطروحة". وأضاف أن مشروع القانون يأتي في سياق خاص يتسم على الخصوص بإعادة الهيكلة الحكومية وبلورة نموذج تنموي جديد وأيضا صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات. وأشار إلى أن أهم المقترحات التي قدمتها الكونفدرالية إلى وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، تنص على ضرورة الوفاء بالدين الاجتماعي المتضمن في اتفاق 26 أبريل 2011 باعتباره التزاما، وإقرار العدالة الجبائية عبر مراجعة الضريبة على الدخل في إطار رفع السقف المعفى، وعبر إعفاء المعاشات من الاقتطاع الضريبي، ووضع حد لكل الاعفاءات الضريبية غير المنتجة، مما يفرض إعادة تقييم التحفيزات الضريبية أخذا بعين الاعتبار المرونة والنجاعة الضريبيتين، وإحداث فرص الشغل المنتج للقيمة المضافة. كما دعت الكونفدرالية إلى وضع اقتراحات ضريبية لوضع حد لمجال النشاط غير المهيكل وربط تخفيض الضريبة على الشركات بمستوى إحداث مناصب الشغل اللائق القارة والمندرجة في المنظومة الإنتاجية الوطنية وتحقيق مستوى معين من تنافسية المنتجات المحلية، وإحداث الضريبة على الثروة لمحاربة تمركزها. وفي الجانب المتعلق بالاستثمارات، يضيف السيد العمري، اقترحت الكونفدرالية رفع حجم الاستثمارات الناجعة، وإطلاق برنامج آخر للأوراش الكبرى ومعالجة الاختلالات على مستوى التمويل، من خلال إحداث بنك عمومي للاستثمارات لإعطاء بعد اجتماعي للاستثمار ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، وإطلاق استثمارات تساهم في إحداث فرص الشغل اللائق، وتوزيع الاستثمارات لمعالجة التفاوتات المجالية. فضلا عن إعطاء الأهمية لتأمين الخدمات العمومية، وإحداث صندوق تضامني للعاطلين واعتماد مبدإ الدولة المشغلة ودعم القدرة الشرائية.