وهو يطفئ شمعته الخامسة هذه السنة، يظل منتدى "كرانس مونتانا"، كفضاء دولي للنقاش والتفكير، وفيا لاهتماماته الإفريقية التي ميزت أشغاله على مدى سنوات. ويتطلع المنتدى، في دورته الخامسة التي تستضيفها مدينة الداخلة خلال الفترة ما بين 14 و17 مارس الجاري تحت شعار "بناء قارة إفريقية قوية وحديثة في خدمة الشباب"، إلى ترسيخ موقعه كمنصة دولية لمقاربة انشغالات وتحديات القارة الإفريقية وشعوبها. وفرضت مدينة الداخلة، لؤلؤة الجنوب المغربي، نفسها من جديد كعاصمة عالمية لإفريقيا والحوار والتبادل بين مجموعة من الخبراء والمسؤولين وممثلي المنظمات الدولية، بهدف دعم القارة الإفريقية وتعزيز سبل التعاون جنوب – جنوب. كما ستتحول المدينة، التي تمثل فضاء طبيعيا فريدا يمزج بين رمال الصحراء وزرقة البحر، إلى ملتقى للسياسة والفكر والاقتصاد والمبادرات المبتكرة بالقارة السمراء، مكرسة بذلك وجهتها الدولية وانفتاحها على جوارها الإفريقي. ومع توالي دورات المنتدى، أضحت الداخلة مختبرا حقيقيا لإفريقيا الغد، ومرآة لانفتاح المغرب على قارته، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس، وذلك تماشيا مع الاستراتيجية الإفريقية للمملكة، التي ترتكز على قيم التضامن والتنمية المشتركة والشراكة المربحة للجانبين، وتعزيز الاندماج الإقليمي. ومن خلال هذا المنتدى، تسعى الداخلة، التي تشهد دينامية اقتصادية متسارعة تؤهلها لتكون جسرا ناقلا لقيم حضارية وثقافية ومشاريع مبتكرة بين شمال القارة وجنوبها، إلى استغلال مؤهلاتها لتشكل نموذجا لعلاقات مستقبلية أكثر متانة بين المغرب وعمقه الإفريقي. وباستضافتها لهذا الحدث الدولي البارز، المنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، تأمل المملكة في استثمار ما راكمته من تجارب وخبرات ومناقشات طيلة الدورات الأربع السابقة للمنتدى، من أجل تعميق التفكير في حلول ناجعة للمشاكل والقضايا والتحديات التي تواجهها بلدان القارة الإفريقية. وبهذا، يؤكد المغرب ريادته، كأرض للقاءات والتبادل والحوار، وقدرته على قيادة الجهود الدولية التي تتوخى إيجاد مقترحات ملموسة وحلول مبتكرة لمواجهة الإكراهات التي تعاني منها القارة، من خلال التركيز على قيم التماسك والتضامن من أجل تنمية مستدامة في البلدان الإفريقية. وفي هذا الإطار، تمكن منتدى "كرانس مونتانا"، على مدار أربع سنوات، من استضافة أزيد من 5000 مشارك و50 منظمة دولية وإقليمية، وممثلين عن 170 دولة. وسينكب المشاركون في هذا المنتدى الدولي على مناقشة مواضيع متنوعة كالأمن الطاقي، وإكراهات البيئة، والاقتصاد الرقمي، والصحة العمومية، والفلاحة المستدامة والنهوض بالمقاولين الشباب والقيادات النسائية. وسيتم إيلاء مكانة متميزة لفئة الشباب ضمن فعاليات هذا المنتدى، الذي سيبحث سبل تعزيز مشاركة هذه الفئة في جهود مكافحة التطرف، ودور المنظمات الشبابية في الحفاظ على السلام و إشراك الشباب بشكل كلي وفعال في عمليات صنع القرار. كما سيركز المنتدى على التحول الرقمي الذي بإمكانه فتح آفاق استثنائية للتعليم والتمويل والطاقة والصحة والفلاحة، مع تشجيع تطوير نظام بيئي يفضي إلى الابتكار الرقمي وتنمية الشباب الإفريقي الموهوب. وسيتم إبراز النموذج الرقمي الذي يتعين تطبيقه لدعم التحول الرقمي للشركات الإفريقية وتعزيز اندماجها في سلاسل القيمة العالمية. وستتطرق دورة 2019 أيضا لمواضيع تهم الصناعات الغذائية، والنمو المستدام والشامل بالقارة، التي يتوقع أن يزيد فيها الطلب على الغذاء بأكثر من الضعف، مما يجعل الأمن الغذائي أولوية قصوى. كما سيتم تسليط الضوء على الممارسات الجيدة في مجال النهوض بتعليم الشباب والنساء، وتعزيز الولوج إلى التكنولوجيات الجديدة وريادة الأعمال الفلاحية وتطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمكين الفلاحين الأفارقة من الولوج إلى أسواق جديدة. من جهة أخرى، ستتركز المناقشات حول الفرص التي توفرها الطاقات المتجددة على ضوء المؤهلات الهائلة لإفريقيا في مجال الطاقات المتجددة (الشمسية والريحيةوالمائية)، وإمكانية إطلاق مشاريع البنية التحتية الكبرى عبر الحدود، في إطار الاندماج الإقليمي في هذا المجال. وستعرف دورة هذه السنة، حضور رؤساء دول وحكومات، ووزراء، ومنظمات إقليمية ودولية، وبرلمانيين وعدد من المقاولات من إفريقيا، ومن بلدان الجنوب والعالم. وبالإضافة إلى الجلسات وورشات العمل، سيعرف المنتدى تنظيم العديد من الأنشطة، ممثلة في دورات تكوينية وقوافل طبية متخصصة وأنشطة جمعوية وتظاهرات ثقافية. ويشكل منتدى "كرانس مونتانا"، وهو منظمة غير دولية تأسسن في سنة 1986، موعدا مرجعيا وشريكا موثوقا لصناع القرار والمفكرين والباحثين ورجال المال والأعمال، تتم خلاله مناقشة الرهانات الكبرى لإفريقيا وسبل اندماجها في العالم.