أعضاء المجلس الجماعي بالدارالبيضاء، في حيرة من أمرهم هذه الأيام، ليس بسبب الصراعات الداخلية ولا بسبب البلوكاج في تمرير الحساب الإداري، ولكن بسبب انتشار الحشرات والجرذان التي التهمت مبلغا ماليا ضخما من ميزانية مجلس المدينة، والذي وصل إلى مايقارب ملياري سنتيم. سنة بعد أخرى أصبحت تلك الحيوانات التي تقتات من فضلات الإنسان تتضاعف أعدادها، خاصة وأن المجال الحضري بدأ يتسع بدوره ليزحف نحو المدارات القروية، كل ذلك جعل أعضاء مجلس المدينة يطالبون بانعقاد دورة استثنائية من أجل التدخل، لوضع حد لتلك الحيوانات والحشرات قبل أن تأتي على الأخضر واليابس وتحيي أمراضا أصبحت من الماضي. ليست الجرذان وحدها التي تلتهم ميزانية مجلس البيضاء، بل أيضا الحشرات كالصراصير والناموس والذباب، التي أرهقت البيضاويين وأجبرتهم على تحرير العديد من الشكايات لعلها تلقى آذانا صاغية لدى المجلس الجماعي الذي لم يجد لها حلا لحدود الساعة. ورغم الميزانية الضخمة المرصودة، والتدخلات التي تقوم بها مصالح حفظ الصحة بالبيضاء، لا تزال الفئران أو "الطوبات" تقض مضجع البيضاويين، وأصبحت مشاهد الجردان المقززة وهي تخرج من البالوعات ومن قنوات الصرف الصحي أو من "الكراجات" مألوفا في كل حي، ليس فقط بالأحياء الشعبية كالمدينة القديمة أو درب السلطان والحي المحمدي وسيدي عثمان أو البرنوصي أو في دور الصفيح وغيرها، بل أيضا في أرقى الأحياء وفي الشوارع الكبرى بوسط الميتروبول الإقتصادي، لتنضاف إلى جحافل البعوض والذباب والصراصير التي تتكاثر بأعداد كبيرة قرب قنوات الصرف الصحي وحاويات القمامة. ازدياد تلك الحشرات والجرذان يعطي الإنطباع بأن سياسة محاربتها قد فشلت، خصوصا بعد تفويت صفقة اقتناء مبيدات سامة لمحاربة الفئران والحشرات الضارة إلى شركة "الدارالبيضاء للخدمات"، هذه الأخيرة أثارت استغراب أعضاء المجلس الجماعي من عدم تحريكها ساكنا، في وقت رُفعت فيها ميزانية محاربة الفئران والصراصير من 700 مليون سنتيم إلى ملياري سنتيم. وبالرغم من توصل الشركة بمبلغ ملياري سنتيم من الجماعة، إلا أن الوضع ما يزال على ما هو عليه، وسط تزايد شكايات المواطنين من هذه الحشرات، ماينذر بتحويل حياة البيضاويين إلى جحيم لن تجدي معه أضعاف أضعاف الميزانيات المرصودة لها.