وسط أهازيج الفرق الفلكلورية المشاركة ومظاهر البهجة، افتتح المهرجان الوطني للفنون الشعبية في دورته التاسعة والأربعين، بفضاء قصر البديع التاريخي بمراكش، ليجسد بذلك الملامح الحية والصادقة للإنسان المغربي. وتميز حفل افتتاح هذه التظاهرة الفنية بحضور محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال، ومحمد صبري والي جهة مراكشآسفي واحمد اخشيشن رئيس مجلس الجهة وعدد من المسؤولين المحليين. وعاش الجمهور المراكشي وزوار مدينة مراكش، لحظات مميزة من الإيقاعات المختلفة وأهازيج ورقصات شعبية و لوحات فنية مستوحاة من الأشعار المستلهمة من التراث المغربي، تعكس التنوع الحضاري والثقافي لكل منطقة على حدة. وتأتي دورة المهرجان المنظم بمبادرة من وزارة الثقافة والاتصال بشراكة مع جمعية الأطلس الكبير، برعاية سامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحث شعار " تتمين وتحصين الموروث الثقافي والوطني"، لرد الاعتبار للتراث والموروث الثقافي اللامادي الوطني، من خلال تثمينه وتحصينه والمحافظة عليه لكي يلعب دوره الفعال في مخططات التنمية المستدامة التي تعرفها المملكة، وإعطاء دفعة قوية وحيوية جديدة لهذه التظاهرة حتى تصبح موعدا سنويا يرد فيه الاعتبار إلى المجموعات الشعبية المغربية التي ظلت تكافح لسنوات عديدة من أجل المحافظة على هذا الفن العريق المتوارث عبر العصور، والذي يعد شاهدا على أصالة الحضارة المغربية وأمجادها، والمساهمة في تنشيط المدينة الحمراء. ويندرج المهرجان الوطني للفنون الشعبية، الذي يعد اقدم مهرجان بالمغرب، أحدث سنة 1960، في إطار الدينامية الهادفة الى المحافظة وانعاش ونقل التراث اللامادي بالمملكة، الممثل في فنونه الشعبية والتقليدية (الموسيقى والرقص ومهن الفن والمنتجات المحلية)، وذلك بجعل هذا المهرجان أرضية للتعبير واللقاءات والتبادل. وحسب محمد الكنيدري رئيس جمعية الاطلس الكبير التي وضعت على عاتقها تنظيم هذا المهرجان لثماني دورات متتالية من سنة 1999 الى سنة 2006، فإن فكرة التأسيس كانت بمبادرة الملك الراحل محمد الخامس، الذي حرص على خلق مجالا للتعريف بالتراث المغربي الشعبي الفني، وترسيخه والحفاظ عليه لفائدة الاجيال المقبلة، حيث ساهم المهرجان الوطني للفنون الشعبية، إلى حد كبير في تجديد الفنون الشعبية المغربية، وفي النهوض بالتراث الفني العتيق بالمغرب والمحافظة عليه. وأضاف الكنيدري في تصريح ل"كش 24″ أن المهرجان الوطني للفنون الشعبية مكسب مهم لمدينة مراكش، يمزج بين الوحدة الثقافية في اطار تنوع اللهجات والتقاليد والازياء، ويهم التراث المغربي المتنوع، الذي لايوجد في أي بلد آخر بحكم التنوع والجمالية التي يتوفر عليه، حيث تم التفكير في إعادة إحيائه. وأشار الكنيدري أن هذه التظاهرة الفنية أكدت إلى حد كبير نفسها موعدا ثابتا لمختلف فرق الفولكلور المغربي وذلك على مدى العقود الخمسة الماضية . ويعتبر المهرجان الوطني للفنون الشعبية، الذي دأبت مدينة مراكش على احتضانه كل سنة منذ خمسة عقود، بعد أن توقف خلال الثلاث سنوات الاخيرة، من أقدم المهرجانات المغربية وبمثابة سجل تاريخي فني لكل اشكال الفنون الشعبية المغربية.