أعادت حوادث اعتقال أشخاص ينقبون عن كنوز مدفونة تحت الأرض في المغرب موضوع نبش الكنوز إلى الواجهة، وذلك باستخدام وصفات سحرية واستغلال أطفال بمواصفات جسدية معينة، خاصة شكل العين وراحة اليد، وهم الذين يعرفون في المجتمع المغربي باسم "الزوهريين". وأفادت مصالح الأمن بمدينة طنجة، بأنها اعتقلت أربعة أشخاص، من بينهم امرأة، في غابة مسنانة بمدينة طنجة، السبت الماضي، كانوا يقومون بالنبش في الغابة بدون رخصة قانونية، بحثا عن كنز مدفون، وفق تصريحات الموقوفين. وضبط رجال الأمن العصابة في حالة تلبس بنبش مكان في الغابة، وبمعيتهم أدوات الحفر، وآلة لكشف المعادن، وشاحن كهربائي، غير أنهم امتنعوا في البداية عن قول حقيقة نبشهم للحفرة العميقة، قبل أن يتراجعوا أمام إصرار المحققين ويعترفوا بأنهم كانوا يبحثون عن كنز مدفون في المكان. وبحسب تصريحات الأشخاص الأربعة الذين تم اعتقالهم ومتابعتهم قضائيا، فإنهم حصلوا على معلومات بشأن وجود كنز مدفون في تلك الغابة، بفضل تواصلهم المستمر مع أحد المشعوذين الذي أرشدهم إلى مكان الكنز المزعوم، استنادا إلى وصفات وجلسات وطلاسم سحرية قادته إلى مكان الكنز، وفق الموقوفين. وفي السياق، فككت مصالح الدرك الملكي نهاية الأسبوع الجاري عصابة تخصصت في البحث عن الكنوز، من خلال توقيف سيدة تعمل على سرقة أطفال بمواصفات معينة (زوهريين)، وتسليمهم إلى هذه العصابة، ليتوقف بذلك ذعر العديد من الأسر في جهة الرباط وسلا وتمارة من سرقة أطفالهم المتميزين بعلامات جسدية محددة. واستطاع أفراد الدرك الملكي في منطقة سيدي يحيى زعير، القريبة من العاصمة الرباط، توقيف سيدة كانت متلبسة بتسليم طفل اختطفته من أسرته، وهو في عمر ست سنوات، إلى عصابة لنبش الكنوز المدفونة واستخراجها من باطن الأرض، لتنتهي بذلك مغامرة عصابة الكنوز. وتضاف هاتان الواقعتان الجديدتان إلى حادث تخريب ضريح الولي سيدي عيسى، في ضواحي مدينة تافراوت، في فبراير الماضي من طرف أشخاص مجهولين بغية استخراج كنز مزعوم تحت مكان دفن الولي الصالح، وأيضا في الشهر نفسه مصرع شخص بسبب ردم الحفرة التي كان ينبشها بحثا عن الكنوز في ضواحي مدينة الجديدة. وأفاد مصدر أمني، فضّل عدم الكشف عن هويته، في تصريح ل"العربي الجديد"، بأن عصابات النبش على الكنوز تنشط كثيرا في هذه الفترة من السنة مباشرة بعد انتهاء فصل الشتاء، حيث يكون حفر الأرض سهلا، مبرزا أن الأمن يتربص بهذه العصابات التي تنبش بدون رخص قانونية بحثا عن كنوز مزعومة. وأردف المتحدث بأن مصالح الأمن لا تتوقف عند العصابات التي تبحث عن الكنوز المدفونة بدون ضوابط قانونية، ما يجعلها متلبسة بالقيام بأفعال مُجَرّمة، بل إنها تضبط أيضا حتى من يقفون وراء هذه العصابات، من قبيل النساء أو المشعوذين الذين يسهلون عمل هؤلاء الأشخاص، والذين يستخدمون في كثير من الأحيان الأطفال لتحقيق أهدافهم المنحرفة. ويعلق الباحث في علم النفس الاجتماعي، عبد اللطيف رغيب، على استمرار ظاهرة البحث عن الكنوز الدفينة تحت الأرض ل"العربي الجديد"، بأن "الأمر يرتبط بتحولات قيمية مجتمعية ملحوظة، فقيمة العمل بالكد والجهد والعرق تحولت إلى الرغبة في الحصول على المال والثراء بأية طريقة سهلة حتى لو اعتمدت على النصب والاحتيال وارتكاب الجرائم". واستطرد الباحث بأن "ظاهرة البحث عن الكنوز ارتبطت في المغرب باعتقادات غيبية يكشف عنها ساحر أو مشعوذ للراغبين في الثراء السهل، إما بطلاسم سحرية أو بوعود اقتسام الثروة المدفونة، أو بتعقب آثار عائلات ثرية عريقة، خاصة اليهود الذين غادروا البلاد، أو مخلفات أمم ودول سابقة حكمت المملكة، وغالبا ما يتم مزج كل هذا بضرورة إحضار طفل "زوهري" تتم الاستعانة به أو بدمائه لتسهيل العثور على الكنوز بعد الإفراج عنها من طرف حراسها من الجن، بحسب معتقدات هؤلاء المشعوذين وعصابات الكنوز". ووفق معتقدات المجتمع المغربي، فإن الطفل الذي يستخدم في استخراج الكنوز المدفونة، كأقصر طريق للثراء عند البعض، يتعين أن يكون زوهريا، ومن علاماته الرئيسية خط طولي غير متعرج يقسم اللسان، وأيضا خط عرضي في يد الطفل، وحَوَل خفيف بالعين، ما يجعل الطفل ينعت بالزوهري، ومن ثم لا يعترض الجن المكلفون بحراسة الكنوز طريق هذا الزوهري الذي عادة ما تصطحبه عصابات الكنوز لاستخراج الدفائن الثمينة. المصدر: العربي الجديد