اكتفت الوكالة المغربية الرسمية للأنباء، صباح الأربعاء (29 مارس/آذار)، بنشر خبر مقتضب يفيد بمشاركة وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، صلاح الدين مزوار، في أعمال القمة العربية بدورتها 28 لمناقشة قضايا، بينها القضية الفلسطينية ومبادرة السلام العربية. وبالرغم من زيارة العاهل الأردني، الملك عبد الله بن الحسين، رئيس القمة العربية، قبل انعقادها بأيام قليلة إلى المغرب، ولقائه بالعاهل المغربي محمد بن الحسن الثاني، فإن الوفد المغربي الذي حضر القمة، التي عقدت مؤخراً في البحر الميت بالأردن، رأسه وزير الخارجية صلاح الدين مزوار، وغاب عنه ملك البلاد. ولم يوجه ملك المغرب كلمة للقمة العربية، واكتفت الخارجية المغربية بنشر تقرير عن الاجتماع التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.القمة قبل الأخيرة ال27 التي عقدت في نواكشوط، بتاريخ 25 يوليو/تموز 2016، شهدت إشارات واضحة على عدم جدواها بنظر الدول المشاركة، وعلى رأسها المغرب، وعدم رغبة الدول في عقدها، لولا أنها دورية، ووقتها محدد مسبقاً، رغم أنها الأولى للأمين العام الجديد المثير للجدل، أحمد أبو الغيط. فقد شهدت غياباً كبيراً لقادة الدول العربية، وحضر 8 زعماء من بين 22 زعيماً، كما تقرر أن تعقد القمة ليوم واحد بدلاً من يومين؛ بسبب الغياب اللافت للرؤساء. – استياء مغربي من القمم العربية تتناسق عدم مشاركة المملكة المغربية في قمة البحر الميت، مع الآراء التي تطرحها حكومة البلاد، التي رفضت استضافة القمة السابقة، وأقيمت حينها في موريتانيا. فمع بدء العد العكسي لانطلاق الدورة “العادية” ال27 لها، والتي كانت مقررة في مراكش المغربية، فاجأت المغرب رئاسة الجامعة بعدم رغبتها في استضافة القمة المقررة في مارس/آذار 2016، وتأجيلها أيضاً إلى أبريل/نيسان، ليتم لاحقاً تمديدها إلى يوليو/تموز، معللة ذلك ب”عدم توفر الظروف الموضوعية” لنجاحها، ما قد يجعل منها “مجرد مناسبة لإلقاء الخطب”. وعللت المغرب عدم استضافتها للقمة في بيان لخارجيتها قالت فيه: “أمام غياب قرارات هامة ومبادرات ملموسة يمكن عرضها على قادة الدول العربية، فإن هذه القمة ستكون مجرد مناسبة للمصادقة على توصيات عادية، وإلقاء خطب تعطي الانطباع الخاطئ بالوحدة والتضامن بين دول العالم العربي”. بيان الخارجية المغربية، الذي اطلع عليه الملك محمد السادس، آنذاك، قال: “نظراً للتحديات التي يواجهها العالم العربي اليوم، فإن القمة العربية لا يمكن أن تشكل غاية في حد ذاتها، أو أن تتحول إلى مجرد اجتماع للمناسبات”، موضحاً أن “الظروف الموضوعية لا تتوفر لعقد قمة عربية ناجحة، قادرة على اتخاذ قرارات في مستوى ما يقتضيه الوضع”. وكشف البيان عن وجود شبه إجماع عربي رسمي على عدم جدوى الجامعة العربية التي لا تتعدى اجتماعاتها سوى “مناسبات” موسمية لإلقاء الخطب، فقد تم اتخاذ قرار عدم استضافة القمة السابقة -بحسب الرباط- “بناء على المشاورات” التي جرت مع عدد من الدول العربية، وبعد “تفكير واع ومسؤول، ملتزم بنجاعة العمل العربي المشترك، وضرورة الحفاظ على مصداقيته”. وأضاف: إن “العالم العربي يمر بمرحلة عصيبة (..) لا يمكن فيها لقادة الدول العربية الاكتفاء بمجرد القيام مرة أخرى بالتشخيص المرير لواقع الانقسامات والخلافات الذي يعيشه العالم العربي، دون تقديم الإجابات الجماعية الحاسمة والحازمة”. – “الإتيكيت السياسي” في بيئة تحفها المظاهر والترف، والوفود الطويلة العريضة، والاستقبالات الحافلة، امتدت قمم الجامعة العربية منذ تأسيسها دون تسجيل تحرك عربي مشترك يوقف ما تستنكره الجامعة وتدينه، فلم تكتمل قمة الرباط مثلاً عام 1969، ولم تصدر بياناً ختامياً حين كان هدفها “وضع استراتيجية موحدة لمواجهة إسرائيل”. كما شهدت العديد من القمم مصالحات بين رؤساء دولها المتخاصمين في تواريخ عديدة، ورافق عدة دورات منها مقاطعة من دولة عربية أو أكثر؛ احتجاجاً على سياسة جيران آخرين، بل قاطع نصف القادة العرب قمة لبنان عام 2008، وتكتفي كل منها ب “دعوات” لوقف العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني، أو على لبنان. – ميثاق “هرِم” وقمم على الهامش بعد 70 عاماً على إقراره، تنبهت رئاسة الجامعة العربية في يناير/كانون الثاني 2016، إلى أن ميثاقاً جديداً لها سيتم عرضه في القمة القادمة (نواكشوط)، “ليمثل الجيل المعاصر من المنظمات الدولية، وبما يتماشى مع التطورات الدولية المعاصرة”، مشيرة إلى أن ما يميز الميثاق الجديد للجامعة “هو التركيز على قضايا حفظ السلم والأمن، وحماية حقوق الإنسان والمرأة، وليس فقط كما كان في السابق؛ تعزيز علاقات التعاون بين الدول العربية”. طرح الميثاق الجديد غاب عن القمة الأخيرة في البحر الميت وعن قمة نواكشوط أيضاً، ولم يتم وضعه على جدول الأعمال، لتنسف الجامعة العربية الأمل في مستقبل مشرق لها، وسط ما تمر به المنطقة من تحركات عربية كانت لا تُرجى إلا من الجامعة العربية، إلا أنها تتم في أروقة سياسية بعيداً عن القمم العربية. إذ ينهي “التحالف العربي” الذي تقوده السعودية في اليمن عامين، محققاً انتصارات بارزة، لتعلن الرياض لاحقاً تأسيس “التحالف الإسلامي” أيضاً، بل تقود مناورات عسكرية عربية بعيداً عن الأمل المنتظر من القوة العربية المشتركة، التي تم الحديث عنها في القمة العربية السابقة في شرم الشيخ. وفي المفاوضات التي تستضيفها عواصم الغرب لإنهاء الصراع في سوريا، أو مفاوضات اليمنيين في الكويت أو مسقط، أو الحرب ضد تنظيم “الدولة”، الذي يتوسع عربياً، لا يبدو للجامعة العربية تأثير، ولا تستقبل دعوة حضور، وهو ما يشير صراحة إلى عدم فاعلية قد تبدأ عدّاً عكسياً، ليس لإصلاح مرتقب، بل ل “الأفول تدريجياً”. القمة العربية المنقضية، بدورتها ال”28″، شابهت في مضمون بيانها الختامي، البيانات الختامية لسابقاتها، وهي لا تخرج عن إطار التأكيد على القرارات الدولية، وإدانة التدخلات الأجنبية في الشؤون العربية، والمطالبة بفرض قرارات أممية. وكانت القضية الفلسطينية، كما في البيانات السابقة، متصدرة البيان الختامي، دون أن تجد حلاً يوقف الانتهاكات الخطيرة التي يستمر الاحتلال الإسرائيلي في ارتكابها بحق الفلسطينيين منذ عقود.