هوية بريس – إبراهيم الطالب في تعليقه على مشروع القانون "الإسرائيلي" الداعي لحظر رفع الأذان، وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كلاما قويا ولاذعا لدولة الكيان الصهيوني، وذلك خلال منتدى حول القدس السليبة عُقد في إسطنبول؛ متهما تل أبيب بالتمييز العنصري ضد التقاليد الإسلامية جاء فيه: (إن كنتم واثقين من معتقداتكم، عليكم ألا تخافوا من حرية معتقدات الآخرين، فنحن واثقون من معتقداتنا لذلك لا نخشى حرية المعتقدات). مؤكدا على أنّ (مشروع القانون الداعي لحظر رفع الأذان ما زال موجوداً في البرلمان "الإسرائيلي"، وأنّ مجرد مناقشة هذا الموضوع، أمر يدعو للخجل). معلنا بكل قوة أن تركيا: "لن تسمح بحظر الأذان في القدس". وموجها تساؤلا استنكاريا شديدا في كبرياء سيد من سادات العالم بوصفه رئيسا وريثا للدولة العثمانية التي يُعلي من شأنها ويفتخر بالانتماء إليها قائلا: (ما الفرق بين الممارسات الإسرائيلية الحالية والسياسة العنصرية والتمييزية التي كانت مطبقة تجاه السود في أميركا سابقاً، وفي جنوب إفريقيا مؤخرًا!!؟؟). قوة أردوغان في فضح التعامل الوحشي للكيان الصهيوني مع المسلمين في فلسطين وانتهاك مقدساتهم دفع حكومة الصهاينة إلى مهاجمته الإثنين المنصرم؛ وكعادتها في قلب الحقائق واحتراف الكذب كآلية للاستيلاء على عقول عوام الغربيين صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية "إيمانويل نحشون" بأن: (من ينتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي في بلده، يجب ألا يعظ أخلاقياً الديموقراطية الحقيقية الوحيدة في المنطقة). مضيفا إلى ذلك الكذبَ الصراح مدعيا أن: (إسرائيل تحمي باستمرار، حرية العبادة الكاملة لليهود والمسلمين والمسيحيين، وستستمر في ذلك رغم محاولات تلطيخ سمعتها). أسلوب "إسرائيل الصهيونية" هذا لا يُفضح اليوم من أي رئيس من الرؤساء سوى رئيس تركيا؛ الذي لا يفوت الفرصة في رفع الوعي لدى الأمريكيين والأوربيين بالتواطئ المدروس الذي تنتهجه أمريكا وأوروبا مع هذا الكيان المجرم؛ حيث تخلع عليه في كل المناسبات صفة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة؛ حامية له من أي انتقاد لجرائمه من خلال معاقبة مثقفيها وساستها إذا انتقدوا في كلامهم سياسات الصهاينة في التقتيل والتشريد؛ وذلك من خلال سنها لقوانين تجرم معاداة السامية؛ التي تكمم بها الحرية الفكرية والتعبيرية لدى أبنائها والجاليات المقيمة فيها. أردوغان يمارس نفس السياسة التي يتعامل بها قادة الغرب؛ يحاكمهم لمبادئهم ولا يتنازل عن قضايا المسلمين والأتراك إلا ليكسب أكثر؛ ولا يعتمد الشعارات الجوفاء ولا فقاعات الصابون التي ينثرها القادة العرب في مؤتمراتهم؛ ليس له ما يخسره، جاء من الشعب فهو يخدم الشعب؛ يحاول جاهدا أن يرجع للدولة والشعب الطابع الإسلامي والهوية الإسلامية بمقوماتها الأساسية الدين واللغة والتاريخ. ولنا أن نتساءل مع استصحابنا لهذا الحدث: لماذا تجاوز أردوغان زعامته للأتراك وتعداهم ليصير زعيما محترما في قلوب أغلب الشعوب الإسلامية؟؟ سنحاول الإجابة باختصار مع معرفتنا المسبقة أن الاختصار في هذا الحيّز مظنة الإخلال؛ لكن سنحاول على أية حال. الرئيس رجب طيب أردوغان صار زعيما محترما محبوبا لدى أغلب الشعوب الإسلامية للأمور التالية: أ- لأنه الزعيم الوحيد الذي أذل الكيان الصهيوني في أكبر محفل اقتصادي عالمي عندما صرخ في وجه رئيسه متهما له أمام كاميرات العالم بأن دولته تقتل أطفال ونساء المسلمين، الأمر الذي اضطرت معه الفضائيات التي كانت تنقل الحدث على الهواء مباشرة أن توقف البث؛ حتى لا ينكشف أمر الكيان الصهيوني لدى الشعوب الأمريكية والأوروبية المحكومة مواقفها بالكذب وقلب الحقائق. فبعد سنوات الذل التي عرفت سقوط بغداد ودمار بلاد العراق على أيدي الأمريكان، وشنق الرئيس صدام، وفواجع سجن أبو غريب؛ وإذلال المسلمين في غوانتانامو ودمار أفغانستان؛ وكل المصائب الداهية التي ألمت بالشعوب الإسلامية؛ ترى هذه الشعوب رئيسا مسلما يفتخر بانتمائه للإسلام يدافع عن مقدساته؛ ويقف للغرب يعري نفاقه وجرائمه؛ فكيف لا يحبونه ويجعلونه زعيما لهم؟؟ وفي لقاء له مع الألمانية ميركل تخللته مباحثات كالعادة، حاولت أن تمرر مفهوم الغرب للإرهاب ومشروعهم في حرب الإسلام وربط العنف والقتل به، قائلة للصحافة: (تحدثنا بالتفصيل عن قضية التصدي للإرهاب الإسلامي، وضد كل صورة من صور الإرهاب، وأيضا إرهاب حزب العمال الكردستاني)؛ مردفة: (اتفقنا أننا نريد أن نتعاون، فنحن جميعا متأثرون بذلك. اتفقنا على التعامل الوثيق في المستقبل). بعدها أخذ الكلمة الرئيس أردوغان ورد عليها قائلا إن (هذا التعبير غير صحيح لأن الإسلام والإرهاب لا يمكن ربطهما ببعضهما البعض). ما يميز أردوغان أنه يلعب مع كبار السياسة في العالم بنفس أدواتهم، لا يتركهم يمررون ما يشتهون؛ على الأقل لا يتركهم يمارسون إذلال المسلمين والطعن في مقدساتهم؛ الأمر الذي يشعر كل مسلم أن أردوغان يمثله ويدافع عنه. إن من أهم العوامل التي تجعل الشعوب الإسلامية تحس بالعار والذل تكمن في هذا الخضوع السافر لأغلب حكامهم ونظمهم لقوة اللوبي الصهيوني الذي يتحكم في القرارات السيادية للكثير من الدول من خلال اختراقه لأغلب النظم الدولية واستقوائه بنفوذه على مستوى الحكم في الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة البريطانية. وكذلك قدرته على الضغط من خلال القوة التي يمتلكها على المستوى المالي باعتبار أن أهم أغنياء العالم هم يهود؛ هذا بالإضافة إلى امتلاكه لإمبراطورية إعلامية تمتلك أهم وكالات الإعلام العالمي والذي تعتبر أقوى سلاح لإخضاع الحكام والساسة في العالم. فعندما يأتي رئيس مسلم نزيه يجعل أمن بلاده وشعبه ورفاهيته قبل أمنه ورفاهيته؛ ويدافع عن فلسطين وغزة وبورما ومقدسات المسلمين ويستقبل أكبر عدد من المهجرين منهم؛ كيف لا يحتل عندهم محل القائد والزعيم؟؟ ب- يعتبرونه زعيما وقائدا فوق العادة؛ لأن أغلب الشعوب الإسلامية تعيش القهر والذل ويُسِيمها حكامها الخسف والاحتقار؛ فعندما ترى أردوغان يحترم شعبه؛ وترى التركي موفور الكرامة وفير الدخل؛ لا يخاف لا من عسكر ولا من قواد ولا عمال؛ تقارنه بأغلب حكام المسلمين اليوم الذين يذلون شعوبهم بالاستبداد واحتكار الثروات؛ فلا تملك إلا أن تحلَّه مقام القائد والزعيم. فأغلب الأتراك اليوم يعتبرون أردوغان زعيما فوق العادة؛ يعتبرونه مؤسس تركياالجديدة؛ وكيف لا يحبونه وهم يَرَوْن ما يرفرلون به من حياة ملؤها الحرية والكرامة والرفاهية، بعد أن ذاقوا الذل والخزي والتخلف والويلات خلال حكم العلمانيين حيث كان مجرد ارتداء الحجاب يَحرم النساء والبنات من حقهن في التعليم والتوظيف؛ ويعرضهن للمساءلة والسجن. فبالأمس شنق العلمانيون رئيس الوزراء عدنان مندريس لأنه أرجع الأذان باللغة العربية؛ واليوم رئيس تركيا أردوغان يقرأ القرآن في كل المحافل ويفتتح الكتاتيب ويرجع التربية الإسلامية إلى التعليم العمومي. فكيف لا يصبح زعيما لجميع المسلمين؟ هم يعتبرونه زعيما وقائدا لنزاهته ونظافة يده؛ لأنهم يرونه يدافع عن مصلحة شعبه ويعمل لرقي أبناء بلده ورفاهيتهم؛ استطاع أن يحررهم من قبضة اللوبيات الصهيونية المالكة للبنك الدولي؛ جعل تركيا في سنوات معدودة مستقلة ماليا، وهذا يعني أنها ستكون في حل من إملاءات البنك الدولي وصندوق النقد وسياساتهما الإمبريالية التي تستنزف ثروات العالم الإسلامي؛ بل أكثر من ذلك استطاع أن يجعل تركيا تقرض المؤسسات المالية الدولية ولا تقترض منها؛ فأصبح التركي مرفوع الرأس بين العالمين؛ أصبح يرى ما ينتجه اليوم في معامله يغزو الأسواق الأوربية والعالم. ج- هم يعتبرونه زعيما وقائدا لأنه لا يسوغ استبداد المستبدين ولا يتواطؤ معهم على قهر شعوبهم وخيانة عهودهم؛ وقف ضد انقلاب السيسي ونصر أهل عزة؛ وناور بكل قوة في خضم المؤامرة على الشام؛ آوى ونصر. فكيف بعد هذا كله لا يحتل سويداء القلوب؟؟ وقد تابع العالم بأجمعه كيف كانت شعوب العالم الإسلامي تدعو له ليلة الانقلاب الفاشل؛ تتابع فصوله بالثانية؛ بات العالم في ترقب يدعو للقائد حتى لا ينتصر الغرب عليه؛ ورأينا جميعا كيف خرج الشعب ليوقف الدبابات الخائنة ويقبض على المنافقين الموالين للمعسكر الصهيوني. باختصار أردوغان أحب المسلمين وعمل لرفع الذل عنهم فأحبه المسلمون وجعلوه فوق رؤوسهم. لا زال عمل أردوغان لم يكتمل بعد، والعالم الغربي برمته يقف دون أن يصل إلى مبتغاه؛ لم يفلح معه لا بالانقلاب العسكري ولا بالانقلاب الاقتصادي؛ ولا بتحريك خونة الداخل الخرفان، ولا بتوظيف خونة الخارج أشباه خلفان. والله من قبل ومن بعد هو المستعان. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.