الزوايا ذات الخبايا أصناف كثيرة، منها الضامر الغابر الذي يحتاج بعد اكتشافه إلى التطلب الشديد، وبذل غاية الجهد لإزاحة كثير من حواجزه، وقطع المسافات الزمانية والمكانية والنفسية الفاصلة بينه وبين الباحث. ومنها الظاهر السافر الذي يَمُرّ به الباحث مرور العابر، مستبعدا اشتماله على المطلوب، فيذكر مطلوبَه في سياق كلام غير ذي صلة، أو استطراد غير مقصود، فإذا بالمكان زاوية لا كسائر الزوايا ، وإذا الخبايا فيها من صنف ما يبحث عنك بدلا من أن تبحث عنه، ويأتيك بدلا من أن تأتيه. هذا ما جرى الأربعاء الماضي (14 ربيع الأول 1438هج) بيني وبين المركز الثقافي الإسلامي ببَلَنْسِيَة، حيث أسعدني الإخوة الفضلاء هناك بالاطلاع على جناح خاص غير كبير يحفظون فيه بعض المخطوطات، من بينها: نسخة نفيسة جدا من (حواشي ابن موسى الحامدي (1316هج) على (شرح العلامة اليوسي (1102) على العقيدة الكبرى للإمام السنوسي 895هج). وهي نسخة تامة مجلدة تجليدا فاخرا، مذيلة بتقييد مطالعة وتقريظ للأصل المُحَشّى لشيخ الجماعة الفاسية العلامة سيدي عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي (1091هج)، مؤرخ في 1072هج. و(حواشي الإمام ابن موسى الحامدي على شرح الكبرى للإمام السنوسي) مطبوع بمطبعة مصطفى البابي الحلبي، بمصر، سنة 1936م. فلا يمنعن الباحثَ من السؤال والإلحاح: بعدُ الصلة -فضلا عن قربها- بين الموطن الذي تتاح له فرصة الوصول إليه وبين خصوصية مطلوبه، ولا يسأمن من التقصي والإلحاح، واستقصاء سبل الطلب.