هوية بريس – ذ. إبراهيم الطالب قال العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: (تجدهم -أي الشيعة- يعاونون المشركين وأهل الكتاب على المسلمين أهل القرآن، كما قد جربه الناس منهم غير مرة، في مثل إعانتهم للمشركين من الترك وغيرهم على أهل الإسلام بخراسان والعراق والجزيرة والشام وغير ذلك، وإعانتهم للنصارى على المسلمين بالشام ومصر وغير ذلك في وقائع متعددة من أعظمها الحوادث التي كانت في الإسلام في المائة الرابعة والسابعة، فإنه لما قدم كفار الترك إلى بلاد الإسلام وقتل من المسلمين ما لا يحصى عدده إلا رب الأنام كانوا من أعظم الناس عداوة للمسلمين ومعاونة للكافرين، وهكذا معاونتهم لليهود أمر شهير حتى جعلهم الناس لهم كالحمير). وواقعنا المعاصر يشهد لهذه الحقيقة التاريخية، إذ تركب جيوش اليهود الصهاينة والأمريكان اليوم على ظهور الشيعة؛ في كافة معاركها في العراق والشام. ولئن كانت الشيعة كذلك، فقد انضافت فرقة جديدة إليها، فرقة تدعى المدخلية. فلقد باتت المدخلية عونا للصهاينة والأمريكان حيث تشكل إلى جانب الشيعة شقَّي مقص يمزق الأعداء به الأمة، ويفصلون به خريطة جديدة للشعوب الإسلامية خصوصا العربية. فالدور الذي تلعبه الشيعة في الخليج والعراق تلعبه المداخلة في شمال إفريقيا. وتشترك الفرقتان مع الخوارج الدواعش في خصلة أساسية تتحكم في سياستهم في إدارة الصراع، وهي كرههم وعداوتهم لأهل السنة بكل أطيافهم. فالشيعة تكفر أهل السنة وكذلك داعش فلا تعترف بأحد من التيارات الإسلامية بل تكفر الجميع شعوبا وأفرادا وجماعات، أما المدخلية فلا تكفر المسلمين وإنما تبدعهم وتصنفهم خوارج ومن ثم تستبيح دماءهم وتفتي بقتلهم، فتستوي من حيث النتيجة مع الشيعة والدواعش. إن أمريكا والصهاينة لم يعودوا في حاجة للقتال المباشر من أجل السيطرة على النفط، والتحكم في خيرات المسلمين وشعوبهم فحميرهم ينفذون بالوكالة كل مخططاتهم على الأرض المسلمة. والمتتبع لسياسة أمريكا في منطقة ما تسميه مخططاتها بالشرق الأوسط الكبير، منذ اندلاع الثورات إلى اليوم، يلاحظها تتصرف بحيطة وحذر وتتجنب ما أمكن التدخل المباشر المفضوح في الأحداث الدامية التي تجري على أرض الواقع، وكأنها ليس لها مصالح استراتيجية في المنطقة، تنأى بجانبها -ولو على مستوى التصريحات-، أن تظهر بمظهر المتدخل في شؤون الدول التي يتناحر أبناؤها مدة تربو عن الخمس سنوات. أمريكا و"إسرائيل" تديران حروبهما، منذ إسقاط نظام صدام وقتل أسامة بن لادن، بالوكالة وعبر أجهزتها السرية، ومن خلال حلفائها في الأنظمة البائدة التي سقطت تباعا بعد ما سمي بالربيع العربي، وتعتمد بالخصوص في إدارة الصراع حتى تنضج الظروف لتفتيت الدول المزمع تقسيمها على الطوائف الثلاثة: الشيعة والدواعش والمداخلة. فكل الأحداث التي تجري على الأرض تنبئ بأنها مقدمات ومستلزمات لتنزيل مخطط الشرق الأوسط الكبير والذي يقتضي -حسب واضعيه- تقسيم أغلب دول الخليج وشمال إفريقيا إلى دويلات، حتى تضمن تفوق "الكيان الصهيوني" وقيادته لدول المنطقة. ولئن كان دور الشيعة والدواعش واضحا في تكريس الصراع وتسويغ الإبقاء على حكم العميل بشار حتى تتم عملية استنزاف الأرواح العاملة التي كانت أمل الأمة في نهضة تسترجع من خلالها ما ضيعته القومية والعلمانية والناصرية والبعثية، فلئن كان هذا دورهما، فإن الدور المناط بالمداخلة يماثله في شمال إفريقيا، خصوصا في بلد نفطي اختار بعد ثورته أن ينحو منحى الرجوع إلى دينه، فأجمعت طوائفه على شخص جد قريب من الفصائل الإسلامية وهو مصطفى بن عبد الجليل، خصوصا أن الشعب الليبي لم يتأثر بالعلمانية جراء سياسة الانغلاق والتحكم التي انتهجها القذافي. فالمداخلة في ليبيا يزرعون الفتنة بين التيارات الإسلامية، ويمزقون كل وحدة بينها، ويعينون بقايا النظام البائد، حيث يقاتلون بالسلاح إلى جانب الجنرال المتقاعد حفتر، الذي انتدبته الإمارات ومصر والسعودية زمن الملك عبد الله، ليشتت شمل الليبيين كلما أجمعوا على توافق أو ائتلاف، لأن هذه الدول تعتبر كل الفصائل الإسلامية الليبية من الإخوان ما عدا المدخلية. فمتى ظهرت هذه النحلة الخبيثة في أرض ليبيا، خصوصا وأن القذافي كان يعادي الإسلاميين، حيث كان له دينه الأخضر؟؟ وكيف تم احتضان الطائفة المدخلية من طرف النظام الليبي؟؟ في تقرير راند 2006، والذي تعتمد خلاصاته وتوصياته الإدارة الأمريكية، تم تطرق بالتحليل للدور الذي يلعبه المداخلة في حرب الإسلاميين في العالم العربي وذلك من خلال تلويث سمعتهم بتبديعهم وإلصاق تهمة الخروج على الحكام بهم، مع التركيز على حربهم والتصدي لهم بمختلف الوسائل، وقد أوصى التقرير بالاعتناء بهم ودعمهم وتوظيفهم. اشتهر أمر المداخلة عند الدول وتم تسهيل الأمور لهم في السعودية ومصر والإمارات والمغرب وليبيا وغيرها، وفي أواخر عهد القذافي عندما أحس بزوال ملكه، بدأ يسمح ببعض الانفراج في التعامل مع التيارات الإسلامية، حيث أصبح يأذن بإنشاء الكتاتيب القرآنية، وتدريس العلوم الشرعية، وفوض لابنه الساعدي أمر تكوين جماعة دينية تضفي الشرعية على نظامه الآيل للانهيار، فعمل الساعدي على استقطاب الطائفة المدخلية وانتقل إلى السعودية لزيارة رموز الطائفة وأظهر الانتماء إلى السلفية. اجتهد الساعدي في التمكين لفرقة المداخلة حيث استصدر قرارا من اللجنة الشعبية العامة بخصوص إنشاء المعهد العالي السلفي للإمامة والخطابة والإرشاد وعلوم القرآن. وصرح الساعدي حينها أنه: "في شمال إفريقيا وفي ليبيا بالذات أو بالتحديد في طرابلس من أكثر من 200 سنة لم يتم إنشاء مدرسة سلفية في شمال إفريقيا، ولهذا بعد هذه الفترة وفق الله تعالى وتم إنشاء هذا المعهد". تمسح الساعدي ابن القذافي بالشيخ العلامة ناصر الدين الألباني وجعل أشرطته تعرض بالقناة الليبية الرسمية "الجماهرية"، وأسس قناة سماها "الشبابية" تخصصت في الدعاية للساعدي وإظهاره بالقائد الديني الذي خدم تراث الشيخ الألباني، وتم الترويج لفيديوهاته على نطاق واسع، فبلع المداخلة الطعم، وأصبحوا من أنصار النظام يجعلون القذافي ولي أمر يحرم الخروج عليه، مع اجتهادهم في حرب كل الدعاة والحركات الإسلامية وإلحاقها بالخوارج والإخوان. تولى المداخلة كذلك أمر الخطابة في المساجد وأصبحوا خطباء في معسكرات القذافي، لذا فليس من المستغرب أن يستمروا في أداء الدور نفسه حتى بعد سقوط نظام الطاغية. والخلاصة أن المداخلة من يوم جمع شملهم القذافي إلى يوم الليبيين هذا انقسموا إلى ثلاثة أقسام: – قسم موالي للقذافي: خطباء القذافي ووعاظه وخطباء معسكراته. – قسم عرف بحركة "الزم بيتك": يعتبرون أن ما وقع في ليبيا فتنة يجب اجتنابها. – قسم تاب ورجع عن مواقفه التي كان يعلنها في عهد القذافي من موالاة وتعاون، وانضم إلى الثورة وساحات القتال. ويعتبر القسم الأول من المداخلة أخطر الأقسام على أمن وتوافق الليبيين، حيث اختار زعماؤه أن يقفوا مع الجنرال حفتر واعتبروه ولي أمر شرعيا لا تجوز مخالفته، ويحلو لهم تلقيبه بسماحة الوالد المشير. خطورة المداخلة تكمن في سرعة انتقالهم من تبديع المسلمين وعلمائهم ورميهم بالخوارج إلى الأمر بقتالهم واختطاف رموزهم. ولقد شهد العالم الإسلامي بداية هذا الأسبوع جريمة اعتبرت من أخطر جرائمهم حيث أقدموا على اغتيال الشيخ نادر العمراني السنوسي وأفرغوا بكل حقد ذخيرة كاملة لبندقية كلاشينكوف ثم أعادوا إمطاره بأخرى إشفاء لكرههم وحقدهم، بعد قرابة شهرين من الاختطاف. ويعتبر المتطرف رسلان المصري من أكبر زعماء المداخلة في العالم سواء في الدول الإسلامية أو في الدول الغربية حيث المهاجرون والمسلمون الجدد. ويرى أغلب الدعاة والعلماء الليبيين وغيرهم أن شيخ المداخلة هذا ضالع في مقتل كل الليبيين الذين اغتالتهم مليشيات المدخلية لأنه مرجعهم الذي يؤصل لهم تبديع وأخونة كل العاملين للإسلام ووصمهم بالخروج وخندقتهم في خانة التكفيريين، وله فتاوى يبيح فيها قتل الإخوان. ويعتبر كل من يشتغل مع الشيخ الغرياني والشيخ نادر رحمه الله تعالى إخوانيا. لهذا فهو المسؤول من حيث المرجعية والفتوى على قتل كل من اختطفوا أو اغتيلوا من طرف المداخلة، إذ تعتبر فتاويه هو وربيع المدخلي بمثابة نصوص الوحيين بالنسبة للمداخلة. والمتتبع لأحوال المسلمين اليوم يوقن أن كل هدم للإسلام والسنة اليوم إلا وتجد وراءه المداخلة والشيعة، يسلم من أيديهم وألسنتهم اليهود والنصارى وكل الملل ولا يسلم منهم، أهل السنة والجماعة. وهم والدواعش كما أسلفنا واحد، فالدواعش وتكفيريون يكفرون من لم يكفر من كفروه، والمداخلة يبدعون من لا يبدع من بدعوه، ويعتبرونه خارجيا حلال الدم. وتعتبر فتاوى رسلان والرضواني تطبيقا نظريا لهذا الأصل في حين تم تنزيله على أرض الواقع في ليبيا، بقتل العشرات من العلماء والدعاة وعلى رأسهم الشيخ الدكتور نادر العمراني. إن الدور الذي رسمه دهاقنة السياسة والاستراتيجيا الأمريكيون للمَداخلة، في تفتيت الأمة وحرب دعاتها وعلمائها يندرج ضمن مخطط محاصرة المد الإسلامي كما ورد في تقرير راند الخطير، وقد أصبح يتنزل على أرض الواقع، ليس بالتبديع والتضليل بل بالكلاشينكوف والمدافع. فهل يعيد النظر من يداعب ويدعم هذا التيار في المغرب وييسر مؤتمراته، ويرخص لجمعياته ونشاطاته؟؟ وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.