هوية بريس – الخميس 16 يناير 2014م كثرت الأحاديث والأقاويل في الإعلام المسموع والمرئي والمكتوب هذه الأيام، حول قضية الشيخ أبو النعيم، الذي رد على أباطيل وأقاويل زعيم حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي دعا في أحد المؤتمرات إلى تجريم "التعدد" وإعادة النظر في "أحكام الإرث" مما جعل كثيرا من العلمانيين والليبراليين أحزابا وحقوقيين، الذين يتمذهبون بمذهب اللادينيين، ينتصرون لشيخهم وقائدهم الاشتراكي إدريس لشكر، المعروف تاريخيا بكرهه للإسلام والمسلمين، ولا غرابة في ذلك فهم كما قال الله سبحانه: "المنافقون والمنافقات بعضم أولياء بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف" أمام صمت علماء الدين "المجلس العلمي". إن ما دعا إليه لشكر لهو أمر خطير، وسابقة في التاريخ أن يخرج زعيم حزب في دولة لها أمير المؤمنين ومجالس علمية ودينها الرسمي المسطر في الدستور "الاسلام" أن ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وأن يدعو إلى مراجعة أحكام الإرث وتجريم التعدد.. حتى لو ناقشنا هذا الرجل ومن يسير على ملته وشاكلته عقليا، فإننا سنخلص إلى نتيجة واحدة لا ثانية لها، أن هذا الرجل يدعوا للثورة على الله، وهذه هي عين الليبرالية العفنة، التي لا يتقيد أصحابها بقيود دينية أو حتى عرفية، كل شيء مباح عندهم.. فتجريم التعدد يعني رد صريح لما ورد في كتاب الله سبحانه :"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلات ورباع"، "للذكر مثل حظ الانثيين". إن هؤلاء، حينما يتصدى لهم رجال من أهل العلم يردون على زندقتهم وخبثهم من الكتاب والسنة ويبينون حكم الله فيما قالوا، لا يحسنون إلا استدعاء الكلمات التي لا تكاد تفارق شفاههم، مثل متطرفون إرهابيون رجعيون ظلاميون.. لكن لا يخفى علينا أن أصحاب هذه الأفكار العدائية لما يعتقده عامة الشعب المغربي لهم من النفوذ السلطوي ما يؤهلهم لقول أكثر من هذا، ولقد قال أحدهم فيما قبل أن رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم "رسالة إرهابية" فلم تقم الدولة عبر مجالسها وعلمائها وقضائها لفعل شيء له، وكذلك مع الشيخ الاتحادي، بينما يستدعى الشيخ أبو النعيم حفظه الله للتحقيق في هذه القضية، يا لها من مصيبة يساق الشريف إلى التحقيق ويغض النظر عن المتسبب في هذه القضية، فكان من الأولى للقضاء أن يستدعي لشكر ويستفسره عن أقواله التي لا ينطق بها مسلم مؤمن مسلم بما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن إنكار المعلوم من الدين بالضرورة أمر معروف حكمه عند عامة المسلمين، ناهيك عن خاصتهم، ولا يمكن لأي كان أن يجعل المنكرين لما هو معلوم من الدين بالضرورة، وما أجمعت عليه الأمة مسلما، ولتوضيح الكلام أكثر وتبيين حال المستهزئين بالله وعاقبتهم من الناحية الشرعية نستدعي نصا من أحد المراجع المالكية لأحد أعلام الفقه المالكي القاضي عياض السبتي -رحمه الله- في كتابه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" المعروف عند المغاربة والمشارقة (2/299) قال رحمه الله: "وأما من تكلم من سقط القول وسخف اللفظ، مِمن لم يضبط كلامَه، وأهمل لسانه بما يقتضي الاستخفاف بعظمة ربه وجلالة مولاه، أو تمثل في بعض الأشياء ببعض ما عَظَّم الله من ملكوته، أو نزع من الكلام لمخلوق بما لا يليق إلا في حق خالقه، غير قاصد للكفر والاستخفاف ولا عامد للإلحاد، فإن تكرر هذا منه وعرف به، دل على تلاعبه بدينه واستخفافه بحرمة ربه، وجهله بعظيم عزته وكبريائه، وهذا كفر لا مرية فيه؛ وكذلك إن كان ما أورده يوجب الاستخفاف والتنقص لربه؛ وقد أفتى ابن حبيب وأصبغ بن خليل، من فقهاء قرطبة، بقتل المعروف بابن أخي عجب، وكان خرج يوما فأخذه المطر فقال: بدأ الخراز يرش جلوده، وكان بعض الفقهاء بها أبو زيد صاحب الثمانية وعبد الأعلى بن وهب وأبان بن عيسى، قد توقفوا عن سفك دمه، وأشاروا إلى أنه عبث من القول، يكفي فيه الأدب، وأفتى بمثله القاضي حينئذ موسى بن زياد؛ فقال ابن حبيب: دمه في عنقي، أيشتم رباّ عبدناه ثم لا ننتصر له!؟ إنا إذا لعبيد سوء ما نحن له بعابدين، وبكى. ورفع المجلس إلى الأمير بها عبد الرحمن بن الحكم الأموي، وكانت عجب عمة هذا المطلوب من حظاياه، وأُعْلِم باختلاف الفقهاء، فخرج الإذن من عنده، بالأخذ بقول ابن حبيب وصاحبه، وأمر بقتله، فقتل وصلب بحضرة الفقيهين وعُزل القاضي لتهمته بالمداهنة في هذه القصة ووبخ بقية الفقهاء وسبَّهم". فالنص واضح على اعتبار الاستهزاء بالله موجبا لاعتبار قائله كافرا، وتدخل ولي الأمر ردعا للزنادقة والملحدين وحماية لعقيدة المسلمين من عبث المنحرفين والمرتدين. فهل بعد التحقيق مع الشيخ أبو النعيم من قبل القضاء، سيستدعي القضاء المغربي لشكر للتحقيق معه أم..؟ والجواب بالطبع: لا، لكن ننتظر هذا ما سينكشف لنا في الأيام القادمة بحول الله.