البطولة الوطنية (مؤجل الدورة 3).. الدفاع الحسني الجديدي يفوز على الجيش الملكي (1-0)    أسعار البنزين والديزل تتراجع في محطات الخدمة بالمغرب    مواجهة أفريقيا الوسطى.. منتخب الأسود يقيم في مدينة السعيدية    عبد اللطيف حموشي يستقبل المستشار العسكري البريطاني لمناقشة تعزيز التعاون الأمني    بلينكن يجدد دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء            "حزب الله" يعلن تدمير 3 دبابات إسرائيلية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثمانية من جنوده في معارك مع حزب الله بجنوب لبنان    أساتذة الطب والصيدلة يتضامنون مع الطلبة ويطالبون ب"نزع فتيل الأزمة"    الودائع لدى البنوك تتجاوز 1.200 مليار درهم    القاهرة.. الجواهري يستعرض التجربة المغربية في مجال دور المصارف المركزية في التعامل مع قضايا التغير المناخي    الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024: انتهاء مرحلة تجميع المعطيات من لدن الأسر    إحباط عملية للتهريب الدولي لشحنة من الكوكايين بمعبر الكركرات    التحريض على الهجرة إلى سبتة يقود 52 شخصا إلى الحبس لعدة أشهر    الدنمارك: انفجار قنبلتين قرب سفارة إسرائيل    الأرصاد الجوية: الحرارة بالمغرب تتجاوز المعدل الموسمي ب 3 إلى 5 درجات    اعتداء جنسي على قاصر أجنبية بأكادير    فيلم…"الجميع يحب تودا" لنبيل عيوش يتوج بجائزتين    بسبب "عدم إدانته" لهجوم إيران.. إسرائيل تعلن غوتيريش "شخصا غير مرغوب فيه"    الصويرة بعيون جريدة إسبانية    وكالة تصنيف دولية: طنجة المتوسط يعزز نمو الاقتصاد المغربي واستقراره        لقجع: "سننظم كأس العالم لكرة القدم داخل القاعة 2028 وسنفوز بها على أراضينا"    نزاع يؤدي إلى طعن النائب البرلماني عزيز اللبار ومدير الفندق    إيران تقصف إسرائيل وتهدد باستهداف "كل البنى التحتية" لها    لهذا السبب تراجعت أسعار الدواجن !    ابتداء من 149 درهما .. رحلات جوية صوب وجهات اوروبية انطلاقا من طنجة    الولايات المتحدة تعيد التأكيد على دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء كحل جاد وموثوق وواقعي    الجديدة: سربة المقدم 'بنخدة' تتصدر ترتيب اليوم الأول للجائزة الكبرى للملك محمد السادس للتبوريدة    الرجاء الرياضي يعلن تعاقده مع يونس النجاري    وفاة شاب في الأربعينات متأثراً بجروح خطيرة في طنجة    الولايات المتحدة تثمن الدور الحيوي الذي يضطلع به جلالة الملك في تعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    إسرائيل تهدد بضرب أهداف نفطية واستراتيجية في إيران بالتنسيق مع الولايات المتحدة    أبطال أوروبا.. أرسنال يحسم القمة أمام سان جرمان وإنتصارات عريضة للفرق الكبيرة    احتفاء بذكرى المسيرة الخضراء.. الداخلة تستعد لاحتضان حدث رياضي دولي في المواي طاي    كوت ديفوار تنفي اتهامات بوركينا فاسو لها..    هل نسقت إيران مع أمريكا قبل الهجوم؟    الاعلان عن موسم أصيلة الثقافي الدولي 45 بمشاركة 300 من رجال السياسة والفكر والادب والاعلام والفن        ألمانيا تشيد بالروابط "الاستثنائية" مع المغرب    السيد: مستشرقون دافعوا عن "الجهاد العثماني" لصالح الإمبراطورية الألمانية    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    "أنين صامت" ينافس في مهرجان دولي    الحركات الاحتجاجية والبعد الديمقراطي    في حلقة اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: محمد بن تاويت الطنجي.. محقق التراث وكاشف المخطوطات    ممثلة مغربية تثير غضب طلبة الطب بعد اتهامهم بالمراهقة السياسية    رجل يشتري غيتاراً من توقيع تايلور سويفت في مزاد… ثم يحطّمه    الأدَبُ الجَمَاهِيريّ وأدَبُ النُّخبة    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    جدري القردة يجتاح 15 دولة إفريقية.. 6603 إصابات و32 وفاة    مرض جدري القردة يواصل تسجيل الإصابات في عدة دول إفريقية    تناول الكافيين باعتدال يحد من خطر الأمراض القلبية الاستقلابية المتعددة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخالفات الشرعية في مقررات اللغة العربية في التعليم الثانوي التأهيلي (ج6)
نشر في هوية بريس يوم 28 - 05 - 2016


هوية بريس – السبت 28 ماي 2016
انتهى بنا الكلام في الجزء الخامس من هذه السلسلة عند مقالةٍ لأدونيس يصدح فيها بإنكار الخالق جل وعز، ويعدّ ذلك شأنا مقدسا كقداسة الإنجيل؛ وهذا مراده من قوله: (…والرفض إنجيلي). وقد مر معنا في الجزء الثالث أنه يرى "الحداثة" دينا يجب إحلاله محل الدين الحق. ومقابل هذا الكفر بالله الواحد الأحد، لايتردد الشاعر الحداثي/العلماني خليل حاوي في التضرع لتموز؛ إله الخصب: (ظاهرة.. ص.137.136).
((يا إله الخصب، يابعلا يفُضّ
التربة العاقر
يا شمس الحصيد
نجّنا، نجّ عروق الأرض
من عقم دهاها ودهانا،
أدفئ الموتى الحزانى
والجلاميد العبيد…
يا إله الخصب، يا تموز يا شمس الحصيد
بارك الأرض التي تعطي رجالا
أقوياء الصلب نسلا لايبيد)).
ونظير هذا كثير في شعر الحداثيين.
ولقد نعجب من خطل آراء هؤلاء الشراذم، المنبوذين من لدن جمهور المسلمين، المحجوبة أهواؤهم عن فطر الناس؛ على انبساط أيديهم في حكومة السواد الأعظم من بلاد المسلمين، وإمداد أهل الصليب إياهم بكل وسيلة، وتحريضهم على قمع مخالفيهم، والتنكيل بمن يعارض خططهم.
إنّا لنعجب منهم وهم يصرون على باطلهم وكفرهم بالله العظيم، زعما أنه لم يوجد إلا في أوهام المومنين به، ثم اكتسب شرعية الوجود -زعموا؛ وبئس ما زعموا- بتعاقب الأجيال في غابر الأزمان.
وهم حين يزعمون أنه سبحانه مات -تعالى الله عما يقول الظالمون- إنما يعنون أنه مات في قلوبهم المنكوسة؛ لا أنه كان قبلُ. وبعد هذا الصخب كله، تراهم يمجدون الأوثان التي أطبق العقلاء أنها من أساطير الجاهلية الجهلاء، وخرافاتها الرعناء.
كمثل الذي أريتك أيها القارئ الكريم، في ضراعة خليل حاوي بين يدي الوثن تموز. أو كالذي ترى في قصيدة "هبوط أورفيوس إلى العالم السفلي" للبياتي، كتاب "الممتاز" (ص.116) إذ يجعل فيها الوثن "عشتار" قادرة على بعث الموتى وإحيائهم من جديد، يقول:
(كلما نادتك عشتار من القبر ومدت يدها ذاب الجليدْ
وانطوت في لحظة كل العصورْ
وإذا بالليل ينهار وتنهار السدودْ
وإذا بالميْت المدرج في أكفانه يصرخ كالطفل الوليدْ
بعد أن باركه الكاهن بالخبز وبالماء الطهورْ).
غير أن ذاك العجب يزول حين نعلم أن الحداثيين يبغون سَلْك الأديان كلها -حقِّها وباطلِها-في سِلك أساطير الأولين؛ فيضعون من شأن الإسلام، ويرفعون بالخرافة رأسا حتى تزاحم دين الحق؛ فيستوي الجميع في أذهان القارئين. ثم يُخص دين الله بالازدراء والتحقير، تنفيرا منه، حيطةً أن يغادروا بقية من توقيره في نفوس القارئين.
والكلام في هذا يطول، وحسبنا ما أوردناه، فلعل الله سبحانه يبارك فيه، ويجعل فيه وفاء بالمقصود، وغنيةً عما لم يذكر. فلقد أحسب أني بينت غرضي، بما لا إخلال فيه نقص ولا تقصير ولله المنّ، وله الحمد في الأولى والآخرة.
وأحب هنا أن أنبه إلى أن السعي إلى تكريس الحداثة/العلمانية كان أمرا مبيتا؛ مقصودا إليه، من قِبل الجهات القائمة على إخراج هذه المقررات، واعتمادها في المدارس المغربية. وبرهان ذلك ما جاء في كُتيّب "التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة اللغة العربية بسلك التعليم الثانوي التأهيلي" الذي أصدرته مديرية المناهج، التابعة للكتابة العامة لوزارة التربية الوطنية، نونبر2007؛ فقد جاء في المدخل العام لمراجعة المناهج (ص.5) ما نصه:
(تنبثق المراجعة الجديدة لمناهج المرحلة الثانوية التأهيلية.. من تصور فلسفي يؤسس لمشروع مجتمعي تربوي قوامه:
– التمسك بالعقيدة الإسلامية وما تنص عليه من تسامح وانفتاح.
– الانخراط الإيجابي في الحداثة وترسيخ ثقافة الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان.
– حفظ التراث الحضاري والثقافي للبلاد بتنوع روافده والعمل على تجديده…).
هذه بعض المقومات أو الغايات المعلنة باعتبارها دوافع لعملية المراجعة. والمتأمل فيها يلحظ أن هدفها الأساس هو: ترسيخ التوجه الحداثي/العلماني، وأما ما سواها من العناوين والشعارات فإنما هو للتمويه والمغالطة، وتلطيف حدة الخطاب وبشاعة المقصد.
ولا يخدعنْك البدء -في المقوم الأول- بشعار "التمسك بالعقيدة الإسلامية"، فإنه مفرّغ من معناه؛ صيره واقع حال الحداثيين كلاما أجوف؛ إذ التمسك إنما يكون بالأفعال والأحوال فضلا عن الأقوال. وأحوال المقررات الدراسية في الثانوية المغربية بعيدة عن هذا التمسك؛ فهذه مادة التربية الإسلامية تواجه حربا علمانية/حداثية ضروسا، يدعون إلى تقليص حصصها حينا، وإلغائها أحيانا، وما أكثر ما حذف من مضامين مقرراتها لأنه غير ملائم "للحداثة".
هذا مع أن التربية الإسلامية وضعت بداية في ذيل القائمة؛ هي الأقل زمنا الأضعف معاملا. حالها من حال البند الذي ينص على إسلامية الدولة في الدستور.
وينسخ ذلك "التمسك" أيضا ماجاء بعده، وهو: (..وما تنص عليه من تسامح وانفتاح)). والتسامح هنا بالمفهوم الحداثي؛ أي: قبول ما عليه غير المسلمين من شرك وانحراف ومنكرات، بل والاحتفاء بذلك و"الانفتاح" عليه بدعوى احترام الآخر. فلا دعوة إلى التوحيد، ولا نبذ للشرك، ولا ولاء ولا براء، ولا أمر بمعروف، ولا نهي عن منكر… فهذه كلها عند القوم نقيض للحرية والحداثة، وإنما هو "التسامح والانفتاح". ولا يزال المغاربة يذكرون ذلك المفتون الذي وصف رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، يدعوه فيها إلى الإسلام، فوصفها اللعين بالإرهابية.
فالمقصود إذن هو: التمسك "بالتسامح والانفتاح" كما عبر عنه الشاعر، في كتاب واحة اللغة العربية، في قصيدة "تسامح الصغار" يصف فيها جماعة من أطفال المسلمين يشاركون أبناء النصارى في الاحتفال بعيدهم الذي يصادف شهر دسمبر، ولأنه وافق شهر شعبان زعم الشاعر أنهم يحتفلون به أيضا، واستغرب ألا يفعل الكبار كفعلهم ويذروا خلافاتهم؛ يقول: (ص.135):
صغار بحُلوانَ تستبشر***ورؤيتها الفرح الأكبر
ومن عجب منهم المسلمون***أو المسلمون هم الأكثر
فلاسفة كلهم في اتفاق***كما اتفق الآل والمعشر
دِسَمْبرُ شعبانُ عند الجميع***وشعبانُ للكل دسمبر
فيا ليت شعري أضل الصغار***أم العقل ما عنهم يؤثر؟
سؤال أقدّمه للكبار***لعل الكبار به أخبر
ولا يخفى ما في هذا "التمسك" بهذا "التسامح" من إهدار مبيت لأصول الشريعة، وثوابت العقيدة الإسلامية؛ فهو عين القبول بالباطل، والرضى به عياذا بالله.
وللحديث بقية إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.