: سأخبرك بأمرين لعلك تعلمهما، ولكنك تتجاهلهما منذ زمن.. أولهما: أن لكلامك في مثل هذه الأحداث تأثيرا عظيما، في تقوية قلوب المكروبين، وتثبيت نفوس المحزونين، وتخذيل المتربصين. والثاني: أن الكلام في هذه القضية بالذات لن يكلفك أدنى شيء، حتى منبر الجمعة أو الكرسي العلمي، لأنها قضية متفق عليها عندنا بين الجميع، شعوبا وأنظمة – على الأقل من جهة الشعار المعلن. أما تستحي أن يكون لاعب الكرة في أوروبا حين يعلن تضامنه، أشجع وأقوم بالأمانة منك، وهو يعلم أن ذلك سيكلفه الكثير، وأنت تعلم أن مثل موقفه لن يكلفك حتى القليل! فأخبرني إذن: فيم صمتك؟ وحتام استخذاؤك؟ أخشى أنك ألِفت الصمت حتى ما عدت تعرف إلى الكلام سبيلا، وزَين لك المحيطون بك ما يسمونه حكمة ورزانة وعدمَ انسياق وراء العواطف، وإنما هو الجبن والذلة والانقطاع عن واقع الناس.. عالِم لا موقف له في الواقع، ولا فتوى عند الحاجة، ولا مشروع بناء علمي، وإنما هي الدروس الخطابية التي ينبهر فيها العوام بما يُلقى إليهم مما لا عهد لهم به.. عالم هكذا حاله: ما فائدته في الأمة؟ يا ضيعة الأعمار في طلب العلم، إن كان المآل مثل هذه الحال. "إذن فاتباع الجهل قد كان أحزما!".