أجمع خبراء ومراقبون على أن تجدد الدعوات المطالبة بانفصال منطقة القبائل في الجزائر ترجع إلى فشل السلطات الجزائرية في الاستجابة لمطالب سكان تلك المناطق. وأوضح المؤرخ والناشط السياسي الأمازيغي، محند أرزقي فراد، أن "فكرة الانفصال ظهرت من خلال المخبر الفرنسي -الذي عمد طوال القرن ال19 إلى تكريس سياسة فرق تسد بين العرب والأمازيغ في الجزائر"، مؤكدا أن "هذه الفكرة فشلت خلال فترة الاستعمار، لأن الإسلام جمع ووحد بين العرب والأمازيغ". وشدد أرزقي على أن هذه الفكرة ظهرت مجددا بعد الاستقلال، موضحًا أن "النظام الجزائري المستبد هو الذي وفر التربة الخصبة لظهور نبتة الانفصال بإقصائه للمكون الأمازيغي في الشخصية الجزائرية، كما عانى الأمازيغ لعقود من ظلم وتعسف وتغييب لهويتهم وثقافتهم"، بحسب "الجزيرة نت". وأشار أرزقي إلى أن فكرة الانفصال لا مستقبل لها في الجزائر، مضيفا أن "القضاء نهائيا على هذه الفكرة لا يكون إلا ببناء نظام ديمقراطي". وحذر في الوقت نفسه من أن "استمرار الممارسات الدكتاتورية قد يدفع نحو ظهور حركات مماثلة، خاصة في الجنوب الجزائري الذي يعاني سكانه ظلما وتهميشا كبيرا". وكان زعيم الحركة الانفصالية، فرحات مهني -وهو مطرب قبائلي يقيم في باريس- قد دعا إلى التظاهر عشية الاحتفال بالذكرى ال36 على أحداث الربيع الأمازيغي، للتأكيد على تمسك الحركة بمطلب إنشاء كيان مستقل عن الجزائر، وليس للدفاع عن الثقافة واللغة الأمازيغية فقط. بدوره، أشار محمد نبو الأمين العام لحزب جبهة القوى الاشتراكية أحد أهم الأحزاب المؤثرة في الشارع القبائلي خلال تجمع أمام مناضليه بمدينة أم البواقي السبت إنه يجب وضع ظهور الحركة الانفصالية -التي تشكل أقلية- في سياق الانحراف العام الذي تشهده الجزائر. ولفت إلى أن "انحراف الدولة وغياب برنامج للتنمية، وإعاقة آفاق المستقبل لشباب محروم من الحق في العمل ومن ممارسة حرياته كلها أسباب دفعت شباب منطقة القبائل للتظاهر، والاستجابة لشعارات انفصالية كانت تضحك الناس إلى وقت قريب". جدير بالذكر أن أمازيغ الجزائر قد احتفلوا في العشرين من أبريل من بذكرى "الربيع الأمازيغي"، وهو اليوم الذي شهد مواجهات دامية بين نشطاء الحركة الأمازيغية وقوات الأمن الجزائرية بعد خروجهم في مسيرات حاشدة للمطالبة بالاعتراف بالهوية الأمازيغية للجزائر.