قالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية إن الانقلاب في النيجر فاجأ فرنسا.. فصحيح أن هشاشة نظام محمد بازوم كانت معروفة جيداً ولم يكن الرئيس محل إجماع داخل الجيش النيجيري وكان عليه أن يفرض خياراته، ولا سيما التعاون العسكري مع فرنسا، لكن أحداً لم يتوقع مثل هذا الانقلاب المفاجئ. واليوم -تضيف الصحيفة-، بعد ثلاثة أيام من الأحداث، ما زالت هناك الكثير من الأسئلة، بما في ذلك من باريس التي تتساءل عن طريقة للخروج من الأزمة مع أحد شركائها الأفارقة الرئيسيين. في هذا الصدد، يترأس رئيس الدولة إيمانويل ماكرون اليوم السبت في باريس مجلس دفاع مخصص للنيجر. كما تباحثت السلطات الفرنسية مع مسؤولين من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ورؤساء دول في المنطقة، مثل رئيس البنين باتريس تالون، على أمل الوساطة. وإدراكًا للواقع، انتقلت ردة الفعل الدبلوماسية الفرنسية يوم الجمعة من التردد إلى الحزم، حيث قالت وزيرة الخارجية كاترين كولونا إن "فرنسا لا تعترف بالسلطات الناتجة عن الانقلاب الذي قاده الجنرال تشياني"، مضيفة أن باريس "لا تعتبر أن الأمور انتهت، فهناك احتمالات للخروج إذا سمع المسؤولون عن محاربة الانقلاب رسالة المجتمع الدولي". وشدد رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون على أن "هذا الانقلاب غير شرعي تمامًا وخطير للغاية بالنسبة إلى النيجيريين والنيجر والمنطقة بأسرها". ودعا إلى الإفراج عن الرئيس بازوم وإعادة النظام الدستوري. من جانبه، حذر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل، الانقلابيين من "التعليق الفوري" لمساعدات الاتحاد الأوروبي لميزانية النيجر التي تصل إلى 183 مليون يورو والمساعدات الفنية إلى 37 مليون يورو. ففي شهر فبراير/شباط، أطلق الاتحاد الأوروبي شراكة عسكرية في النيجر. وأعربت الدول الأوروبية الأخرى المشاركة في النيجر، مثل ألمانيا، عن نفس الإدانة للانقلاب. وأضافت وزارة الخارجية أن مئة جندي ألماني في النيجر "بأمان". واعتبرت "لوفيغارو" أن فرنسا وشركاءها الأوروبيين وقعوا في الفخ، حيث إنهم تصوروا شراكاتهم مع النيجر، التي أقيمت على الصعيد الثنائي، كمثال على التعاون الجديد الذي سيقام بين أوروبا وإفريقيا. وصرح مسؤول عسكري رفيع المستوى قبل بضعة أسابيع بأن "منطقة الساحل لم تختف من مخاوف الأوروبيين"، وأن "التهديد لم يتراجع"، مؤكدا اتساع نفوذ الجماعات الجهادية. ولكن هل من الممكن إقامة شراكة قائمة على "التدريب و الإمداد بالمعدات والمخابرات" مع سلطات غير شرعية؟ .. فقد أوضحت كاترين كولونا أن "التعاون لا يمكن أن يكون هو نفسه". اليورانيوم مصدر قلق لباريس وتابعت "لوفيغارو" القول إن الانقلابيين على علم بالمسألة الأمنية، حيث برر رجل النظام الجديد الجنرال عبد الرحمن تشياني الانقلاب بالوضع الأمني في النيجر. وقال يوم الجمعة إن مقاربة الرئيس بازوم "فشل في تأمين البلاد على الرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمها النيجيريون والدعم الكبير والمقدر لشركاء البلاد الخارجيين". وأضاف: " ما معنى المقاربة الأمنية ضد الإرهاب التي تستبعد أي تعاون حقيقي مع بوركينا فاسو ومالي، بينما تتشارك النيجر معهما منطقة ليبتاكو – غورما، حيث تتركز معظم أنشطة الجماعات الإرهابية التي تتم محاربتها؟ وفق "القدس العربي" يمكن للصيغة هذه أن تنتقد موقف باماكو وواغادوغو وكذلك موقف باريس. كما تثير الأزمة في النيجر مخاوف بشأن إمداد فرنسا باليورانيوم، حيث تقوم شركة Orano الفرنسية (سابقاً Areva) بتشغيل مناجم في النيجر. و تعتمد محطات الطاقة النووية الفرنسية بنسبة 10% على الخام النيجيري.