قدِّر لي المشاركة في حراسة امتحانات نهاية السنة (1443ه/2023م) في مؤسسة تعليمية ، فأشاد المشاركون بنموذجية المؤسسة بالإجماع. فما سبب ذلك؟ -هدوء التلاميذ. -عدم وجود مشاجرات بين الأساتذة والتلاميذ بسبب الغش، وغاية ما وُجد – إذا ضبط تلميذ- أن يخجل مُنحني الرَّأس. -البَسمة على شِفاه العاملين مع الترحيب الحار ابتداءً من بوَّاب المؤسسة وانتهاء برئيسها؛ الذي شهد له الجميع بحُسن التواصل وتدبير الأزمات وتوزيع المَهام، إلى غير ذلك مما لُوحظ. غير أنه أكتفي بثلاث تجارب أثارت انتباهي فأحببت تَعميمها على القراء الكرام بهدف الاستفادة منها: التجربة1: صلاح الرأس صلاح الكل. وقصدي السيد المدير الذي يأسر الجميع بابتسامته الحلوة، والهدوء في الكلام، والوقفة البهية. وقد شاهدت عدم كَلَلِه من الطواف على الأقسام في كل مادة، وتشجيع وطمأنة متعلِّميه، كما شاهدت المتعلمين يتجمهرون حولَه بعد نهاية الامتحان للتعبير عن انطباعاتهم عن المادة المُمتحنة. عِلاوة مع الحوار مع باقي الأطر تحت وصَايته، كما أكَّد لي بعضهم في شهادتهم. وهذا التعامل المُفعم بالمحبة ترى الكل يرقص فرحاً لتنفيذ أوامره؛ ليس من منطلق الآمر الناهي، ولكن من مُنطلق خدمة المُحبِّ للحبيب. وهذه فلسفة تربوية قلَّ نظيرها، ورسالة للمشرفين الإداريين. التجربة2: تجويد العمل الإداري. أثار فضولِي كتابة الإعلانات وتصدير لوائح الحُراس والتلاميذ بخط أنيق، وطِباعة فاخرة ملوَّنة على غير المعهود. نتيجة توفر المؤسسة على عدة طابعات إحداها بالألوان. فسألته عن السِّر في ذلك فأجاب: بأنه يعتمد على برنامج تم إعداده من طرف أستاذ يعمل بالمديرية، وهذا البرنامج يسهِّل العمل الإداري، ويقوم بمختلف العمليات التي يحتاجها المُدير تحت الطلب، والأجمل في إمكانية ربطه بمنظومة مسار لاستيراد اللوائح والنتائج والتصدير إليه، ويمكن العمل عليه في وقت وجود الضغط على مسار لمسك النقط، وتصديرها حينما يرتفع الضغط عليه. وأضاف بأن البرنامج استفاد منه شبكة من المديرين عبر التراب الوطني بأداء رمزي للأستاذ معد البرنامج تشجيعاً وتنويها بعملِه. أليس هذا هو الابداع في أحسن تجلياته والسِّر كذلك في النجاح والتسيير الإداري وتسهيل المساطر ومعالجتها رقمياً. التجربة 3: جمعية الآباء وتنمية حس الانتماء. مارأيته لأول مرَّة في حياتي المهنية أن تقوم جمعية الآباء باستقبال خاص لكل تلميذ مُمتحن، فرد فرد، بعد خُروجه من المادة المُمتحنة الأولى صبيحة اليوم الأول بإعداد مائدة عليها كأس من الياغورث وفطيرة تُعطى لكل تلميذ وتلميذة، وفي صبيحة اليوم التالي في نفس التوقيت توزع موزة واحدة لكلِّ واحد منهم. بل تم إعداد كذلك وجبة فطور جماعية للمشاركين في الحراسة بالتعاون مع جمعية الآباء. قلت: هذا هو السِّر في هذا الهدوء والاحساس بالانتماء الحقيقي للمؤسسة، واحترام ممتلكاتها ومرافقها، وعدمُ سماع الكلام الساقط والفاحش طيلة وجودنا بالمؤسسة، وعدم تسجيل حوادث العنف أفقياً أو عمودياً. وقد صارحت حارس عام المؤسسة بهذا الانضباط فقال: انظر إلى ساحة المؤسسة؛ هل تجد فيها كاغداً واحداً، مع العلم أننا لم نقُم بأي حملة تحسيسية على غرار السنة الماضية. قلت: هكذا إذن تُزرع القيم في صُفوف التلاميذ، وتعزِّز فيهم روح الانتماء لمؤسستهم.