اليوم التاسع من شهر ذي الحجة هو يوم عادي غير مميز بشيء خاص به إذا ما نظرنا إليه من جهة انتمائه فقط إلى ذلك الشهر، فهو كفاتح ذي الحجة، أو الثاني منه، أو الثالث، أو الخامس أو السادس، وغيره من أيام العشر من ذي الحجة، لا خصوصية له بهذا الاعتبار. لكن إذا ما نظرنا إلى يوم التاسع من جهة ما يكون فيه، فهنا يأتي تميزه عن باقي الأيام من العشر من ذي الحجة ، ويكون ارتباطه بأعمال الحجاج في يوم عرفة، الذي هو يوم عظيم عند الله عز وجل حتى سمي بيوم المباهاة (1)، ولهذا كان لصومه لغير الحجاج معنى ومناسبة لا توجد في غيره من أيام شهر ذي الحجة. وهذا ما يفسر كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر عن فضل صيامه نعته وسماه بما يحيل إلى الأعمال التي تكون من الحجاج في يوم مميز، فقال صلى الله عليه وسلم: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ". فقوله عليه الصلاة والسلام: "يوم عرفة" إشارة قوية إلى أعمال في مكان وزمان معينين، لا تتكرر، وهي أعمال الحجاج في يوم عرفة، التي من أعظمها الدعاء، ومن أعظم الدعاء دعاء يوم عرفة كما جاء في الحديث النبوي الشريف(2)، بل الحج كله أضيف إلى ذلك اليوم المميز فأصبح: "الحج عرفة"(3). فلنجتهد في صيام يوم عرفة، وفي دعاء يوم عرفة، مع حجاج يوم عرفة. أسأل الله لي ولكم التوفيق والقبول. هامش……………………. (1)- قال رَسُول صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ". صحيح مسلم (2)- قال رَسُول صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ". الموطأ. (3)- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ". الترمذي وغيره.