اذا لم يستطع الرجل أن ينفق على جميع أفراد أسرته التي تتكون من أب وأم وزوجة وابن وبنت، فإن القانون المغربي قدم الإناث على الذكور في الإنفاق عليهن، كما تنص عليه المادة 193 من مدونة الأسرة: "إذا كان الملزم بالنفقة غير قادر على أدائها لكل من يلزمه القانون بالإنفاق عليه، تقدم: 1 – الزوجة، 2 – ثم الأولاد الصغار ذكورا أو إناثا، 3 – ثم البنات، 4- ثم الذكور من أولاده، 5- ثم الأم، 6- ثم الأب". انتهى قلت: تقديم الإناث على الذكور في النفقة عند المزاحمة من باب العدل الذي أتى به الإسلام ومكارم الأخلاق نظرا لضعف الأنثى في مقابل الذكر ورعيا لحالها. ويشهد لهذا التصرف النبيل والخلق العظيم نصوص شرعية جزئية، منها: في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : " أُمُّكَ ". قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : " ثُمَّ أُمُّكَ ". قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : " ثُمَّ أُمُّكَ ". قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : " ثُمَّ أَبُوكَ " . بل نجد هذا التصرف حاضرا بين الاخ والأخت عند المزاحمة في الإنفاق عليهما أيهما يقدم، فقد ثبت بسند حسن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يدُ المعطي العُليا، وابدَأ بمن تعولُ، أُمَّكَ، وأباكَ #وأُخْتَكَ_وأخاكَ، ثمَّ أدناكَ فأدناكَ". ولهذا ، لو التزمنا منطق الأممالمتحدة الذي يطالب بالمساواة المطلقة بين الذكور والإناث ورفع جميع أشكال التمييز كما جاءت في اتفاقية سيداو التي يتشبت بها الحداثيون المغاربة ويقدسونها، لكان من مقتضى ذلك المطالبة بتغيير المادة 193 من مدونة الأسرة، فلا معنى لتقديم الإناث على الذكور في الإنفاق لأنها ليس من المساواة في شيء، ويترك الأمر لاختيار المنفق لأنه صاحب المال حسب معتقد الحداثيين.. لكن في الإسلام الإنفاق أو #توزيع_المال_مبني_على_العدل وليس على المساواة المطلقة، ولهذا تقدم الأنثى على الذكر في أحوال، ويقدم الذكر على الأنثى في أحوال أخرى تحقيقا لمبدأ العدل ومراعاة للحكمة. ومبني كذلك على معتقد راسخ أن المال لصاحبه الحقيقي؛ وهو الله جل جلاله، والناس فقط مستخلفون فيه، فلا اختيار لهم بعد اختيار الله سبحانه. ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنࣲ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى 0للَّهُ وَرَسُولُهُۥۤ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ 0لۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ 0للَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلࣰا مُّبِينࣰا﴾ [الأحزاب 36].