لوحظ خلال الشهور المتأخرة ظهور احتجاجات فردية أو مؤسسية في بلدنا الأمين للتعبير عن السخط حيال الوضع الاجتماعي المتردي من خلال الارتفاع المهول لأسعار المحروقات وعلى الأسعار عامة بالتبع والأثر، ومستوى التضخم الذي شهد به خبراء الاقتصاد. هذه الخرجات الإعلامية التلقائية أو المنظمة كانت في مجملها حادة وصلت في بعض الأحيان لكيل السباب والشتائم للحكومة ورئيسها الذين التزموا صمت الأموات وتركوا الشعب وحيدا في ميدان الغلاء الذي لا يرحم. هذه التصريحات تعبر عن الألم والضيق الشديد الذي وجده المواطن البسيط من خلال القفة التي يحملها والنظر في الأسعار الحارقة التي اكتوى بها جيبه. بل وصلت ببعضهم للاستنجاد بملك البلاد للتدخل العاجل لوقف هذه النار الملتهبة التي أصابت الأسعار. والناظر المنصف لهذه الأحداث والتداعيات بعض من أسبابه ما يقع في العالم حاليا على إثر تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا والارتفاع المهول لأسعار المحروقات والحبوب خاصة إذا علمنا أن هذين البلدين مصدران لهذه المواد الحيوية علاوة على عوامل أخرى كالجشع والاحتكار ووجود عديمي الوطنية من مصاصي الدماء من تجار الأزمات الذين يضاعفون ثرواتهم على حساب باقي فئات الشعب المسحوقة. إزاء هذه الأوضاع نجد مجموعة من الدول استسلمت لها كل الاستسلام فلم تبذل اي جهد لرفع الضرر النازل على الشعوب ومنها بلدنا. فحكومة استحقاقات 8 شتنبر 2021 جمعت بين ممارسة الحكم وإدارة الأموال خاصة رئيسها الذي استغل هذا الوضع العالمي لمراكمة الأرباح على حساب فقراء المملكة بصفته صاحب بعض شركات المحروقات. وبالرغم من انخفاض اسعار برميل النفط في السوق العالمي إلا أن ثمن الليتر مازال ثابتا. إن الحكومات المسؤولة هي التي تبدع في إيجاد الحلول واقتراح البدائل ومنها التعبير عن المواطنة الصادقة وذلك بالاكتفاء بالحد الأدنى من الأرباح ودعم الفئات الهشة والضرب على يد المحتكرين الكبار وتشديد المراقبة على نقط البيع بالجملة. وعدم تشتيت انتباه المكتوين بنار الغلاء بإظهار لجان مختلطة عبر وسائل الإعلام المرئي تكتفي بتنبيه التجار الصغار بضرورة إشهار أثمنة البيع دون الغوص في جوهر الأزمة. إنه من المفروض والطبيعي أن تتحرك الهيئات والمؤسسات المؤطرة والمخولة قانونا للتصدي لهذه الاختلالات وإرجاع الأمور إلى نصابها من نقابات وأحزاب سياسية ومجتمع مدني. فما عدا وقفات وبيانات تعد على رؤوس الأصابع إلا أن الملاحظ هو تواطؤ هؤلاء من حيث يدرون أو لا يدرون في سابقة مخزية غير مسبوقة على شعب يكتوي بنار الغلاء الحارقة. والخوف كل الخوف من انصرام خيوط العقد الاجتماعي والدخول في المجهول عبر تحركات غير مضبوطة وغير محسوبة العواقب. وبذلك يكون مدبرو الشأن العام في البلد سببا في دخول البلاد إلى نفق من الاضطرابات الاجتماعية ليست في صالح أحد بل سيقتنصها الخصوم للتشفي وصب مزيد من الزيت على النار. إن أفعال العقلاء منزهة عن العبث. والرشد مطلوب في هذا المضمار:" أليس منكم رجل رشيد" هود/77. وكل باب ستأتي منه الفتنة يجب إغلاقه بإحكام. فهذه دعوة لعقلاء البلد للتدخل العاجل لوقف هذا الاضطراب والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.