كان يا مكان في قديم الزمان، في الجزيرة العجيبة الغريبة الأعجوبة المعزولة، "عصبة الثلاثة" يدافعون عن أداء كبار القوم باستعمال بعض أدوات المنطق كلما كان البلد الحبيب في مواجهة مع بلد غريم، و كان أعضاء "عصبة الثلاثة" موفقين في هذه الجبهة. و لكن لما انتقدت "عصبة الثلاثة" منبها مستقلا في حدود معقولة، خرج "المنبه" بغية تصحيح بعضا من المفاهيم التي وردت في تبادل خاص بين الثلاثة، حيث عقب "المنبه" في استرسال موضب و كأنه مدفعية أو دبابة معبأة بسلاح أجزاء منطق صلب متين قائلا: "و أما عن سؤال بماذا يفوتنا البلد الغريم، فالجواب في الحقوق و حرية التعبير و التطبيب و الإسعاف و القضاء و محاربة الرشوة و تضارب المصالح و محاسبة الوزراء و البرلمانيين و السياسيين" ثم استفاض "المنبه" في إعطاء الأمثلة في مرافعته بأسلوب قوي ولكن بأدب و لباقة و دونما تعميم و لا تجاوز للقانون المحترم، قبل أن يستمر قائلا: "و أما عن سؤال لماذا أحدهم ينتقد كبار القوم وقت المواجهة مع البلد الغريم، فالجواب أن بلدنا له دولة و رب يحميه و الأشخاص ذاهبون و تبقى المؤسسات التي ندافع عنها في كل الأحوال." احتار الناس بين الطرحين، طرح "عصبة الثلاثة" التي تشفي الغليل وقت المواجهة مع البلد الغريم فقط، و بين طرح "المنبه" الذي يدعم فكرة بعد النظر. و اشتد الجدال، و احتد الصراع اللغوي بين كلام و كلام مضاد في كل الأوساط، فهبت الأهالي، شيوخا و شبابا و كهولا و أطفالا و نساء، من البوادي و الحواضر و من كل فج عميق، متجهة فجرا نحو "ساحة الحسم الأدبي" وسط الجزيرة العجيبة الغريبة الأعجوبة المعزولة، مطالبين برأي "حكيم القبيلة"، في الرواية الأدبية الإبداعية الخيالية المحضة… طال الإنتظار إلى أن أشرقت شمس سابع يوم من منفد الفضاء الضوئي، فخرج "حكيم القبيلة" يتأمل الحضور الغفير و ملامح المنتظرين، و يتفحص نوعية الفئات الجماهيرية المختلطة، ثم حيد مكبر الصوت و نطق أخيرا: " في هذا الأمر بالخصوص، "عصبة الثلاثة" على حق كما "المنبه" على حق. فالدفاع عن البلد الحبيب يحتاج للنصرة بلا شرط و لا شروط في كل مواجهة مع بلد غريم، كما قول الحق لكبار القوم بذكاء و احترام سبيل قويم مستحسن حسن لإصلاح الأعطاب صوب تقوية الجبهة الداخلية، و تحقيق التقدم، و كسب التفاعل الإيجابي من كل الأقطاب الخارجية. و الخير، كل الخير، في التكامل و التنسيق بين الجهتين، بل في ضم "المنبه المستقل" إلى "عصبة الثلاثة". فلو كانت عصبة للأربعة بدل الثلاثة لاستفاد الناس من الرأيين في آن واحد، ولحصل التوازن الفكري النافع و لتبددت الفرقة الضارة." ثم انسحب حكيم القبيلة متعمدا عدم مؤاخذة "عصبة الثلاثة" و كذلك "المنبه المستقل" على عدم دعم نزهاء موضوعيين وطنيين مخلصين لا مكبر صوت لهم، نظرا للظرف الزمني المؤقت الذي يواجه فيه البلد الحبيب مشاكل مع البلد الغريم. فهم الناس المغزى العميق لكلام "حكيم القبيلة"، و انصرفوا بدورهم في هدوء لقضاء حوائجكم المعتادة في انتظار تحسن الأوضاع العامة، بين "عصبة الثلاثة" و "المنبه المستقل"… و إلى اللقاء في فقرة أخرى من فقرات الرواية الأدبية الإبداعية الخيالية المحضة.