الجواب: أما كونها غضبا من الله فلا وألف لا، فإن غضب الله لا يقوم له شيء ولا يبقى معه أحد نعوذ بالله من غضبه وخزيه، والكون كله قائم برحمته وهو مضطر إلى تلك الرحمة ما بقي. ولكن هذه الزلازل مجرد (نفحة من عذاب ربك) ومجرد (تخويف وبأس) والقصد من ذلك زجر الناس ليتعظوا ويراجعوا دينهم، كما قال الله تعالى: {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا}. وقوله: {وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون}. وقوله: {وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون}. وقوله سبحانه: {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون}. ومن مقاصد ابتلاء هذه الأمة بالزلازل: تكفير سيئاتها، ورفع درجاتها، واصطفاء شهداء منها. وفي الحديث الصحيح الذي يرويه أبو داود وغيره مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم: «أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن، والزلازل، والقتل». قال ابن تيمية في فتاويه: ((ولهذا لم يكن ما وقع في هذه الامة من الاختلاف والقتال والذنوب دليلا على نقصها؛ بل هي أفضل الأمم وهذا الواقع بينهم من لوازم البشرية وهو في غيرها أكثر وأعظم وخير غيرها أقل والخير فيها أكثر والشر فيها أقل فكل خير في غيرها فهو فيها أعظم وكل شر فيها فهو في غيرها أعظم)). وأما كونه سنة كونية: فإذا فسرت السنن الكونية بأنها ما يترتب عليها مصالح ضرورية في الوجود كالمطر والفقر والغنى وتداول الغلبة والسلطان ونحو ذلك، فهذه الزلازل يظهر فيها ذلك جليا، فكثير من الدول في التاريخ سقطت بفعل الزلازل، وكثير من الناس اغتنوا من كثرة الأموات، وآخرون افتقروا من بعد غنى الخ. والعلم الحديث يؤكد أن الزلازل ضرورية الوجود للأرض لتوقف الجبال والأنهار والأودية وحتى البحار عليها، وحدثني بعض الناس أنه لما وقع زلزال الريف بأرض المغرب المحروسة انفجرت ينابيع المياه في الأرض في وقت كان الناس يشتكون من الجفاف وقلة موارد الماء. على أن هذه الزلازل تحقق كثيرا من الفوائد للناس مع ما فيها من مضار وبؤس وبلاء شديد، ومن ذلك: تذكير الناس بالمصير المحتوم، وزجرهم ليتوبوا ويستقيموا، فإن الله تعالى ما زال يخوف البشر ويبتليهم بألوان من البلايا لعلهم يرجعون.