يقول بعضهم: "لا يوجد عندنا علماء، بل فقهاء فقط..". والجواب: أن الفقه عندنا علم من العلوم، فالفقهاء من العلماء. – فإن قيل: العلم مخصوص بالفيزياء والرياضيات والكيمياء ونحوها. فالجواب: – أهذا اصطلاح خاص بك؟ فلا مشاحة فيه إذن، مع إنكارنا ما ينبني عليه عندك. – أم أنه الاصطلاح المتعارف؟ فهذا خطأ دون شك، إذ من العلوم بالاتفاق: علم النفس والاجتماع واللسانيات ونحوها. وقبول كون هذه علوما مع رفض تسمية العلوم الشرعية علوما: تحكم محض، لا يخرج من رأس عاقل! والمقصود أن هذه الإطلاقات التي يتكلم بها الجهال المتعالمون إنما تنطلي على أمثالهم. أما نحن فنعرف أن لب النزاع بيننا ليس في هذا، وأن مقصد القوم: – إسقاط العلماء بالنقد والتجهيل والافتراء؛ – ثم تحريف علوم الشرع وإعادة تشكيل مناهجها بعد تغييب حراسها (أي: العلماء)، وفتح الباب لقراءة الوحي بالأهواء والتشهيات؛ – ثم تحريف الدين بما يوافق الثقافة المهيمنة، بعد تغييب العلوم الشرعية التي هي سياج التدين الصحيح. هذا قصدهم، وقد أعجزهم بلوغه بالبحوث والدراسات والمؤلفات، فأرادوا التسلل من كوة العنتريات والخطاب السوقي في زمن التفاهة والجهل! والله المستعان.