الملاحظ أن ارتفاع ثمن اللحوم عالميا تزامن مع هجوم إشهاري شرس واسع النطاق للتطبيع مع استهلاك الحشرات المقرفة، فكأن حكام العالم الأثرياء يريدون التخلص من مشكل تغذية الفقراء عبر الترويج للحشرات المصنعة في المختبرات بتركيبات مجهولة، حتى ينفردوا وحدهم بأكل اللحوم الطبيعية اللذيذة. يبدو إذا أن هناك شعار ما قد رفع في الخفاء مفاده: "الأغنام و الأبقار للأثرياء و مساحيق حشرات المختبرات للطبقة المسحوقة". يا للعجب العجاب، و يا له من زمن فتنة يفتح بابا مخيفا على كل الإحتمالات! ولكن، سيبقى الطاجين المغربي في متناول الفقراء أيضا إن شاء الله، فإن لم يكن طنجية أو طاجين مقيلة أو طاجين خليع، فطاجين سردين لذيذ أو طاجين خضار شهي. و تبا لأكلة الحشرات و الديدان المقرفة و مساحيقها. و تحية عالية للمغرب و المغاربة. و أما إن دسوا مسحوق الحشرات و الديدان في الطحين المستخدم لتحضير الخبز، مثلا، فما علينا سوى تحقيق الإكتفاء الذاتي من القمح و الشعير، أو تعويض الخبز بالأرز أو البطاطس. و إن استحال استيراد اللحوم، فما علينا سوى مضاعفة المجهودات لتربية المواشي الطيبة. و أما عن الخضار، فإن اقتضى الحال، ما علينا سوى العمل على تعميم زرع الخضار في كل بقعة من بقع البلاد، في المساحات العامة و الحدائق العمومية، و جوانب الطرق و الشوارع و الأزقة، و في شرفات الشقق و حدائق المنازل. لن نتخلى عن نظامنا الغذائي و لن نأكل الحشرات. قضية الحشرات تذكرنا بغرائب الموضة حيث كانت قد انتشرت، مثلا، ألبسة و أحذية غاية في البشاعة، فالقضية مجرد انهيار الذوق الرفيع بصفة عامة لأسباب عدة، و استغلال ذلك من طرف منتجين أثرياء يتحكمون في الإنتاج العالمي فيحاولون فرض منتوجات غريبة غير سوية على البشرية، و قد يكون ذلك من باب اللهو فقط؛ إلا أن في كل الأوساط الأصيلة عبر العالم البشاعة لا تجد لها موطىء قدم، بالضبط كما لا يمكن بتاتا إقناع التجمعات الإنسانية الأصيلة بأكل الحشرات لسبب بسيط و هو أن الحشرات القذرة لا تؤكل.