هوية بريس – ذ.إدريس كرم ملخص: بعد احتلال اتوات سنة 1900 بدأ اهتمام فرنسا بالربط بين مستعمراتها بشمال إفريقيا، ومستعمراتها جنوب الصحراء، عبر تنظيم النقل الصحراوي، الذي كان يسير قوافله المغرب، عبر مراكز: اتوات، وتافلالت، وتندوف، فوقعت فرنسا اتفاقيات مع إسبانيا سنوات (1900-1904-1912) لضمان حقوقها في الصحراء، بالسماح لها، باحتلال ريو دورو، وتتفرغ هي لمشاريعها في الصحراء، جاعلة من تندوف نقطة ملتبسة لتحقيق ذلك الغرض، وبذلك لم يسمح الكيدورسي لمجموع من الوزارات التي كانت تدير مستعمرات شمال وجنوب الصحراء، الفصل في ذلك اللبس لغاية 1934. كلمات مفاتيح: تندوف؛ واحة للتجارة؛ مركز للثقافة الإسلامية؛ تراب البِيضان؛ الركيبات؛ تاجاكانت؛ أسكار لينز؛ كامسي دولز؛ بعثة مولاء ادريس؛ النقل الصحراوي؛ الشركة الصحراوية الجزائرية؛ مصلحة فرنسا. …في 1892 كانت تندوف مدينة صغيرة لرعاة وتجار قبيلة تاجاكانت، تم الإستثمار فيها بصفة دائمة، من قبل مجموعة من فخدات قوية تنتمي لكونفيدرالية الركيبات، بعد توقف الصراع الذي كان بين الركيبات وتجاكنت، فعادت للإزدهار والتعمير، في فترة قصيرة جدا، بعدما كانت قد دمرت جزئيا، وتم إخلاؤها والتخلي عنها تماما، بقوة السلاح، وقد بينت بوضوح كيف توقفت تجارة الصحراء، منذ وصول الآباء الأولين لاستعمار السنغال وتمبكتو، ومنافستها من قبل البواخر، التي انحدرت للإتجار في العبيد، وبسبب عدم وجود مهنة زراعية قائمة على مجتمع هدروليكي، اختفت تندوف التي كانت واحة للتجارة، ومركزا للثقافة الإسلامية، والسكن المرموق، اختفت باختفاء المعاملات والمقاتلين طيلة تاريخ تراب البيضان، لم يكن تراجع وهجر مكان مبني مثل تندوف، أمرا فريدا عند القبائل الصحراوية، التي لا يمكنها قبول طول أمد الرفاهية في مدينة، بعيدا عن الحقائق التاريخية والتيارات الإقتصادية التي أدت لنشأتها. فرنسا اهمت بتندوف الواحة الصغيرة التي تكشف بفضاضة، مداخل الصحراء الغربية، فقد عرفها الأوروبيون عن طريق زيارة لكل من: أوكسار لينز (1880) وكاميي دولز (1887) بعد احتلال اتوات، فصار كل ضابط من ضباط الشركة الصحراوية الجزائرية، يحلم بالوصول لها، فحاول العديد منهم قبل 1904، ثم مرتين سنة 1914، وأخير تم ذلك بنجاح في عامي 1925و 1928، لكن كان لا بد من انتظار 1934 لكي يتم احتلال تندوف، واستثمارها بكيفية متواصلة. من أجل تحقيق طمعها الصحراوي، جعلت فرنسا تندوف مركز اهتمام، فارتأت باريز انفاذ بعثة ل(منح الحياة) للصحراء الوسطى، وكذلك الغربية، بالإعتماد على التعريف الغامض، للمناطق الصحراوية، المدرج في اتفاق لال مغنية، والموقع بين فرنسا والمغرب في: 1845/5/18 حيث أعطته تفسيرا واسعا لا يحتمله. المستعمرة الجزائرية تابعت بإخلاص هذه المهمة، الكيدورسي تصرف بعنف مع الإتفاق، الذي لذيه مع سلطان المغرب، إذ لم يحاول جس نبضه، أو تلمس مدى نشر سلطته، من هنا لواد درعة. من أجل الحفاظ احسن على الإحتكار الفرنسي، وزير الشؤون الخارجية الفرنسية تمكن من إيجاد الكلمات المناسبة لإقناع المخزن، بأن يأمر مولاي إدريس، الذي بعثه السلطان في مهمة خاصة للصحراء الغربية، سنة 1906 بإنهاء جولته، والعودة على وجه السرعة من تلك الأصقاع، ومصادرة كل المساعدات المقدمة لمقاومة الشيخ ماء العينين، كانت مصلحة فرنسا وقتها (مفهومة جيدا). – لماذ أصبحت واحة تندوف بؤرة للخصومات الخبيثة؟ كان من اللازم على فرنسا للوصول لمبتغاها من تندوف، أن تحترم حقوق اسبانيا في الصحراء المدرجة في (اتفاقية 1900-1904-1912) والتي من أهم نتائجها، تمكين فرنسا من التنقل نحو الشرق والجنوب الغربي، رابطة بين اقريقيا الشمالية، المملوكة للفرنسيين، وإفريقيا الغربية الفرنسية، عبر الطرق الصحراوية التي كنت تربط تندوف واتوات، بإفريقيا جنوب الصحراء، التي صارت ممتلكات فرنسية، وبذلك أصبحت تندوف مركز ثقل لإفريقيا الفرنسية، وعززت هذا الدور، رغبة باريز التدريجية، في إنشاء النقل الصحراوي، شمال-جنوب، لضمان تأمين الضغوطات الفرنسية في إفريقيا؛ لأن الإرباط معها عبر النقل البحري ما يزال ضعيفا. أثناء بداية القرن العشرين واجهت المشاريع الفرنسية الكبرى واقعا مقلقا: لم تكن تندوف سوى نقطة سوداء صغيرة في منتصف بقعة بيضاء كبيرة، نواة فارغة (غير مسكونة) فاكهة مسمومة من قبل (المنشقين). المنطق الإستعمار الدائم، كان يريد تندوف محتلة، للسيطرة على منطقة الرحل، لكن أمر الإحتلال، لم يكن قد تم اختيار تنفيذه بعد. انشاء الحماية على المغرب في 1912 عدل بعض الشيء فكرة "مصلحة فرنسا" التي كانت دائما "مفهومة جيدا" لكن حاليا "متموضعة جيدا" في الكيدورسي. كان مستقبل الصحراء الغربية، يعتمد على موقف أربع أطراف تتمثل في: مستعمرة الجزائر الفرنسية، المغرب محمية فرنسية، موريطانيا مستعمرة فرنسية، ارْيُو دُورو مستعمرة إسبانية. كانت الجزائر تابعة لوزارة الداخلية، وكان المغرب تابع لوزارة الشؤون الخارجية، وكانت موريطانيا تابعة لوزارة المستعمرات، وبالطبع لوزارة الحرب رأي في الموضوع تبعا لذلك، وكذلك رئاسة المجلس. ولتقرير مصير تندوف، كان لا بذ أن يمر ذلك عبر هذه الآلة البيروقراطية التي لا مفر منها؛ بالنسبة لتحديد حالة تندوف، سنترك جانبا دور إسبانيا، وكذلك بدرجة أقل دور منظمة إفريقيا الفرنسية الغربية (A O f) لتدقيق النظر، في المواجهة بين الجزائر والمغرب من 1912 ل1934. إن هذا المقال يقترح فحص تسلسل، وتسلسل فقط مسألة التندوفيين، من خلال بيان تفصيلي لهذه المواجهة الفرنكو-فرنسية، المُحَكَّمة من قبل الفرنسيين، عن طريق العودة لاستخدام المصادر الأولية:مراسلات، مذكرات وتقارير الفاعلين الأساسيين. نحن لا نهدف إعادة انتاج خطاب مهيمن، ولكن لمعرفة كيف نجح خطابان تحكميان، مستمدان من نفس البلد، سقط في الوزارات، وقيادة الأركان، والهيئات القيادية المكلفة بالمستعمرات، وكشف نفوذ الكراهية، وصراع الحساسيات، ونوايا الخير، وبرودة الحاجة، وباختصار محاولة الكشف عن الدوافع التي كانت تقود منسقي المسألة الصحراوية، ليجعلوا من تندوف نقطة ملتبسة… يتبع(2)