لم يغادر الوطن. لم يلجأ إلى الهجرة خارج الوطن للإحتماء من أجل الدفاع عن نفسه في إطار قضيته أو من أجل انتقام ما. و أما عن أخطائه، الإنسانية، فلقد اعترف بها على الملأ قائلا بأنه ليس نفس الشخص بعد قضاء مدة سجنية في قضية معروفة (…)، شئنا ذلك أم أبينا، لأنه خبر الجو السياسي و الإجتماعي السائد الذي لا يمكن تجاوزه في الوطن الحبيب، فانتهى إلى احترام إرادة المجتمع و الشعب بكل أدب و موضوعية. انتقد الأستاذ فوزي لقجع ثم شكره، فالتقطنا تناقضه، ولكن المنتخب الوطني لكرة القدم نال شرف الدخول إلى المربع الذهبي في ظل تسيير الأستاذ فوزي لقجع. دافع بشراسة عن وضعية بعض الصحفيين المتابعين في حالة اعتقال، رغم هول التهم المسجلة رسميا ضدهم، و رأينا كيف ترافع عنهم قانونيا بطريقة مبهرة في حوارات و مناظرات ساخنة و انتصر، حيث أن محاوريه و منهم حقوقيين و محاميين لم يستطيعوا مجاراة ملاحظاته القانونية الدقيقة أمام المتتعبين. هذا صحفي له تجربة طويلة و غنية جدا في الحياة وسط الشعب و المجتمع، ثم في ميدان الصحافة رغم سنه الذي لا يتجاوز الأربعين إلا بقليل. صحفي يحب مهنة الصحافة حتى النخاع، ولكنه فطن أن لا يمكنه الإستمرار فيها دون موارد مالية معقولة، فلجأ إلى اليوتوب لضرب عصفورين بحجرة واحدة و هو الضليع في اصطياد الطيور في طفولته، حتى يتمكن من تمويل جريدته الإلكترونية الفتية التي توفر الشغل لعدد من المساعدين و الصحفيين بفضل مجهوداته و استماتته في إدارة مقاولة صحفية مستقلة. فقلنا أنه شعبوي. و قلنا أنه ينتقي مواضيعه، و قال بعضهم أن همه فقط الإرتقاء اجتماعيا. و لكن كل ما قلناه و ما قيل ربما لا يأخذ بعين الإعتبار بصفة شاملة الإكراهات الموضوعية التي واجهها أو يواجهها هذا الصحفي المناضل الذي يحتاج لأمثاله الوطن. نعم، يوجد اليوم بيننا في الوطن الحبيب صحفي مناضل وطني يدافع بشراسة عن المصالح العليا للوطن، و في نفس الوقت يطرح آراءه و تحليلاته التي قد تبلغ من النقد، في بعض الأحيان، درجة قصوى نسبيا و دونما تعميم، و دون مس بالحدود المرسومة من طرف المجتمع و الشعب و الدولة، و المتفق عليها في البلد الحبيب منذ إثنا عشر قرنا، حدود تتجسد فقط في شعار وطننا الجميل؛ و ربما صحفيين آخرين طبعا… إنه صحفي استثنائي بلغ من التجربة رغم صغر سنه نسبيا، إضافة إلى موهبته في الترافع الشفوي ببراعة، ما يكفي لمباشرة المواضيع الأكثر صعوبة بطريقة سليمة و في احترام تام للناس؛ إنه شمعة لا يجب أن ينطفئ نورها. سيداتي سادتي، أيها القراء الشرفاء الأعزاء، لن أذكر إسم هذا الصحفي المناضل لأنني وصفته بالاستثنائي، بعد تتبع على مدى وقت ليس بالوجيز، حيث تم اختبار درجة موضوعيته الإنسانية، بتواضع مواطن بسيط، و كذلك درجة تعففه و صبره، و درجة صموده أمام الإستفزاز الأدبي، و لقد اجتاز كل الاختبارات بنجاح و تفوق كعضو من مجتمع البلد الحبيب يتصف بمواصفات إنسانية تميزه، و تميز أغلبية أفراد مجتمعنا الجميل، فلا شك أنكم علمتم من هو. سيداتي سادتي، أساتذتي، أيها القراء الشرفاء الأعزاء، إنه يحتاج ربما إلى مساندة و تشجيع و طمأنة، رغم وطنيته الصلبة، لأنه مجرد إنسان، حتى يستمر في مهمته التنويرية، حسب قدراته العلمية و النفسية، و حتى يستمر في الرفع من مستوى حرية التعبير دون تجاوز ما هو متعارف عليه وطنيا، طبعا، و الوطن هو المهم و الأهم، الوطن حيث ينتصر دائما الحق في آخر المطاف بفضل صفات المجتمع الرفيعة، حكاما و محكومين، المتجلية في الرحمة و التسامح و الصلح و المصالحة دونما فوات أوان. بطبيعة الحال يمكن القيام بتحليل علمي مستفيض و موضوعي إلى أقصى حد لأداء هذا الصحفي الإستثنائي الذي جاد به المجتمع، لأنه نتاجه و منه و إليه، و استخلاص كل ما له و كل ما عليه، ولكن الخلاصة واضحة و هي أنه صحفي مناضل نحن في أمس الحاجة لأمثاله في زمننا هذا الذي يعد بمستقبل أفضل إن شاء الله. و تحية عالية للقراء الشرفاء الأعزاء.