وثائق سرية تكشف تورط البوليساريو في حرب سوريا بتنسيق إيراني جزائري    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    تصفية حسابات للسيطرة على "موانئ المخدرات" بالناظور    من فرانكفورت إلى عكاشة .. نهاية مفاجئة لمحمد بودريقة    أخنوش يمثل جلالة الملك في جنازة البابا فرانسوا    دول الساحل تعلن دعمها الكامل للمغرب وتثمن مبادرة "الرباط – الأطلسي" الاستراتيجية    مجلس جهة طنجة يشارك في المعرض الدولي للفلاحة لتسليط الضوء على تحديات الماء والتنمية    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    جريمة مكتملة الأركان قرب واد مرتيل أبطالها منتخبون    مؤتمر "بيجيدي".. غياب شخصيات وازنة وسط حضور "طيف بنكيران"    جريمة قتل جديدة في ابن أحمد    طنجة تحتضن النسخة الحادية عشرة من الدوري الدولي "مولاي الحسن" بمشاركة أندية مغربية وإسبانية    الشيبي يسهم في تأهل بيراميدز    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    هيئة: وقفات بعدد من المدن المغربية تضامنا مع غزة وتنديدا بالإبادة الجماعية    مرسوم حكومي جديد يُحوّل "منطقة التصدير الحرة طنجة تيك" إلى "منطقة التسريع الصناعي" ويوسّع نطاقها الجغرافي    وليد الركراكي: نهجنا التواصل وعرض مشاريعنا على اللاعبين مزدوجي الجنسية... نحترم قراراتهم    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    بسبب التحكيم.. توتر جديد بين ريال مدريد ورابطة الليغا قبل نهائي كأس الملك    نشرة إنذارية: زخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة الجمعة بعدد من مناطق المملكة    قطار التعاون ينطلق بسرعة فائقة بين الرباط وباريس: ماكرون يحتفي بثمرة الشراكة مع المغرب    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    تقرير يكشف عن نقص في دعم متضرري زلزال الحوز: 16% لم يحصلوا على المساعدة    عناصر بجبهة البوليساريو يسلمون أنفسهم طواعية للجيش المغربي    بودريقة يمثل أمام قاضي التحقيق .. وهذه لائحة التهم    إسكوبار الصحراء.. الناصري يلتمس من المحكمة مواجهته بالفنانة لطيفة رأفت    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    افتتاح مركز لتدريب القوات الخاصة بجماعة القصر الصغير بتعاون مغربي أمريكي    إحصاء الخدمة العسكرية ينطلق وأبناء الجالية مدعوون للتسجيل    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    ضابط شرطة يطلق رصاصا تحذيريا لإيقاف مروج مخدرات حرض كلابا شرسة ضد عناصر الأمن بجرادة    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    "أمنستي" تدين تصاعد القمع بالجزائر    أرباح اتصالات المغرب تتراجع 5.9% خلال الربع الأول من 2025    أبرزها "كلاسيكو" بين الجيش والوداد.. العصبة تكشف عن برنامج الجولة 28    طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    الإعلان عن صفقة ب 11.3 مليار لتأهيل مطار الناظور- العروي    السايح مدرب منتخب "الفوتسال" للسيدات: "هدفنا هو التتويج بلقب "الكان" وأكدنا بأننا جاهزين لجميع السيناريوهات"    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرواحُ الكافرين عند الموت وعالمُ البرزخ (5)
نشر في هوية بريس يوم 15 - 11 - 2022

إنّ ساعةَ الموتِ أخطرُ ساعةٍ في رحلة الإنسان الطويلة إلى ما لا نهاية لأنها بداية الانتقال من عالم الشهادة المحسوس، الذي عرفه الإنسان وألفه، إلى عالمٍ كان غيباً في الحياة الأولى، ويصيرُ محسوساً في الحياة الجديدة، التي تبدأُ بالموتِ الجسدي، ليحدث للإنسان في عالم البرزخ لأول مرة عوالمُ تختلف كل الاختلاف عن عوالم الدنيا التي عايشَها، وائتلف أو تنافر معها. وفي ساعة الموت يرى الإنسان ملائكة الله، ويسمع منهم الكلمة الفاصلة النازلة إليه من عند الله تعالى، وهي الكلمةُ التي تدلُّ على نعيمه الأبدي أو شقائه الأبدي، ولو كان يملكُ العالم كلَّه في هذه الساعة، وقُبِلَ منه أن يضحي به، أو كان يملك ملء الأرض والسماء ذهباً، وقبل منه أن يتصدق به في سبيل أن يسمعَ كلمةَ الرضى والعفو من الله في هذه الساعة لفعل، وكان في منتهى السعادة، وفي هذا يقول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ [الزمر: 47].
عندما يحتضر الكافر تأتيه الملائكة فتبشره بالعذاب والنكال، فينكر ويقول: ما كنت أعمل من سوء. فلا ينفعه هذا الإنكار لأنه قد كتب عليه كل شيء وشهد الله عليه، فعدها يطلب الرجعة ليعمل صالحاً فلا يجاب لذلك، فيعلم أن العذاب واقع به لا محالة فتتفرق روحه في جسده هرباً من الملائكة ولكن ليس له مهرب ولا منجا، فتضربه الملائكة على وجهه ودبره ثم تنتزع روحه كما ينتزع الشوك من الصوف، دل على هذه المعاني الآيات التالية [اليوم الآخر في القرآن العظيم والسنة المطهرة، المطيري، ص 66]:
أولاً: حال أرواح الكافرين عند الموت:
1- قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاَئِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ *﴾ [الأنعام: 93]، قوله تعالى: أي كرباته ﴿فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾، وقوله جوابه محذوف تقديرُه: لرأيتَ أمراً ﴿وَلَوْ تَرَى﴾، وهذه عبارةٌ عن التعنيف في السياق والشدّة في قبض الأرواح، وقوله تعالى: أي ﴿بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ﴾، كقوله: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي﴾ [المائدة: 28] وقوله: ﴿وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ﴾ [الممتحنة: 2] وكقوله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ﴾ [الأنفال: 50]. ولهذا قال: أي بالضربِ ﴿وَالْمَلاَئِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ﴾، حتى تخرجَ أنفسُهم من أجسادِهم، ولهذا يقولون لهم: وذلك أنّ الكافرَ إذا احتُضِرَ بشَّرته الملائكة بالعذاب ﴿أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ﴾، والأغلال والسلاسل، والجحيم والحميم، وغضب القهار العظيم، فتفرق روحُه في جسده، وتتعصَّى، وتأبى الخروجَ، فتضربهم الملائكة حتى تخرجَ أرواحُهم من أجسادِهم، قائلين لهم: أي كنتم تهانون غاية الإهانة كما كنتم تكذبون ﴿أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ﴾ الله وتستكبرون عن اتّباع آياته ، والانقياد لرسله، ثم يبشرون بالعذاب ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ﴾. [اليوم الآخر في القرآن العظيم ص، 64]. قال سيد قطب – رحمه الله -: وجزاء الاستكبار العذاب المهين، وجزاء الكذب على الله هذا التأنيب الفاضح.. وكله مما يفضي على المشهد ظلالا مكروبة، تأخذ بالخناق من الهول والكآبة والضيق [في ظلال القرآن، سيد قطب، 7/1194].
2- وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ [الفرقان: 22] أي حرامُ ومحرَّمٌ عليكم دخولُ الجنة، وفي حديث البراء الطويل، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «وإنّ العبدَ الكافِرَ إذا كانَ في انقطاعٍ عن الدنيا، وإقبالٍ من الآخرة، نزلَ إليه مِنَ السماءِ ملائكةٌ، سودُ الوجوهِ، معهم المسوحُ، فيجلسون منه مدَّ البصر، ثم يجيءُ مَلَكُ الموتِ، حتى يجلسَ عندَ رأسِهِ، فيقول: أيتُها النفسُ الخبيثةُ، اخرجي إلى سخطٍ مِنَ اللهِ وغضبٍ، قال: فتفرق في جسدِهِ، فينتزعُها كما ينتزع السفود من الصوفِ المبلول » [محاسن التأويل للقاسمي، 7 / 22 ].
3- قال تعالى: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ *﴾ [الحجر: 2].
في الآية إخبار عنهم أنهم سيندمون على ما كانوا فيه من الكفر، ويتمنَّون لو كانوا في الدنيا مع المسلمين، وقيل: إنَّ المرادَ أَنَّ كُلَّ كافرٍ يودُّ عند احتضارِه أَنْ لو كان مؤمناً. [تفسير ابن كثير ت سلامة 4/ 524].
ونقل السدي في تفسيره بسنده المشهور عن ابن عباس، وابن مسعود، وغيرهما من الصحابة: أن الكفار لما عرضوا على النار، تمنوا أن لو كانوا مسلمين [تفسير ابن كثير، (4/ 524].
4- قال تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ﴾ [النحل: 28 29]. قال ابن كثير: يخبر تعالى عن حال المشركين الظالمي أنفسهم عند احتضارهم ومجيء الملائكة إليهم لقبض أرواحهم: {فألقوا السلم} أي: أظهروا السمع والطاعة والانقياد قائلين: {ما كنا نعمل من سوء} كما يقولون يوم المعاد: {والله ربنا ما كنا مشركين} [الأنعام: 23] {يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم} [المجادلة: 18] [تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، 4/567].
5- وقال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ *لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ*﴾ [المؤمنون: 99 100]، وهم لا يكفّون عن طلبِ الرجعة، فيطلبونها في كلِّ وقتٍ، وفي كلِّ حينٍ [التسهيل لابن جزي، 1 / 279]. قال السعدي رحمه الله: يخبر تعالى عن حال من حضره الموت، من المفرطين الظالمين، أنه يندم في تلك الحال، إذا رأى مآله، وشاهد قبح أعماله فيطلب الرجعة إلى الدنيا، لا للتمتع بلذاتها واقتطاف شهواتها وإنما ذلك يقول: {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} من العمل، وفرطت في جنب الله. {كَلا} أي: لا رجعة له ولا إمهال، قد قضى الله أنهم إليها لا يرجعون، {إِنَّهَا} أي: مقالته التي تمنى فيها الرجوع إلى الدنيا {كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} أي: مجرد قول باللسان، لا يفيد صاحبه إلا الحسرة والندم، وهو أيضا غير صادق في ذلك، فإنه لو رد لعاد لما نهي عنه [تفسير السعدي، ص 595].
ثانياً: أهوال حياة البرزخ وما بعدها:
1- وقال تعالى: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ *﴾ [إبراهيم: 44]. قال السعدي رحمه الله: يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ} أي: صف لهم صفة تلك الحال وحذرهم من الأعمال الموجبة للعذاب الذي حين يأتي في شدائده وقلاقله، {فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا}: بالكفر والتكذيب وأنواع المعاصي نادمين على ما فعلوا سائلين للرجعة في غير وقتها، {رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} أي: ردَّنا إلى الدنيا فإنا قد أبصرنا" [تفسير السعدي، ص 427].
2- وقال تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ *بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ *﴾ [الأنعام: 27 28]
3- وقال تعالى: ﴿وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ*﴾ [الشورى: 44]
4- وقال تعالى: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ *﴾ [فاطر: 37] فذكر تعالى أنّهم يسألون الرجعة فلا يجابون: عند الاحتضار، ويوم النشور، ووقت العرض على الجبار، وحين يعرضون على النار، وهم في غمرات عذاب الجحيم [تفسير البغوي، 3 / 169].
5- قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ *﴾ [الأعراف: 40].
وقد فسر النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) هذه الآية في حديث البراء السابق، وفيه أنّه قال: «… إنّ العبدَ الكافِرَ إذا كانَ في انقطاعٍ من الدنيا، وإقبالٍ من الآخرة نزل إليه من السماءِ ملائكةٌ سودُ الوجوه، معهم المسوحُ، فيجلسون مِنْهُ مَدّ البصرِ، ثم يجيءُ ملكُ الموتِ حتى يجلسَ عند رأسه، فيقول: أيتُّها النفسُ الخبيثةُ اخرجي إلى سخطٍ من الله وغضبٍ، قال: فتفرق في جسده، فينتزعُها كما ينتزعُ السفود من الصوف المبلول، فيأخذها في تلك المسوح، ويخرجُ منها كأنتنِ ريحِ جيفةٍ وُجِدَتْ على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرّون بها على ملأٍ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروحُ الخبيثُ؟ فيقولون: فلانُ بنُ فلانٍ بأقبح أسمائه التي كان يسمّى بها في الدنيا، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا، فيُستَفْتَحُ له فلا يُفتحُ له، ثم قرأ رسول الله ﴿لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: 40]. فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابَهُ في سجّين في الأرضِ السفلى، فتُطْرَحُ روحُه طَرْحاً، ثم قرأ: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ *﴾ [الحج: 31]، فتعادُ روحُه في جسدِهِ، ويأتيه ملكانِ، فيجلسانِهِ، فيقولانِ له: مَنْ ربُّكَ ؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما دِيْنُكَ ؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما هذا الرجلُ الذي بُعِثَ فيكم ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فينادي منادٍ من السماء أَن كذَب، فافرشوا له من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه مِنْ حَرّها وسَمُومها، ويضيَّقُ عليه قبرُه، حتى تختلَ فيه أضلاعُه، ويأتيه رجلٌ قبيحُ الوجهِ، قبيحُ الثيابِ، مُنْتِنُ الريحِ، فيقول: أبشر بالذي يسوءك، هذا يومك الذي كنتَ توعدُ، فيقول: مَنْ أنتَ؟ فوجهُك الوجهُ يجيءُ بالشرِّ، فيقول: أنا عملُكَ الخبيثُ فيقول: ربِّ لا تُقِمِ الساعةَ» [تفسير القرآن العظيم، 2 / 544].
إنّ ساعة الموت أخطرُ لحظةٍ في عمر الإنسان، فتزدادُ حسرةُ الميّت ومصيبتُه وفجيعتُه حين يكونُ منِكراً للحياة الآخرة، أو مغروراً بمسلكه المضاد لدين الله، أو القائم على البدع والخرافات التي أبعدته عن الإيمان الصحيح والطريق السويِّ الموافق للكتاب والسنة، كما ذكرنا في الآيات السابقة التي تهز القلوب، وتحرك الأفئدة بما ذكرته من أحوال الكافرين والعصاة المجرمين حال خروج أرواحهم وفي حياة البرزخ ويوم القيامة، عياذاً بالله من ذلك.
-ملاحظة هامة: استفاد المقال مادته من كتاب: "الإيمان باليوم الآخر"، للدكتور علي الصلابي، واستفاد أكثر معلوماته من كتاب: " اليوم الآخر في القرآن العظيم والسنة المطهرة"، للدكتور عبد المحسن المطيري.
المراجع:
* الإيمان باليوم الآخر، د. علي محمد الصلابي، دار ابن كثير الطبعة الأولى.
* التسهيل لعلوم التنزيل، ابن جزي، دار الأرقم، الطبعة الأولى، 1414ه.
* تفسير ابن كثير، أبو الفداء ابن كثير، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1419ه.
* تفسير السعدي، عبد الرحمن بن ناصر السعدي، مؤسسة الرسالة، 2000م.
* تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)، أبو عبد الله القرطبي، دار الكتب المصرية، الطبعة الأولى، 1964م.
* اليوم الآخر في القرآن العظيم والسنة المطهرة، عبد المحسن المطيري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.