متابعة تلك "المعفونة" في حالة اعتقال عمل صائب و جد موفق، تلك التي عمدت إلى نشر فيديو لها و هي تقضي حاجتها ثم تحلل "المحصول" بمغرفة على قناتها في اليوتوب، و فيديوهات أخرى مقززة و ذلك من أجل جلب "المشاهدين" وكسب ربح عفن، إذ لابد من محاولة وضع حد لتدني الأخلاق التي على أساسها يقوم مجتمعنا منذ 12 قرنا. القضاء سيقرر في شأنها ولكن الرأي، حسب الظاهر، أن لا يحق لها التماس ظروف التخفيف لأن رغم ما قد تدر عليها أعمالها الخبيثة العفنة من عائدات مالية عبر اليوتوب، لم تكتف بل استمرت إلى أقصى حدود الإخلال بالحياء العام و استهداف الأخلاق و إفساد تربية الناشئة بطريقة لا يصفها الواصفون. و بطبيعة الحال القضاء أيضا من له أن يقرر إن كان من الضروري عرضها على خبرة نفسية، و إن تبثت حماقتها تم وضعها في مستشفى للأمراض العقلية لمدة كافية حماية للمجتمع منها إلى أن تتعافى من عفنها في حالة ما إن كان عفنا مرضيا، و لو أن الدافع لقيامها بنشر ما لا يصفه الواصفون، حسب ما يتضح ظاهريا، هو الطمع في ربح عفن فقط، لأنها تبدو في كامل قواها العقلية. هذا يحيلنا إلى قضية الحرية المطلقة في "العالم الإفتراضي". فهل يجب الإستمرار في اعتبار "العالم الإفتراضي" افتراضيا أم علينا تغيير العبارة أو الوصف أو المصطلح…؟ ما يحدث من استغلال منصات التواصل الإجتماعي من طرف التافهين و الجشعين الذين ليست لهم أية حدود أخلاقية، و الذين يحظون بأعداد هائلة من المشاهدين جعل البعض منا يعممون و يظنون أن "الأغلبية الساحقة أضحت تافهة و أن معظم العقول أصبحت فارغة، و أن النفوس باتت تتحكم فيها غريزة الضباع، و بالتالي لا أمل في محاولة مقاومة الهوان العام و الانحلال شبه التام"؛ ولكن الحقيقة الساطعة غير ذلك تماما. ففي مجتمعنا مازالت الأخلاق الفاضلة التي تعتمد الستر و احترام الفضاء العام هي المتحكمة في كل ضمائر المغاربة. و أما البحث عن سبب ارتفاع عدد مشاهدي التفاهة و الإنحطاط بكل تلاوينه، فقد يقودنا إلى الطبيعة الفضولية التي تميز بعض الشعوب. فمعظم من يشاهد ما ينشر من ميوعة و عفن من قبل بعض مواطنيه و مواطناته لا يتخلى عن هويته و لا عن أخلاقه و لا عن تربيته، بل يشاهد و يتابع لأنه فضولي بطبعه فقط، و إن سنحت له الفرصة لعبر عن رفضه لما يحدث. إذا فلا داعي أن يفرح بعضهم من الفاسدين بانتصار وهمي على أخلاق المغرب و المغاربة تمهيدا لأشياء و أشياء تتعلق ربما بأمور أخرى و الله أعلم. الملاحظ أن مجتمعات أخرى، شمالية مثلا، لا تخلو من تفاهة و عفونة في منصاتها الإجتماعية و هي تفاهة و ميوعة لها روادها هناك و متابعيها بأعداد هائلة أيضا، ولكن تظل تلك البلدان متناغمة مع طبيعة مجتمعاتها التي لها هوية غير هويتنا و ثقافة غير ثقافتنا و تعتمد تربية غير تربيتنا، و مع ذلك قليلا ما يصل التدني الأخلاقي هناك إلى الحد الذي نشرته مؤخرا تلك "المعفونة" المتابعة في حالة اعتقال، بفضل تحرك القضاء في محاولة لوضع حد للفوضى السائدة عندنا في "العالم الإفتراضي" ضدا على القانون و الشرع و الهوية و الأخلاق. ولكن لابد من الإشارة إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه الجرائد الإلكترونية في تخليق الحياة العامة "الإفتراضية"، و ذلك بتجنب البحث عن "البوز" عبر نشر أخبار التافهين و التافهات و نشر أخبار فضائح لا تنفع في شيء إلا من تشجيع الباحثين عن الشهرة على حساب الأخلاق و الضمير الإنساني من أجل تحقيق أرباح "الأدسنس" بطريقة غير سوية. و من جهة أخرى لابد من التفكير في وضع حد فاصل بين "مهنة الصحفي" و "مهنة اليوتوبر"، فلقد اختلطت الأمور إلى درجة أن الصحافة على وشك أن تفقد بريقها و دورها في المجتمع. نحتاج إلى سن قوانين جديدة للفصل في هذا الأمر: ليس الصحفي "يوتوبرا" و ليس "اليوتوبر" صحفيا، علما أن قانون الصحافة يسري على الصحفيين فقط. لابد من قانون ينظم "مهنة اليوتوبر" نظرا للأمر الواقع، لأن الملاحظ أن بعض الصحفيين أضحوا مجرد "يوتوبر" يبحثون عن "الأدسنس" و لو على حساب الضمير المهني، و يتجلى ذلك بدءا من العناوين الفوضوية التي أضحى بعضهم يستعملونها لجذب المشاهدين، في حين أن ما هكذا تكون الصحافة التنويرية الهادفة و ما هكذا يكون الضمير المهني. و الله أعلم.