هوية بريس – الثلاثاء 01 مارس 2016 لقد نشر أحد من يسمون بالباحثين في الآونة الأخيرة كتابا حشد فيه من الشبهات والترهات ما حسبه أدلة على جواز نكاح المتعة، معرضا عن الحق الساطع والبرهان اللامع، وما أجمع عليه علماء الأمة كابرا عن كابر ولم يخالف فيه إلا الروافض الأصاغر وأذنابهم ممن يستحقون كل زاجر، وذلك بتجويزهم الزنا الصراح تحت غطاء المتعة، كما قال الإمام القرطبي: "من قال المتعة أن يقول لها: أتزوجك يوماً -أو ما شابه ذلك- على أنه لا عدة عليك ولا ميراث بيننا ولا طلاق ولا شاهد يشهد على ذلك؟! وهذا هو الزنا بعينه، ولم يبح قط في الإسلام"، وقال أيضاً وكل ما حكي عن أن نكاح المتعة قبل النسخ كان بلا ولي ولا شهود ففيه ضعف" (انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (5/87)). فأردت في هذا المقام الرد على ما روج له من البهتان، والمغالطات والتخرسات من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأقوال الأئمة كشفا للشبهات وتجلية للغشاوات. أدلة القرآن الكريم: قول الله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون). وقال جل ذكره: {وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين}، والمتعة هي سفاح بلا شك، ولذلك هي لا تحصن صاحبها كما سيأتي بيانه إنشاء الله تبارك وتعالى وقال تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله) [النور:33]. ولو كانت المتعة جائزة لم يأمر بالاستعفاف ولأرشد إلى هذا الأمر اليسير، وقد تحققنا قيام أمر الشريعة على اليسر ونفي الحرج. وقوله تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم) إلى قوله: (ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم) [النساء:25] فلو جازت المتعة لما كانت حاجة إلى نكاح الأمة بهذين الشرطين. عدم الاستطاعة وخوف العنت. أدلة السنة النبوية: – عن سَبُرَة الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع ألا وإن الله قد حرمها إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فَلْيُخَل سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً) رواه الأمام مسلم. وهذا الحديث يفيد: – التصريح بنسخ زواج المتعة. – تأبيد التحريم لها حرمت إلى يوم القيامة. -عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب: "أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية) البخاري وأحمد. -عن ابن عمر رضي الله عنه قال: لما ولي عمر بن الخطاب، خطب الناس فقال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثا ثم حرمها، والله لا أعلم أحدا يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه سلم أحلها بعد أن حرمها)) حديث حسن رواه ابن ماجة. وهذا نص صريح في أن عمر رضي الله عنه لم ينه عن المتعة من عنده بل أحيا سنة تحريمها وأقره الصحابة على ذلك. – عن الربيع بن سبرة عن أبيه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن نكاح المتعة عام الفتح [أخرجه مسلم وغيره. إجماع علماء الأمة على تحريم زواج المتعة وأن جوازه لا يقوله إلا رافضي: أجمع الصحابة على تحريم نكاح "المتعة "وقد انعقد هذا الإجماع في شورى الصحابة حينما نهى عنها عمر رضي الله عنه وهو على المنبر أيام خلافته، وأقره الصحابة على ذلك كمال قال ابن العربي: وقد كان ابن عباس يقول بجوازها، ثم ثبت رجوعه عنها، فانعقد الإجماع على تحريمها، فإذا فعلها أحد رجم في مشهور المذهب [الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405ه/ 1985م، (5/132، 133)]. وقال الجصاص: وقد دللنا على ثبوت الحظر بعد الإباحة من ظاهر الكتاب والسنة وإجماع السلف… ولا خلاف فيها بين الصدر الأول على ما بينا وقد اتفق فقهاء الأمصار مع ذلك على تحريمها ولا يختلفون [الجصاص في تفسيره 2/153]. وقال المازري: انعقد الإجماع على تحريمه ولم يخالف فيه إلا طائفة من المستبدعة وتعلقوا بالأحاديث الواردة في ذلك وقد ذكرنا أنها منسوخة فلا دلالة لهم فيها [المعلم 2/131]. وقال الإمام القرطبي: (الروايات كلها متفقة على أن زمن إباحة المتعة لم يطل وأنه حرم، ثم أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض)، نقلا عن فتح الباري 9/216-217. وقال القاضي عياض: "..ووقع الإجماع بعد ذلك على تحريمها من جميع العلماء إلا الروافض [انظر صحيح مسلم بشرح النووي 9/181]، و(انظر فتح الباري 9/173). وقال القرطبي: "أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض" [نقلا عن فتح الباري 9/78-79]. من خلال هذا التأصيل الصراح والتدليل بالنصوص الصحاح يتضح تحريم هذا النكاح بما يقطع لسان كل منحرف ملحاح، ثم يتبع برد الشبهات في مقال لاحق -إن شاء الله-. والله أعلم.